الانتقال الى مكتبة الفيديو
 
سوق الكتاب.. إحدى مشكلات الثقافة العراقية
الأربعاء 24-10-2012
 
خضير فليح الزيدي

حين يمتهن المؤلف مجانية التوزيع والإهداء السريع

العالم ينطلق الى حتفه كالسهم.. أم انه يتطور بسرعة البرق؟ في الحالة الأولى التي يطلقها الكاتب الذي لا يتفاعل رسميا مع حركة التطور الهائلة وغير مدرك لمفاهيم ومشروطيات التطور وجدليتها لحركة التاريخ.. فالكاتب القابع في زاويته يتصور ذاته انها غير معنية بحركة التطور الهائلة من حوله.. منكب على التأليف والقرطاس بصورته البدائية.. لا يهمه التسويق او غير مدرك لما يحدث خارج أسوار غرفة التأليف  حتى..

وفي موضوعة الاهداء لكتب المؤلف المعزول في قمقمه، تبرز ثمة إشكالية غير معلنة في عدم التواصل الحقيقي بشكل جدي مع المنجز الثقافي غير المدرك حركة التطور وعلاقتها بحركة التاريخ.. تُثير الكتب المهداة حساسية الكاتب صاحب المنجز الثقافي وإحباطه أحيانا، بعد فترة من توزيعه المجاني لمطبوعه الجديد.. وهو يُصدم مرة بعد مرة بعزوف البعض عن قراءة كتابه، متذرعين بالانشغال وعدم التفرغ.. او خضوع الكتاب الى طابور القراءات المتراكمة التي ستنجز بتواريخ غيبية ضبابية وبعد سنين.. الكاتب (المسكين) يوزّع كتابه الجديد بين ثلة من القراء المفترضين كونهم قراء اصلاء قد أجهزوا قراءة على التراث الثقافي العالمي حسب الادعاء.. وهم طبعا نخبة من الأدباء او المثقفين بصورة عامة وان تناقصت أعدادهم هذه الأيام.. شاهدت البعض منهم في معاقلهم في اتحاد الأدباء او في سوق المتنبي.. كيف يتهافتون على اقتناء الكتب المهداة دون القراءة المتفحصة؟ كيف يمتهن المؤلف مجانية التوزيع والإهداء السريع؟

 ربما وجدت البعض يهدي الكتاب مرتين الى نفس الشخص، دون أن يعلم بذلك.. وهو دائخ بنشوة المطبوع وحالما انه سيحطم كل حواجز الإهمال والهامشية في طباعته لمنجزه الجديد.. يذيله الى فلان المبدع ......مع التقدير.إلا إن مشكلة الكتب المهداة تبدأ من خلال عدم الاهتمام المريع والمخيف من مستقبل المطبوع الثقافي.. في تلك المجانية والرخص والاستسهال لتوزيع المنجز على حفنة قراء.. هجروا القراءة بشكل نهائي والى الأبد، مكتفين بثقافة سمعية او قراءة الملخصات حول الكتب المهداة..

