الانتقال الى مكتبة الفيديو
 
أوَراقَ الحــــــبُّ فـــــي غيــــــر مـــوسمـــــِهِ؟
السبت 15-09-2012
 
ياسين طه حافظ

هو هذا الطريق القديم نمرّرُ فوقه أسماءنا

ونخطّ عليه متاعبنا، كل حلمٍ غدا حطباً كل ريشٍ رمادْ.

عائدين شيوخاً من الصيد، ذاك الذي لم نصدْهُ،

وذاك الذي ظل هيكلهُ في اليدينْ.

قاماتنا الشبحية توغلُ مائلة تتلمّسُ خطاً

يمرّ على شقّ تيهٍ بوسع ذراع يعجّلُ رحّالة دون أي متاعْ،

الطريق الذي صلبّتَهُ الخطى الذاهبات أمشي عليهِ

أُزيدُ صلابتهُ للذين يجيؤون من بعد - ماذا أرى؟!

ليس غير الطيور تحطّ على الشتلات الصغيرةِ،

فرَّت وما تركت أثراً لتحنَّ

ونحنُ بقينا عواطفنا معنا وعواطفنا القادماتُ

تريدُ إزاحة ما قبلها بجناح يحاولُ ألاّ يغيبَّها!

الطريقُ يُغيّب ما كان فيه، وما يستمرُّ مشوبٌ.

واني أُحسُّ بشيء... وراء الكلامْ.

طيرُها محْرُج الجنحِ لا يستطيع مراوغةً

وهي صافية الضوء حين يغيبُ التذكّرُ، واضحةٌ في الكلام.

ولكن تظل الحناجرُ مخدوشةً من نبيذٍ قديمٍ،

أنا احزن حين أرى وجهَها حائراً في التقاطعِ،

أنهي الكلامَ وأمسكَ في كفّها...،

هكذا الحب في غير موسمهِ.

غصُنٌ خبَّأ خضرتهُ في الحطامْ.

وبقايا التواريخ تخرج للشمس ما بين حين وحينْ...

فتوقَّ العثار بفاجعةٍ! هي خضرتُنا ابتعدتْ

والطيور تواصل رحلتها كمصابيحَ مطفأةٍ وكأنْ لا تعودْ.

وأرى بشراً يزحفون على وجعٍ.

غادروا صامتين بأسمالهم:

ذلك الجمرُ هذا الرمادْ.

كل وقتٍ له زرعهُ اليانعُ، للهفوات جمالٌ

"هي الهفوات، قالت، واخفت على، ربما أسفِ، وجهَها.

كل فاصلة رغبةٌ وانكسارٌ. هو الحزنُ حزنٌ

وتلك الطيور استدارت لتكمل دورتها،

ربما انتبهت للمكيدة، حطّتْ على جدولٍ.

ترتوي قبل أن تلتقي بالنهايةِ-

يا لعذوبة باردها السلسبيلْ

أيّة امرأةٍ كل شيء بها كاملٌ، كل شيءٍ جميل!

ذلك آخرُ ما زوّدَتْهُ الحياةُ الضنينة للعابرينَ،

وهمُ يرحلون فرادى ليجتمعوا فوق ذاك الفراغ البعيدِ

وكل على وجهه صخرةٌ تستضيف تواريخَهُ

وتقدم لله خاتمةً تشتكيهٍ،

فهل أحدٌ سيُعير انتباهاً إلى صخرةٍ بين تلك الصخورْ؟

جدول تتماوج أفراحُ فضتِهِ معنا إذ نسيرْ

ربما ليودّعنا، ربما هو بعض المحبة فيه على حزننا،

ربما ليرى حدَّ ذاك اليباسِ

ويعرف آخر جذر يرفُّ إلى قطرةٍ بقيتْ-

أتذكُّر آخر قبلاتها القاتلات عذوبتُها -

تتراجع موجاتهُ، حين نوغل، مكسورةً بالرياح

مهدَّدةً بالصخور النشاز ومنكسرين نرى كلَّ آتٍ يغيبْ:

الشجيرات والماء والأسَلُ الطالع والعزَّلُ المتعبون...

هو هذا الطريق الذي سلكتْهُ البساتينُ-

حبُّك بستاننا الغائب أينع في غير موسمِهِ

وسيسلكهُ يوم تهجرنا الشمسُ إلى ابدٍ..

وأنا الآن اسقط قشرا يبيساً عليهِ،

التراب يغيّرُ وجهي ويأكل ما يتساقطُ

كلُّ الطيور اختفت.

قامتي وحدها في الطريق وحبُّكِ أوقفني فجأة:

"لن تغيبَ! فبستاننا أطلع أزهاره كلَّها

وهو هذا اللقاءُ

الذي ظلَّ يرسمه اللهُ وأكملهُ فجأةً والتقينا بلا موعدٍ...".

الطريق التوى يلتوي، التوى يلتوي

ابيضاً صلَّبتْهُ الخطى وأنا اتساقط لحماً وخطوا

انا والقصائد والحب والرغبات.

ذلك الطيرُ يلقط حبَّتَهُ

وأنا الآن وحدي على دكةٍ حجرٍ ألقط الحبّة بيضاءَ-

يلتقط الحبّةَ الشيخُ ويمسكُ منضدةً

لا تردُ انكسارَ محبتّه ودماراً مخيفاً على روحِهِ.

