الانتقال الى مكتبة الفيديو
 
طقوس مبدعينا الخاصة في الكتابة الآن
الثلاثاء 22-01-2013
 
بغداد- زياد جسام

وهنا نتساءل هل إن هذه الطقوس لها تفاصيلها الحميمة المثيرة للفضول  لدى أدباء عصرنا الحديث، بعد إن  تغيرت الكثير من الأمور التي تخص الحياة اليومية للأديب، إذ أن  المثقف بات  يكتب ويقرأ على الآلة الحاسبة واستثمر الانترنت، بل ربما الموبايل، وهل لهذه التغيرات العصرية التي حدثت تأثير سلبي أم إيجابي في  نوعية الكتابة في الدلالة  والأسلوب، وإلى أي مدى كانت تلك التأثرات، توجهنا بتساؤلاتنا هذه إلى بعض أدبائنا، كي نخرج بمحصلات معينة إزاء طقوس أدبائنا راهنا.  

الطقس.. ابن البيئة

حدثتني الشاعرة  والتشكيلية رنا جعفر ياسين عن طقوس الكتابة وشجونها  قائلة: هي علاقة تنشب مع رمز ما في المحيط وتصبح تكرارا لوقت معين، قد يتغير أو ينقطع وقد يستمر، تشعرُ الإنسان بخصوصية يبتغيها، فكرة الطقوس  تصاحب غالبية  البشر، أي لا تقتصر على الكتاب أو الفنانين، حيث  تخلق معطيات الحياة اليومية في كل عصر نمطا معينا عند الناس يتلاءم  مع ميولهم، ويختلف هذا النمط من شخص إلى آخر بحسب طريقة تعاطيه مع البيئة ومفرداتها، هنا ينشأ ما نسميه الطقس، أراه ليس حكرا على المبدعين هو فقط عُرف عنهم لأنهم تحدثوا عنه و ربما أصبح  وسيلة للتعريف عن أنفسهم وميولهم ونزعاتهم، بالإضافة إلى أن الطقس يخلق خصوصية لتعاطي الأفراد مع حدث ما أو عادة ما أو شيء ما.

أما عن اختلاف الطقوس فقالت: اختلاف الطقوس يأتي باختلاف مفردات البيئة في كل زمان ومكان، وكيفية العلاقات التي تؤسسها تلك البيئة مع أفرادها، ما يخلق مناخات متنوعة بأوجه الراهن من الاشياء، و بالنتيجة لا يعني ذلك  أن الاشخاص الذي يعيشون عصرنا الراهن بتكنلوجياته الكثيرة التي غلبت على أكثرية  تعاملاتنا البسيطة الفطرية مع الحياة هم أشخاص ستكون لهم طقوس سيئة ، بل بالعكس هي تخلق أسلوبا آخر جديدا للتعبير عن فكرة الطقس بشكله ومضمونه المعاش اليوم، والذي يعكس من خلاله علاقة الانسان ببيئته الجديدة.

مناخ الكاتب ابن بيئته ويؤسس لطقسه الخاص الذي يتمثل في حالة تجعل فعلا ما سائدا لبعض الوقت أو كله، قد يكون سلسا أو يكون متطرفا، المهم  أنه يشعره بالإرضاء،  ويثير فيه ما يجعله يشعر بخصوصية عالمه عن عوالم الآخرين. في الوقت نفسه  قد يكون لطقس ما أثر في نتاج إبداعي مغاير وهذا هو الأجمل.

