الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
من يلعن الناس في العراق
بقلم : د. ناهدة محمد علي
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

تتشعب حاجات الناس اليومية، وقد يصبر البعض ويكفر البعض الآخر، والجميع على أبواب خزينة الدولة وعلى ميزانيتها، ولكن منطق الدولة أو بألأحرى رجالها والذين بأيديهم مفاتيح المُلك هم من يقرر أن تكون الخزينة فارغة ( أم مليانه ) وهم في كل الأحوال ناظرون إلى جيوبهم ثم إلى جيوب حُماتهم ثم إلى توفير الأمن والأمان لهم ولسلطتهم وأسباب الأمن من جيش وشرطة، ومن ثم إلى جيوب الفقراء، وفي هذه الحالة هو حق وألف حق لمسؤول اللجنة المالية في البرلمان العراقي أن يلعن الناس بقوله وفي تقريره المالي ( يلعن أبو الناس ) لأنه برأيه هم الرعاع فهم لم يتجولوا في القارة الأمريكية ولم يجربوا حياة الترف والرفاهية، ولم يمتلكوا بنوكاً ولم يدخلوا الأسواق المالية، وأخيراً لم يقودوا أحزاباً ترفع شعارات المساواة والديمقراطية، وأقصى ما يتمنونه هو تخريج أبنائهم من الثانوية ولقمة الخبز الحلال . لا أفهم لِمَ يلعن الناس الدكتور ( أحمد الجلبي ) وقد سلموه ( الصاية والصرماية ) ، فهم من يحملون أرواحهم على أكفهم يومياً ويعجنوا خبزهم بعرقهم الحار، وهم من تنتشر دماؤهم على أرصفة بغداد، وهم أيضاً من أحنوا ظهورهم ليصعدوا من فوقها على الكراسي . ومن يستطيع أن يلعن الجوعى والخائفين والذين يبعثون بأبنائهم لمقاومة الإرهاب وأيديهم على قلوبهم عسى أن يعودوا سالمين ، وهم من حفروا الخنادق حول بغداد ليجعلوا من ركام أجسادهم سداً يحمي بغداد من الطوفان ، ومن من هؤلاء المتعطرين يجرأ على السير في شوارع بغداد وأزقتها وينظر في عيون المارة ويقول ( إسألوني قبل أن تفقدوني ) ، وهم وإن سألوه فلن يجيب ، وإن أجاب فهو كاذب، وإن صدَق فستدور من حوله وعليه شبكات الفساد والفاسدين الذين لن يسمحوا أن تمر أنابيب النفط إلا عبر جيوبهم .

لقد سمعت من الكثير من الزملاء والأصدقاء بأن العراقيين مغلوب على أمرهم وسيبقون هكذا حتى تتقطع سلسلة الفاسدين والمستهينين بقوة الشعب العراقي ، ولكن السؤال يبقى دائماً من يقطع سلسلة الفساد ، أهو الشعب نفسه أم نحتاج إلى تكملة الدور الثاني من الإحتلال ، أم يجب أن نتعلم من الشعوب المغلوبة كيف تغلبت. ومن خلال قراءات للتأريخ السياسي لشعوب مثل الهند، فيتنام، الصين، روسيا، سنجد أن هذه الشعوب لم تعتمد على قوى خارجية للإصلاح بل إستفاقت قواها الذاتية وأصلحت الخلل الذي فيها، أما بالنسبة لنا فجذورنا الذاتية لا زالت بخير لكنها بحاجة إلى مطر غزير لتستعيد خضرتها وحينها يوضع لاعنوا الشعب العراقي في مزابل التأريخ ويقف كناسوا شوارع بغداد الفقراء على قمة قبة البرلمان أو ما يسمى قانونياً ( بمجلس الشعب ) .

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 03-02-2015     عدد القراء :  4818       عدد التعليقات : 0