الانتقال الى مكتبة الفيديو
 
الجواهري .. سيرة شعرية
السبت 13-10-2012
 
ياسين النصير

يمكنك أن تقرأ الجواهري شاعرا، ناقدا، صحفيا،رجل مجتمع، معارضا، ثوريا، مناضلا، من جوانب عديدة، فسيرته لا يحتويها نوع أدبي ولا صحيفة ولا رئاسة مؤسسة الأدب العريقة في العراق، وبالرغم من أنه لم يؤلف غير الشعر والسيرة، لكنه كان موجودا في المقالة التي يكتبها لصحيفته"الرأي العام" و موجودا في سفراته في دول عديدة بوصفه مستطلعا للآخر وموجودا كعاشق للمرأة حد الهذيان بجمالها..وقد احتوت قصائده صورة المرأة  والمدن والسفر والنضال ،إن لم نقل إن انموذج المرأة كان الفضاء الإيهامي الثاني لسيرته  كلها.

ويا للصدف التي لا تتكرر، كنت معه في مواقف مهمة، كان اللقاء الأول لي معه يوم عاد للعراق ليقرأ قصيدته الرائعة "أرح ركابك من أين ومن عثر/ كفاك جيلان محمولا على خطر"، ومن ثم التقيته  وهو يوقع هوية اتحاد الأدباء لي يوم أعدنا تأسيسه في عام 1972وبرقم 17، حيث الاقتراب من الأدباء الكبار  بالنسبة لنا نحن الشباب مسألة غاية في التعقيد، وإذا بي أجلس معه عضوا في الهيئة الادارية للاتحاد، ثم التقيته مرة في حفل السفارة العراقية في براغ بمناسبة ثورة 14 تموز وقرأ قصيدة رائعة بالمناسبة، وسكنت معه في  شقة وفرها له الحزب الشيوعي العراقي في براغ، وكانت فترة الشهر التي قضيتها معه بمثابة استكشاف لجبل من جبال العراق العصية على الفهم، في هذه الفترة القصيرة تعرفت عليه جيدا، فهو غالبا ما يطبخ طعامه بنفسه، وغالبا ما ينهض ليلا بعد همهمة وتمتمة ليتناول علبة السجائر ليكتب عليها بيتا أو فكرة، وغالبا ما يسير في الشوارع وحده، هذا الكائن العملاق الذي يعيش الشعر لا يمكنه أن يتخلى عن الحياة بسهولة، والتقيته عام 1994 في دمشق بمعية المرحوم هادي العلوي وعبد  الرزاق الصافي فعرفني دون أن ينسى الاسم واللقب والعشيرة. وفي هذه الجلسة قرأ علينا قصيدة جديدة واستذكر أبياتا بعد مشاكسة مرحة من هادي العلوي من قصائد سابقة يتحدث فيها عن المرأة والسياسة والحب.

اليوم وأنا أتصفح ديوان الجواهري، أشعر أننا ظلمنا هذا الرجل، وتركنا الاحتفال به لأسرته واتحاد الأدباء فقط، وكنت شاهدا في احتفالية العام الماضي على شح المال وشح الاحتفال، وكأن الجواهري لا يعرفه العراقيون وكأن الحكومة لا تقدره حق قدره شاعرا عملاقا وشخصية وطنية، ورجلا قل نظيره في المواقف، وربما لم تختلف احتفالية هذا العام عمّا سبقها،لأنه ليس من جهة حكومية تفكر كما تفكر الحكومة المصرية مثلا بالشاعرين أحمد شوقي وحافظ ابراهيم وغيرهما، أو كما تفكر دولة الإمارات العربية  برجالها ومثقفيها ودولة الكويت بأدبائها، نحن في العراق نجهل أنفسنا بأننا أصحاب السبق في الحداثة وأصحاب السبق في قوة العمود في الشعر، وأصحاب السبق في الفنون التشكيلية والنحت، وأصحاب السبق في المرئيات والمسموعات وأصحاب السبق في فتح الجامعات .. ترى من يضاهي الجواهري وعبد الأمير الحصيري ومصطفى جمال الدين والبياتي ونازك والسياب العملاق والبريكان وغيرهم؟ لو كان هؤلاء زعماء عشائر لأقامت الدنيا العراقية لهم المناقب والعلامات، ولو كانوا شعراء وأدباء في الصومال أو اليمن لتذكرناهم صبح مساء، ولكنهم أدباء العراق، ومثقفوه، ومناضلوه، ولذلك لا أحد من السياسيين يعرف قيمة المثقف..

ومن هنا نقول و– عسى أن ينفع القول-: حري بدار الشؤون الثقافية أن تعيد طبع دواوينه، وطبع سيرته، وحري بأقسام الادب في الجامعات أن تخصص فقرات لدراسة الجواهري وأشعاره وحري بالحكومة العراقية أن تقيم له أكثر من تمثال، في مدن العراق كلها،وحري  بالبرلمان أن يؤسس باسمه جائزة الدولة العراقية للثقافة.

 
   
 



اقـــرأ ايضـــاً
أدباء العراق يستنكرون اقتحام ناديهم الاجتماعي: على القوة المقتحمة تقديم الاعتذار
"جراح القلب معارض لحملة القمع".. من هو مسعود بزشكيان الفائز بانتخابات الرئاسة الإيرانية؟
بعد توقف 10 سنوات.. الجوية العراقية تعلن بدء تسيير رحلات بين بغداد وبكين
راصد جوي يبشر العراقيين بانخفاض في درجات الحرارة ويحذر من الكهرباء
ما علاقة "جماعة القربان"؟.. البصرة تسجل 70 حالة انتحار في 6 أشهر
ستارمر: عملنا عاجل، ونحن نبدأه اليوم!
السويد تتحرك بعد حكم بالإعدام على 3 من مواطنيها في العراق
السوداني: زيارة بارزاني لبغداد مهمة .. بارزاني: سعيد جدا بلقائك
بغداديون يحاربون الصيف بـ"مراوح الماء" ويطالبون الأمانة بانقاذهم
متفجرات تحت جامع النوري الكبير في الموصل تعلق أعمال إعادة إعماره
أميركا تعرض "صياغة جديدة" لمقترح وقف إطلاق النار في غزة
الزميل العزيز موسى مشكور (أبو نضال).. وداعاً
 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





للمزيد من اﻵراء الحرة