العزلة ...مفتاح الرؤية

القاص ناظم محمد العبيدي كان له حديث آخر، إذ قال: الشيء المهم لدي  هو إنه.. حين أبدأ بعد تفكير طويل في مشروع كتابة رواية، أسعى إلى أن أكون في عزلة مع ذاتي ولا يشتتني شيء، ربما لأن المناخ الذي أسعى إلى تقديمه عبر النص يحتاج إلى الكثير من الحرية، فضلاً عن تلك الرغبة المضنية في إيجاد نبرة ملائمة للنص، واستحضار المعلومات الضرورية وتقديمها في الوقت المناسب مع تقدم أحداث ومصائر الشخصيات، في روايتي الأولى (الطائر والجمجمة)كنت أكتب بخط اليد، ثم أبيض ماكتبته في دفتر آخر في صيغته النهائية، وأحب أن يكون بقلم الحبرالذي يشعرني بشيء من التصالح مع الورقة، لأنني من الطفولة مولع بذلك النوع من الأقلام وهو أمر شخصي جداً. وتحدث العبيدي عن مسألة الوقت فقال: ليس لي وقت معين للكتابة، لأنني ينبغي أن أكون في حالة تركيز، ويمكن أن أسهر إلى وقت متأخر، أو أنهض من نومي لكتابة شيء ومض في ذهني بشكل مفاجيء، لأن الحدس لدي أهم بكثير مما أجمعه عادة  وأقصد المخطط العام الذي يرتسم في ذهني لشكل الرواية وتفاصيلها، لأن الجزء الأهم في رأيي .. ما يجعل كل ذلك مقنعاً وممتعاً في الوقت  ذاته، وكم من تفصيلة مهمة جاءت إلي كهبة من الحدس وشكلت بؤرة مهمة داخل النص، في السنوات اللاحقة صرت أكتب بواسطة الكومبيوتر، لم أشعر بالكثير من التغيير لأنني كنت قد استخدمت الطابعة الميكانيكية، لكن حنيني للقلم أثناء الكتابة مازال يلح أحياناً علي بسبب تلك الرغبة القديمة .

وتحدث العبيدي ايضاً عن الإحباطات في الكتابة، وقال.. إن أكثر ما يصيبني بالإحباط أثناء الكتابة هو حدوث أمر ما يأخذني بعيداً عن مناخ الرواية التي قطعت شوطا في كتابتها، لهذا أحاول دائماً أن أوفر الجو الملائم قبل أن أبدأ .

تفريغ الشحنات

وبين لنا الروائي علي لفتة سعيد بأن لكل أديب طريقته في الكتابة، ولكن لا تكون طقسا مستمرا ربما هو نوع من التوازن بين أن تفرغ الشحنات التي تتحول إلى ضجيج للكتابة،وبين أن تكون في مكان يسمح لك أن تفرغ هذا الضجيج إلى حروف على ورقة وأضاف قائلاً: الطقس الكتابي للإنسان العراقي في زمننا الذي يمتد من نهاية السبعينيات حتى الآن كان طقسا متذبذبا، ربما لم تسنح لنا أن نكون كما هم الكتاب الذين لهم طقوس خاصة كالجواهري الذي يغني، ربما أنا أشبه بصموئيل بيكت حين أكتب وأنا جائع، ليس بالضرورة أن اكون جائعا لأكتب، ولكن لا يهم أن أكتب وأنا جائع وربما أشبه رامبو في الكتابة أيضا في الأماكن المتحركة لأني تعودت كثيرا أن اكتب وأنا أستقل السيارات سنوات الحصار، وأن أجوب المدن بائعا في الاحياء الصناعية للأدوات الاحتياطية للسيارات،مثل سندباد يستقل سفن الجوع بحثا عن قوت يومه، وكانت هذه السيارات مجالا واسعا للمخيلة ،فاقرأ او أكتب.  ما أعنيه أن لا طقس لنا نحن الجيل الذي لم يحترف الكتابة بقدر احترافه للألم وكيفية تحويل هذا الألم إلى صناعة وإبداع ونتاج ثقافي، أن الكتاب المحترفين ربما لهم طقوسهم ، وربما هم يخلقون طقوسا خاصة بهم لكي يسيروا عليها إذا ما نجحوا في اندماج الذات معها لتصبح داخلة في كينونتهم وهذا أيضا صناعة للطقس مثلما هو صناعة للأدب، ومن ثم  تتحول الطقوس إلى عادة أو ثبات على حالة لا يمكن له أن يغيرها.

وهنا نتساءل هل إن هذه الطقوس لها تفاصيلها الحميمة المثيرة للفضول  لدى أدباء عصرنا الحديث، بعد إن  تغيرت الكثير من الأمور التي تخص الحياة اليومية للأديب، إذ أن  المثقف بات  يكتب ويقرأ على الآلة الحاسبة واستثمر الانترنت، بل ربما الموبايل، وهل لهذه التغيرات العصرية التي حدثت تأثير سلبي أم إيجابي في  نوعية الكتابة في الدلالة  والأسلوب، وإلى أي مدى كانت تلك التأثرات، توجهنا بتساؤلاتنا هذه إلى بعض أدبائنا، كي نخرج بمحصلات معينة إزاء طقوس أدبائنا راهنا.  

