بعد مسيرة عطاءٍ طويلة ومشرّفَة، غادرنا يوم 26 حزيران من على ارضِ كندا الى دار المجد والخلود، شخصٌ عراقيٌ معروف، مُخضرمٌ عاصر كل العهود، مناضلٌ منذ اربعينات القرن الماضي، وهو المحامي عبد الرحيم اسحق قلو، تلك الموسوعة من الافكار والمدارك والقيم، كرَّسها لوطنِه العراق وشعبِه، بكُل اديانه وطوائِفه، وقد عانى ذلك الوطن المتجذِّر في التاريخ، طويلاً من تعقُد الاوضاع السياسية والإثنية والدينية، على مدى عقودٍ من الزمن.
عُرف بعقله المنفتح، وحسن متابعته، واهتدائه منذ نعومة اضفاره، الى بوصلة الحياة التي لا تُخطئ، وهي الفلسفة المادّية الجَدَلّية، فرَكب سفينةَ النضال، اجتازتْ بِحاراً مُتقلبةِ التضاريس، تعرضت لرياحٍ هوجاء عَصفت بها من كل جانبٍ، وكل ذلك لم يثنِه من مواصلة طريقِه وحسب قدراتِه، فكُلُّ انسانٍ يَهِبُ ما يملك، فرضي عنه الناس ورفعوا إسمَه، منذ ان كان معلماً في مدرسة القديس يوسف ببغداد، وموظفاً في شركةِ نفط كركوك، ومُحامياً يُشارٌ له بالبَنان، ونزيلَ سجونِ الطُغاة، وحتى استقراره في كندا قبل اكثر من ثلاث عشرة سنة، فلم يتوقف عطائه وكتاباته التي اغترفها من خزين ذكرياته، التي كانت بمثابة منبع لا ينضب، حتى جرع كأس المنية في نهاية المطاف.
كتب عبد الرحيم بيمناه حتى كلَّت، فانتقل الى يسراه، ضَعُفَ بَصَرُه ولكن بقيت بصيرَتُه، كنت ألجأ اليه في كل مرة عن طريق الهاتف، ليعطني المعلومة الصحيحة التي احتاجها، وقد اختزنها بأمانة على مدارِ السنين، كان لا يبالغ البتّة، ولم يُمجّدْ نفسَه ابداً، بل كان يمجّدُ الآخرين، مِمَّن تدورُ الأحاديثُ عنهم.
في اوائل الستينات وثورة 14 تموز في اعوامها الاولى، ادخل عبد الرحيم قلو مع اخيه يوسف اولَ حاصدةَ حبوبٍ الى حقول القوش الزراعية، لتحلَّ محلَّ المنجل والبيدر، كان لا يتقاضى ثمن الحصاد من العوائل الفقيرة، وتلك احدى صفاته التي لم يحد عنها ابداً، عمل لعدة سنوات بهمة واخلاص حتى عام 1963، حيث وقع انقلاب 8 شباط الدموي فاعتقل لعدة سنوات. ويذكر ايضا انه انتمى الى الحركة الوطنية عام 1943، وقد سبقه في التنظيم المرحوم الاستاذ حبيب الياس ݒولا، فعندما طلب منهم اختيار اسماء حزبية اختارا الأسمين: سنحاريب، وسرحدون.
كلما غادر احد اقربائي هذه الدنيا، يكون المبادر في الاتصال لينقل أسفِه ومواساته، لم اجاريه بالمِثل فاصبح الدينُ في رقبتي، ولم يتخلف في الاتصال بي سوى المرة الاخيرة، في وفاة اختي صبيحة يوم 21 حزيران، توقعت مخابرته في اية لحظة، ولكن قبل الوصول الى اميركا لتفحص هاتفي، وانا لم أزَل في القوش مع افراد الاسرة، وصلني الخبر الاليم في توقف قلب عبد الرحيم الكبير عن الخفقان.
نم قرير العين يا ابا سعد، فكتابك( صحافة بلا رقيب) بين أيدينا، معين لنا ومصدر ثري لفِهم هموم العصر، لقد كفيت ووَفيت، واكملتَ رسالتك التي من اجلها ولدت، كنت مخلصا لقضية شعبك ووطنك، ولبلدتك القوش، واسرتك المتمثلة في زوجتك الاصيلة سميرة الياس مدالو، وولديك: سعد ونصير، وبناتك: انصار، غادة، مي، ايفا، واحفادك.
ليكه زِلِّه رحِقلِه مْعَلْمَـــــه.......... رحَقْتِحْ ليلَه خْلَصْتَه دْخُلْمَـه
بْپايِشْ إمَّن صُرتَه وصَلمَه.......... وِلْ تَدْ خاشِكْ لْيلِه وْيَومَـــه
أثْ طَنّانَه مْشَمْهَ وْرامَــــه.......... بِدْ تَخرِخْلِه وِل نوحامَــــــه
عَمَّن براخِش وفّايِت لْقامَه.......... شْينَه بْشارِه وْبْدايِم دْيامَـــه
أيْكِدْ زْالِ هاوْ بِشلامَــــــه.......... شِمِّح مْبَرْبِزْ بْيوشَه وْيامَـــه
عْواذِح پْيشِه آخه وتامَـــه.......... لپاثه دْزونَه رْشْيمِه رْشامَـه
بابَه دْ سَعَد مْيوقرَه وْبِأيـَـه.......... مِنْ تَيِمْنَه وِلْ گرِبْيـَــــــــــه
بكاوِحْ شِمَّه دْألقوش عِلْيَـه.......... بْناشِ طاوِ وِلْ بْارويـَـــــــه
ماثَه بْرِخْتَه هَر بِدْ رويَــه.......... يِمِّدْ گورِه هَر بِدْ هويَــــــــه
ما قِد هاوِ زَونَه قِشْيَــــــه.......... خِشْكهْ بْفايِتْ وْݒايِشْ نِشْيـَــه
رحيم قلّو بْدَرْغَه وْݒْيشَــــه.......... بْكاوِحْ وْخِنِّه عْلْيلِه رْيشَــــه
گو حَقّوثَه ناشَه پْرْيشَـــــه.......... وبْأُرخَه دْعَمَّه شِنِّه رْخْيشَـه
كْمَ كَهاثَه بشلِه حْويشَـــــه.......... بْيذِ دِجْمِنْ مْݒيلَه وْديشـَــــــه
گو شُعْباذَه وْمَرِ وْحِشَّــــه.......... طِنِّه كْيوِح وْآوُ رْيشَـــــــــه
بْيثْ بْي قِلّو مِليَه مْناشِـــه.......... مِنْ تِلَّعْفَر وِلْ مَنْگيـشِـــــــه
گو كْينوثَه مِخْ قَشّيْشِــــــه.......... وْتَحْيروثَه دَرْقُل بْيشِــــــــه
هويَه دوكِحْ وَرْدِ خْضِرتَه.......... مِن كُل شِكْلِ وْيْرقَه پْرِستَه
گو يوماثَه مْشِمْشَه زْرِقْتَه.......... وْليلَواثَه مْصِهرَه بْهِرْتَـــــه
لْيلَه دْمَختِحْ إلّا نْيَخْتَـــــــه.......... صَپرَه عَمَّه بياصِرْ قُشْتـَــه
نْيشَه دِيَّحْ خْدِمَّه سْمَقتَــــه.......... بْكاوَحْ مَگلَه رِشْ ݘَكُشْتَـــه