 أرى أن التقليد المتوارث فيقضية الاهداءات المجانية تطيح حتما بسمعة الكاتب والكتاب معا.. وتلك قضية يفترض إعادة النظر من خلال المؤسسات الثقافية والأشخاص على السواء،  يجب أن نلتفت الى قضية في غاية الخطورة اليوم.. (نحن نعيش عصر القارئ).. الاحتفاء بالقارئ لهو حتما أفضل من الاحتفاء بالكاتب.. حتى قضية حفل التوقيع فهي الأخرى أسوء من سابقتها، إن حفل التوقيع لا يتعدى الاحتفاء بالكاتب دون الكتاب بحجة عدم الاطلاع عليه. فهو يتم على عجالة تنتهي الحفلة في تواقيع لجمهرة من (الناس) ربما البعض لا يفتح الكتاب مطلقا..ولو افترضنا هنا أن الكاتب قام بتوزيع كتابه مقابل ثمن بسيط، في محاولة لجس نبض الشارع الثقافي وحساسيته إزاء الكتاب وثمنه الزهيد..أجد أن معظم المتجمهرين سوف ينفضون عن الكاتب والكتاب.. تبتعد جمهرة المثقفين المفترضين عن حفل التوقيع الى غير رجعة.. إذن المشكلة هنا في استسهال ومجانية الكتاب تلك التي انقلبت على سمعة الكتاب ومجد الكاتب المفترض..فيما لو فجّرنا قضية أخرى في سوق الكتاب والتداول، هي لو استخدمنا الإعلام المبالغ به من مجموعة تمتهن الترويج عن كتاب ما، يقول البعض عن الكتاب المروج زيفا (انه كتاب عظيم.. جدير بالقراءة..كتاب مهم) الكتاب العظيم قد نفد من الأسواق فعلا وتلك لعبة السوق الجديدة في الترويج، او الكتابة الضدية على الكاتب وخطورة تداوله او سحبه من الاسواق.. وربما سيتم استنساخه في مكتبة استنساخ متخصصة، سيكون الكتاب ذا شأن بين أوساط الكتبيين ( تداوليين او مروّجين او باعة) .. أما القارئ الحقيقي فهو وحده سيدرك اللعبة ويكشف زيفها او يصمت كعادته.. بعد محاولته الاطلاع على أسرار المتن لذلك الكتاب في قضيته المفتعلة..ذلك يحدث باستمرار في الثقافة العراقية وخصوصا هذه الأيام، بعد الانفجار الذي حدث في المطبوع العراقي وإعصار الطباعة وسيلها الجارف.. لا يمر يوم من دون أن نجد أكثر من عنوان ممدد في سوق الكتب..فالكتاب المقروء هو ذلك الكتاب الذي يثير لغطا بين أوساط القراء سواء كان اللغط مع او ضده سلبا او إيجابا.. لا يهم سوى تلك الجعجعة التي ليس بالضرورة أن تنتج طحنا واضح الملامح.. فالمهم هو ذلك اللغط الثقافي الذي ينحت صورة الكتاب في التداول السمعي للثقافة السائدة..أما مواضيع كشكولات وتذيلات التوقيع في صفحة الكتاب الأولى.. فهي تبدأ دائما بالصديق المبدع وتنتهي بالمودة والتقدير وتلك غدت كليشة جاهزة فيها من حسن المودة والرجاء وحتى التوسل في قراءة الكتاب.. الذي انزل من قدره المؤلف الذي يحاول أن يبضّع او يوزّع كتابه في مرحلة غابت فيها مؤسسات وشركات التوزيع والنشر الحكومي المدعوم.. مع التقدير.

 
   
 



اقـــرأ ايضـــاً
أدباء العراق يستنكرون اقتحام ناديهم الاجتماعي: على القوة المقتحمة تقديم الاعتذار
"جراح القلب معارض لحملة القمع".. من هو مسعود بزشكيان الفائز بانتخابات الرئاسة الإيرانية؟
بعد توقف 10 سنوات.. الجوية العراقية تعلن بدء تسيير رحلات بين بغداد وبكين
راصد جوي يبشر العراقيين بانخفاض في درجات الحرارة ويحذر من الكهرباء
ما علاقة "جماعة القربان"؟.. البصرة تسجل 70 حالة انتحار في 6 أشهر
ستارمر: عملنا عاجل، ونحن نبدأه اليوم!
السويد تتحرك بعد حكم بالإعدام على 3 من مواطنيها في العراق
السوداني: زيارة بارزاني لبغداد مهمة .. بارزاني: سعيد جدا بلقائك
بغداديون يحاربون الصيف بـ"مراوح الماء" ويطالبون الأمانة بانقاذهم
متفجرات تحت جامع النوري الكبير في الموصل تعلق أعمال إعادة إعماره
أميركا تعرض "صياغة جديدة" لمقترح وقف إطلاق النار في غزة
الزميل العزيز موسى مشكور (أبو نضال).. وداعاً
 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





للمزيد من اﻵراء الحرة