الانتقال الى مكتبة الفيديو
 
انعــكاس
الجمعة 11-01-2013
 
يحيى صاحب

حين لمحتَ وجهاً في المرآة لم تندهِش. لأنَّه من المُستحيل أن يكون هذا وجهك. فلا بُدّ من أنَّ أحداً، من غير أنْ يقصد، يقف وراءك، الآن. لأنَّكَ موقن، تماماً، من أنَّكَ لم تعُد موجوداً. وليس، ثَمّةَ، ما يمنع هذا من أنْ ينعكس فيها. ألأنَّكَ انتهيتَ من هذه المسألة؛ مسألة موتك، بمُجرّد ما حثُّوا عليك التُراب؟ لا سيّما إذا كان هذا لا ينزلُ مذروّاً، بل في كِتل من الجِدم، كبيرة. ولم تكُن لتنسى، حين هبط هذا، من بين أسنان شِفلٍ مُفزع، أنَّكَ قد سُوّيتَ بالأرض، ولم تبدر منكَ أيّةُ مقاومة لدفعه عنك، لأنَّكَ كُنتَ مُنشغِلاً، بحفر نفقٍ، يسمح بمرور خيط، من الهواء، مهما كان رفيعاً، ليتنفَّس الطفل المُـلقى إلى يسارك.

لم يستمر نَفَسي، طويلاً، لأتأكّد من أنّني قُمت بهذا، على نحوٍ كافٍ، إسعافاً لطفل، بطريقةٍ ما. وحين انقطع نَفَسي، لم يعُد بوسعي القطْع، بأنّني قُمتُ بما تمنّيتُ أنْ أقوم به، على الوجه الصحيح. على أيّة حال، لم يتبقّ لي، ضميرٌ في مكانٍ ما، يضغطني، ويُسبّب لي ألما، لأنّني لم أستطع أنْ أنقذ طفلاً يحتاجُ إلى الحياة أكثر مما أحتاج، وتحتاجُ إليه الحياة، أكثر من حاجتها لي.

 استدرتَ إلى الوراء لتتأكّد من أنَّ هناكَ مَن لا يزال يقف، وراءك، الآن. إنَّه ليُشبهك، وليس، هناك، أدنى شكّ. لولا أنَّ، ثمّة ، شيئاً فيه، قال لكَ، بلُغة واضحة، خالية من أيّ تردّد؛ إنَّه رجل آخر، أُجِّل، عن طريق الخطأ، من غير أيّ ترقين لقيده، مع وجبة من البشر أُخرى، إلى المقبرة التالية. وعندَما التفتَّ، بعد أن يئست ، تماماً، من وجود أيّ رجل يشبهك،أو، لا يشبهك، وراءك، حدّقتَ، من جديد، في المرآة. وجدتَك بإزائه وجهاً لوجه: عيناك، حاجباك، جبهتك، وجنتاك، وشعرك الأسود الذي خالطه ما ليس بقليل من الشيب! وبما أنَّكَ لستَ ممن يؤمنون بالأشباح، وجدتَ نفسَكَ، بعد تدقيق لم يطُل، أمام شبحك. وإلى هذا، وقد اكتشفته، مؤخراً، يرجع السبب، في فشل بعض الجوانب الأُخرى، لتكون المُطابقة تامّة.

كيفَ تذكّرتَ الطفل: سألتَ نفسك؟ فأجابكَ شبح المرآة: لا طفلَ، هناك. كُلّ مَن كان معك، حين هبطت عليكم، جميعاً، الكيلةُ ألأُولى ، هو أنت.  بدليل، إنَّ مَن اكتشف المقبرة، بعد عشرين عاماً، عثروا، فيمن عثروا عليهم، العديد من الأطفال. مازالوا أطفالاً فقط. ألا ترى أنَّه خلال هذه المدّة، لم يحُل الموتُ بينه وبين مواصلة النظر، في المرآة، ورؤية كُلّ ما لم ترهُ أنتَ، قطّ ! فلماذا ، وقد رأى كُلّ ذلك، تندهش من أنَّهُ لا يسنّ ولا يهرم!

 
   
 



اقـــرأ ايضـــاً
السوداني: زيارة بارزاني لبغداد مهمة .. بارزاني: سعيد جدا بلقائك
بغداديون يحاربون الصيف بـ"مراوح الماء" ويطالبون الأمانة بانقاذهم
متفجرات تحت جامع النوري الكبير في الموصل تعلق أعمال إعادة إعماره
أميركا تعرض "صياغة جديدة" لمقترح وقف إطلاق النار في غزة
الزميل العزيز موسى مشكور (أبو نضال).. وداعاً
تعزية من الاتحاد الديمقراطي العراقي
بحضور الجالية العراقية.. نصب تذكاري للجواهري يضيف بهجة لعاصمة التشيك
صالات القمار.. بعضها لغسيل الأموال وأخرى تتبع لجهات متنفذة
المالكي يبحث عن "نهاية سعيدة".. ولاية ثالثة قبل تقاعده
في كردستان العراق مقابر منسية لنساء ضحايا جرائم العنف الأسري
في يوم مكافحة المخدرات.. بيان عراقي عن "المتاجرين الدوليين والمحليين"
أردوغان: خطط نتانياهو ستتسبب بـ"كارثة كبرى" ونحن نقف إلى جانب لبنان
 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





للمزيد من اﻵراء الحرة