وقد امتلأ الآن حُبّاً وحزناً:

يراها المُضيئةَ تجتاز كلَّ القماماتِ كي تصل الوردةَ،

لا وردةٌ في الخرائب. غربتُها توجع الروحَ.

يرنو لها من بعيد ويخجل حين تعودُ

وقد غيّب الدربْ رونقَها والدلالْ –

"لطخةٌ في قميصكِ.... يقطع جملتهُ!

ما يزال على صمته، الكلماتُ مثقَّبةٌ تتساقط منها أماناتُه،

الكونُ متّسخٌ حوله.

لا يفارقه وجهُ تلك التي أشعلتْ نارَها،

بعثرَتْ في الطريق حقائقَهُ،

هو ما بين لوعتها وانهيار الكلام المهذّب في عثرةٍ،

أرجفت سِلْكَ إصغائِه ورأى في الكلام شروخاً تدثّرها:

قصصُ الحبّ ناقصةٌ

ذلك حزن الحياة الذي لا يكفُّ،

حزنُ كل الذين أحبوا وغابوا على عطشٍ.

كلُّ من اذكرُ اليومَ ميتْ.

ما تزال البساتين مكتظّةً في اليمين ومكتظَةً في اليسارْ

وأنا في الممرّ الذي صلَّبتْهُ الخطى-

الحبُّ أطلع أفراحَهُ كلَّها.

وهي لي قدّمتْ روحَها، فأنا لست ذاك الذي قبل هذا النهارِ،

ولكنها ندبْةٌ كلما شئت أدنو تدثّرها بالكلامْ.

الطيور اختفت. والحبيبة في الحالتين تخبّئ شرخاً أحسُّ بوخزتِهِ:

هي جائحة الحبّ طافحةٌ كلُّ أشواقها،

فأنا بين حين وحين، أراها تمسّ لذاذةَ ما هي تنكرُهُ...

صارمٌ وجهُها حين تغضبُ

لكنها تهبط السلَّم ناعمةَ الروحِ والحبُّ جاوز طاقتَها.

وهي خجلانة تستدير تعدّل جملتها:

تتواطأ خلف الكلام على نار روحيَ.

اعرفها ندبةً بقيت، كم لهجتُ لألمسها ويُعطّلني شرفٌ

لا يريد مساومةً والسموُّ الذي يفرح الله وهذا الجمال العجَبْ!ّ

ارتضِ الحزنَ في الأرضِ.

وارضَ بهذي الحقيقةِ.

في الأرض يصدأ حتى الذهبْ!

وليبارك حزنَكَ هذا الندى الملكيُّ على جدْبةِ العمرِ،

هذي العذوبةَ في صوتها واليدينْ

أنت في الحالتين تظل تحب وتهلك في البعد عشقاً،

وتهلك في القربِ حيفاً:

هو الحبُّ في غير موسمِهِ!

أجلسُ الآن وحدي على دكَّة حجرٍ

أودعتني بترياقها صيحةً لا تكفُّ

أمسك حنكي بكفيَ مرتجفاً: كيف اخسر كلَّ الذي قد رأيتْ؟

أنا بين كل العبور الكثيرين يصحبني وجهُ غائبةٍ،

أتنفسُ أشذاءها وأضيءُ ببهجتِها. صار هذا الطريقُ

الترابيُّ أجملَ كلِ الدروب إلى اللهِ.

أنا آخرَ هذا الطريق وظلَّ بأوّلِهِ سرُّها!

هكذا الحبُّ في غير موسمه

هكذا ينتهي السفرْ

كان قيسٌ ينام على حجرٍ

وأنا الآن أجلسُ وحدي على دكّةٍ حَجَرْ!

 
   
 



اقـــرأ ايضـــاً
أدباء العراق يستنكرون اقتحام ناديهم الاجتماعي: على القوة المقتحمة تقديم الاعتذار
"جراح القلب معارض لحملة القمع".. من هو مسعود بزشكيان الفائز بانتخابات الرئاسة الإيرانية؟
بعد توقف 10 سنوات.. الجوية العراقية تعلن بدء تسيير رحلات بين بغداد وبكين
راصد جوي يبشر العراقيين بانخفاض في درجات الحرارة ويحذر من الكهرباء
ما علاقة "جماعة القربان"؟.. البصرة تسجل 70 حالة انتحار في 6 أشهر
ستارمر: عملنا عاجل، ونحن نبدأه اليوم!
السويد تتحرك بعد حكم بالإعدام على 3 من مواطنيها في العراق
السوداني: زيارة بارزاني لبغداد مهمة .. بارزاني: سعيد جدا بلقائك
بغداديون يحاربون الصيف بـ"مراوح الماء" ويطالبون الأمانة بانقاذهم
متفجرات تحت جامع النوري الكبير في الموصل تعلق أعمال إعادة إعماره
أميركا تعرض "صياغة جديدة" لمقترح وقف إطلاق النار في غزة
الزميل العزيز موسى مشكور (أبو نضال).. وداعاً
 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





للمزيد من اﻵراء الحرة