يقولون أن الله أنزّل (124) ألف مرسل ونبي ليصلح شأن عباده ولم يفلح هؤلاء الأنبياء والمرسلون للوصول بمجتمعاتهم لما أراده الله ، وليس هذا قصورا بأنبياء بهم ولكننا نحن البشر لا نطيق صبرا على ما يرسمه الله لنا ، لذلك أفشلنا المشروع الرباني ، وهناك طرفة تقول أن الله نظر لأرضه وعباده فوجدهما يتخبطان بشرورهما وقبحهما فجمع أنبيائه ورسله وقال لهم قراره بإرسالهم الى الأرض دفعة واحدة ليصلحا من حال البشر ، وهنا تحدث عيسى ولم يصطبر قائلا ( يا رب لم ترسلنا دفعة واحدة ونحن متأكدون أننا سنلاقي من البشر أنواع العذاب والاستهزاء والسخرية بنا ، أقترح عليك ربي أن تنزل أنت لخمسة دقائق وتنهي مأساة البشر ) ، قال الرب لعيسى ( ماذا تقول ، أنا لم أنزل الى الأرض واتهمت بمواقعة أمك مريم فولدتك أنت يا عيسى ) .
والسؤال الذي أطرحه للجميع ولي شخصيا ، من هو الذي سيصلح أحوال البشرية ليصل بها الى حيث المثالية الأفلاطونية ، ولأنني من العراق سأكرس مداخلاتي عن المجتمع العراقي ومن سينهض بأعباء إصلاحه .
شريحة المثقفين هل لها القابلية على أصلاح مجتمعاتها ؟ ، سألت وسأجيب نفسي وأقول أن هذه الشريحة التي قد تشكل نسبة 2 - 5 % من المجتمع العراقي لا يمكنها أن تصلح مجتمعها ، لأنها هي تحتاج الى الإصلاح أكثر من غيرها ، ودليلي أن هذه الشريحة لم تستطع إيصال مثقف واحد منها الى قباب البرلمان أو الوزارات بما فيها وزارة الثقافة ، ومن لا يستطع ذلك لا يستطع أصلاح مجتمع والتأثير فيه .
شريحة التجار والأطباء والصيادلة والمهندسين ورجال الأعمال طبقة ميئوس منها ، باستثناء القليل جدا ، لأنها طبقة لا علاقة لها إلا بجمع المال والتلذذ بهذه المتعة .
شريحة الأحزاب العلمانية والدينية – باستثناء لا يكاد يذكر - ، أجزم أنها أحزاب أسست لغرض تسهيل الوصول للسلطة ، وخزانة الدولة ، معتمدة على دهاءها وخبثها واستغلالها أكتاف البسطاء والفقراء والسذج ، ولدي الكثير من الأسماء من منتمي هذه الأحزاب قد أودعوا السجن بتهم فساد مالي وأخلاقي وإداري .
شريحة عوام الناس من الفلاحين والعمال والحرفيين والباعة المتجولين ؟ ، همومهم تنحصر بكيفية كسب قوتهم ولا علاقة لهم من سيصل للكرسي علماني أو إسلامي ، وليس لها قابلية التأثير والتأثر لإصلاح مجتمعها الممزق .
ثم ألا يفترض أن تكون الدولة هي التي تنهض بأعباء هذه المهمات ، ولكن واقع الحال أن الدولة وعلى مدى عقد من الزمن هدرت العشرات من المليارات بين السرقة والاستحواذ وتغليب المصالح الذاتية على الصالح العام ، وتهشيم وتمزيق الوطن وبناء صروحها وأحزابها الهشة من هذا الشتات الممزق .
وسؤال أخير أضعه للنقاش وهو أليس من الأجدر أن تنهض المرجعيات الدينية عامة ، والإسلامية – بشقيها – بعملية إصلاح مجتمعي ؟ ، وسأكون صريحا وأقول أن هذا المسمى لا قدرة له على إصلاح المجتمع ليس قصورا في الفكر – مسيحي ، يهودي ، صابئي ، مسلم وبقية أديان - ولكن الغايات المالية تكمن وراء عدم بل استحالة أصلاح المجتمعات بهذه الشرائح التي لبست الدين ستارا لأغراض دنيوية وليس دينية ، ولو كانت موضوعتي غير إضاءة لسردت الكثير عن الملابسات والتداخلات والأستذكارات عن هذه الشرائح الدينية واستئثارها بأموال العوام والفقراء .
من المؤكد أن الجميع على يقين أن المؤسسات التعليمية – العراق - هي المرجحة للنهوض بأعباء عملية الإصلاح المجتمعية ، لكن هذه المؤسسات أريد لها التخريب المتعمد لتصل الى هذه الهاوية السحيقة ، بدءا من الخراب في المؤسسات التعليمية بسبب الحروب التي زج بها البلد وصولا الى ما بعد سقوط الصنم ومسك المؤسسة التعليمية من أناس جهلة ولا خبرة لهم في أساليب قيادة هذه المؤسسة المهمة والمؤثرة جدا ، أذن من سيحمل هذا العبء الخطير والثقيل والبلد أصبح بحاجة ل(124) ألف مرسل ونبي ومصلح كما أرى ، للإضاءة ........ فقط .