الطقس.. ابن البيئة

حدثتني الشاعرة  والتشكيلية رنا جعفر ياسين عن طقوس الكتابة وشجونها  قائلة: هي علاقة تنشب مع رمز ما في المحيط وتصبح تكرارا لوقت معين، قد يتغير أو ينقطع وقد يستمر، تشعرُ الإنسان بخصوصية يبتغيها، فكرة الطقوس  تصاحب غالبية  البشر، أي لا تقتصر على الكتاب أو الفنانين، حيث  تخلق معطيات الحياة اليومية في كل عصر نمطا معينا عند الناس يتلاءم  مع ميولهم، ويختلف هذا النمط من شخص إلى آخر بحسب طريقة تعاطيه مع البيئة ومفرداتها، هنا ينشأ ما نسميه الطقس، أراه ليس حكرا على المبدعين هو فقط عُرف عنهم لأنهم تحدثوا عنه و ربما أصبح  وسيلة للتعريف عن أنفسهم وميولهم ونزعاتهم، بالإضافة إلى أن الطقس يخلق خصوصية لتعاطي الأفراد مع حدث ما أو عادة ما أو شيء ما.

أما عن اختلاف الطقوس فقالت: اختلاف الطقوس يأتي باختلاف مفردات البيئة في كل زمان ومكان، وكيفية العلاقات التي تؤسسها تلك البيئة مع أفرادها، ما يخلق مناخات متنوعة بأوجه الراهن من الاشياء، و بالنتيجة لا يعني ذلك  أن الاشخاص الذي يعيشون عصرنا الراهن بتكنلوجياته الكثيرة التي غلبت على أكثرية  تعاملاتنا البسيطة الفطرية مع الحياة هم أشخاص ستكون لهم طقوس سيئة ، بل بالعكس هي تخلق أسلوبا آخر جديدا للتعبير عن فكرة الطقس بشكله ومضمونه المعاش اليوم، والذي يعكس من خلاله علاقة الانسان ببيئته الجديدة.

مناخ الكاتب ابن بيئته ويؤسس لطقسه الخاص الذي يتمثل في حالة تجعل فعلا ما سائدا لبعض الوقت أو كله، قد يكون سلسا أو يكون متطرفا، المهم  أنه يشعره بالإرضاء،  ويثير فيه ما يجعله يشعر بخصوصية عالمه عن عوالم الآخرين. في الوقت نفسه  قد يكون لطقس ما أثر في نتاج إبداعي مغاير وهذا هو الأجمل.

العزلة ...مفتاح الرؤية

القاص ناظم محمد العبيدي كان له حديث آخر، إذ قال: الشيء المهم لدي  هو إنه.. حين أبدأ بعد تفكير طويل في مشروع كتابة رواية، أسعى إلى أن أكون في عزلة مع ذاتي ولا يشتتني شيء، ربما لأن المناخ الذي أسعى إلى تقديمه عبر النص يحتاج إلى الكثير من الحرية، فضلاً عن تلك الرغبة المضنية في إيجاد نبرة ملائمة للنص، واستحضار المعلومات الضرورية وتقديمها في الوقت المناسب مع تقدم أحداث ومصائر الشخصيات، في روايتي الأولى (الطائر والجمجمة)كنت أكتب بخط اليد، ثم أبيض ماكتبته في دفتر آخر في صيغته النهائية، وأحب أن يكون بقلم الحبرالذي يشعرني بشيء من التصالح مع الورقة، لأنني من الطفولة مولع بذلك النوع من الأقلام وهو أمر شخصي جداً. وتحدث العبيدي عن مسألة الوقت فقال: ليس لي وقت معين للكتابة، لأنني ينبغي أن أكون في حالة تركيز، ويمكن أن أسهر إلى وقت متأخر، أو أنهض من نومي لكتابة شيء ومض في ذهني بشكل مفاجيء، لأن الحدس لدي أهم بكثير مما أجمعه عادة  وأقصد المخطط العام الذي يرتسم في ذهني لشكل الرواية وتفاصيلها، لأن الجزء الأهم في رأيي .. ما يجعل كل ذلك مقنعاً وممتعاً في الوقت  ذاته، وكم من تفصيلة مهمة جاءت إلي كهبة من الحدس وشكلت بؤرة مهمة داخل النص، في السنوات اللاحقة صرت أكتب بواسطة الكومبيوتر، لم أشعر بالكثير من التغيير لأنني كنت قد استخدمت الطابعة الميكانيكية، لكن حنيني للقلم أثناء الكتابة مازال يلح أحياناً علي بسبب تلك الرغبة القديمة .

وتحدث العبيدي ايضاً عن الإحباطات في الكتابة، وقال.. إن أكثر ما يصيبني بالإحباط أثناء الكتابة هو حدوث أمر ما يأخذني بعيداً عن مناخ الرواية التي قطعت شوطا في كتابتها، لهذا أحاول دائماً أن أوفر الجو الملائم قبل أن أبدأ .

تفريغ الشحنات

وبين لنا الروائي علي لفتة سعيد بأن لكل أديب طريقته في الكتابة، ولكن لا تكون طقسا مستمرا ربما هو نوع من التوازن بين أن تفرغ الشحنات التي تتحول إلى ضجيج للكتابة،وبين أن تكون في مكان يسمح لك أن تفرغ هذا الضجيج إلى حروف على ورقة وأضاف قائلاً: الطقس الكتابي للإنسان العراقي في زمننا الذي يمتد من نهاية السبعينيات حتى الآن كان طقسا متذبذبا، ربما لم تسنح لنا أن نكون كما هم الكتاب الذين لهم طقوس خاصة كالجواهري الذي يغني، ربما أنا أشبه بصموئيل بيكت حين أكتب وأنا جائع، ليس بالضرورة أن اكون جائعا لأكتب، ولكن لا يهم أن أكتب وأنا جائع وربما أشبه رامبو في الكتابة أيضا في الأماكن المتحركة لأني تعودت كثيرا أن اكتب وأنا أستقل السيارات سنوات الحصار، وأن أجوب المدن بائعا في الاحياء الصناعية للأدوات الاحتياطية للسيارات،مثل سندباد يستقل سفن الجوع بحثا عن قوت يومه، وكانت هذه السيارات مجالا واسعا للمخيلة ،فاقرأ او أكتب.  ما أعنيه أن لا طقس لنا نحن الجيل الذي لم يحترف الكتابة بقدر احترافه للألم وكيفية تحويل هذا الألم إلى صناعة وإبداع ونتاج ثقافي، أن الكتاب المحترفين ربما لهم طقوسهم ، وربما هم يخلقون طقوسا خاصة بهم لكي يسيروا عليها إذا ما نجحوا في اندماج الذات معها لتصبح داخلة في كينونتهم وهذا أيضا صناعة للطقس مثلما هو صناعة للأدب، ومن ثم  تتحول الطقوس إلى عادة أو ثبات على حالة لا يمكن له أن يغيرها.

 
   
 



اقـــرأ ايضـــاً
السوداني: زيارة بارزاني لبغداد مهمة .. بارزاني: سعيد جدا بلقائك
بغداديون يحاربون الصيف بـ"مراوح الماء" ويطالبون الأمانة بانقاذهم
متفجرات تحت جامع النوري الكبير في الموصل تعلق أعمال إعادة إعماره
أميركا تعرض "صياغة جديدة" لمقترح وقف إطلاق النار في غزة
الزميل العزيز موسى مشكور (أبو نضال).. وداعاً
تعزية من الاتحاد الديمقراطي العراقي
بحضور الجالية العراقية.. نصب تذكاري للجواهري يضيف بهجة لعاصمة التشيك
صالات القمار.. بعضها لغسيل الأموال وأخرى تتبع لجهات متنفذة
المالكي يبحث عن "نهاية سعيدة".. ولاية ثالثة قبل تقاعده
في كردستان العراق مقابر منسية لنساء ضحايا جرائم العنف الأسري
في يوم مكافحة المخدرات.. بيان عراقي عن "المتاجرين الدوليين والمحليين"
أردوغان: خطط نتانياهو ستتسبب بـ"كارثة كبرى" ونحن نقف إلى جانب لبنان
 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





للمزيد من اﻵراء الحرة