الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
الزهايمر المرضي - السياسي
بقلم : د. ناهدة محمد علي
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

يعتبر مرض الزهايمر من أخطر أمراض الشيخوخة وأكثرها شيوعاً ، حيث يعاني 5% من الناس بين سن 65 - 74  من هذا المرض ، وتزداد النسبة مع التقدم بالعمر فتصبح في سن 85  بنسبة 50% ، وهنالك عدة أسباب لهذا المرض تتعلق بكيمياء المخ ، حيث يتراكم نوع من البروتين غير الضار في العادة بين خلايا المخ وتمنع إتصالها , وإسمه العلمي Amyloid beta , ويحدث المرض أيضاً حينما تحدث تغيرات بألياف بروتين آخر إسمه Tau protein حيث تلتوي ألياف هذا البروتين وتلتف لـذلك يتهدم المبنى الداخلي للخلايا الدماغية بالإضافة إلى ضعف الإتصال بينها ، لذا تتلف الخلايا العصبية لهذا المريض ثم يُقضى عليها فيما بعد ، وقد يصل المريض في المراحل المتأخرة إلى الصعوبة في المضغ والبلع والتحكم في الإفرازات الخارجية مع التوهان التام وعدم القدرة على تحديد الزمان والمكان ، وعدم القدرة أيضاً على إيجاد الكلمات لأي موضوع مهما كان بسيطاً ويومياً ، وتصبح ذاكرة المريض كورقة بيضاء أو ذاكرة طفل مولود للتو ، ولا يمكنه التعرف على من حوله وبيته ، وينسى المريض مواقع الأشياء ويبدأ بتضييع كل شيء مثل مفاتيح السيارة لكنه ينتهي في المرحلة الأخيرة بأن لا يعرف لأي شيء تستعمل هذه المفاتيح ، ويصعب عليه الربط بين المسميات والأشياء ، ووجوه الأشخاص والأسماء .

وقد يعاني المريض في المرحلة الأولى من الكآبة والعزلة وفقدان الرغبة في الحركة ، وفقدان الثقة بالآخرين والعدوانية ، ونسيان المواقع القريبة والأحداث القريبة ، وهو قد ينسى ما حدث بالأمس لكنه يتذكر أشياء حدثت منذ زمن ، ثم يبدأ رويداً رويدا بنسيان هذه أيضاً وتتحول مشكلته من ضعف الذاكرة إلى إنعدام الذاكرة . والأسباب تتعلق بالعوامل الوراثية والتي هي العامل المشترك للكثير من الأمراض ، ويتعلق أيضاً بنوع الغذاء وخلوه من الخضراوات والفواكه مع عدم التمرين العقلي والمواصلة بالتفكير العقلي ، ومن المهم لإبعاد هذا المرض أو تأخيره الإنغماس في الأعمال العقلية والقراءة والإستخدامات الألكترونية والإطلاع والحفظ المستمر وتمرين الذاكرة على حفظ الأسماء والمعلومات ، وكما تتعرض العضلات الجسدية للضمور إذا ما إبتعد الإنسان عن الحركة والتمارين الرياضية يمكن أن يتعرض العقل للهشاشة والضمور بالإنزواء وعدم الإطلاع والإبتعاد عن الممارسات العقلية والمقارنة والتحليل . ويلاحظ أن هناك الكثير من المبدعين والنشطاء العقليين الذين هم فوق سن الـ 60 والـ 70  ، ومن العلماء مثل أنيشتاين ومن الأدباء مثل  تولستوي ، الجواهري ، لكن لكل قاعدة إستثناء ، وقد يصيب الزهايمر الإنسان في سن مبكرة في الـ 40 مثلاً فتبدو على هذا الشخص الشيخوخة المبكرة والقصور العقلي فيعود كما بدأ طفلاً في ذاكرته وقد تُختصر حياته لأن إرتباط المخ بالعمليات الحياتية للجسم الإنساني هو إرتباط وثيق .

إن الكائن البشري هو كتلة متوازنة وأي خلل بالمراكز الأساسية مثل الدماغ أو القلب يُشكل قلباً لموازين هذا الإنسان وتفكيره وحركته .

إن المصابين بالزهايمر المرضي هم غير مخيرين بإختيار هذا الدهليز المظلم بفقدان الذاكرة وعدم الربط بين تفاصيل الأشياء ومسمياتها والذي يقلب موازين حياة هذا الفرد ، لكن هناك من يختار هذا المرض عمداً ليحوي عقله نظريات فلسفية أو سياسية غير مكترث في المنطق أو الزمان والمكان ويطبق نظريات ليس لها علاقة بالحاضر أو الماضي والمستقبل ، وقد تبدو مجرد تهويم غير منطقي لأشخاص يُعتقد بأنهم أسوياء ، لكنهم يسيرون على نهج غير سوي . وقد خرج علينا التأريخ بفلسفات كثيرة لا يحكمها المنطق  ، لكن هناك بالعالم العربي منظمات سلفية أو سياسية تأخذ من الماضي الشيء القليل ولا تعتمد على حقاق الحاضر والمستقبل ، فتصاب بفقدان الذاكرة وتطالب الشعوب بأن تفقد ذاكرتها أيضاً ، فهي قد تأخذ بالأداة التي إستعملها المسلمون الأوائل وهي السيف لكنها تخطيء الإتجاه فتذهب إلى الرقبة الخطأ ، وتخطأ التصويب ، فلا تأخذ بحيثيات الحاضر وإحتياجاته ومنطقه وتغيرات الز من . ويأتي بعض مروجي الفلسفات السياسية فينسى تماماً قدرة الفرد العربي على التغيير ، وينسى أيضاً نسبة إحتماله والترمومتر المتعلق بنسبة صبره ، وتأتي المنظمات الإرهابية فتلغي الفكر والتأريخ العربي والإنساني ، فهي لم تلاق رواجاً في أكثر الشعوب تخلفاً بل تتكشف ثم تتعفن وتأتي بدائل لها فتنقلب الموازين ، فيصبح القاضي مداناً ويصبح المدان بر يء ، وفقدان الذاكرة في هذه الحالة لا ينفع مؤسسي النظريات الساسية العنفية أو الإرهابية ، وإن صبر الشعب حيناً فهو لن يصبر طويلاً مهما تعددت الديانات والقوميات ، والدليل على ذلك ما حدث في الهند والصين وروسيا . ولم يذكر التأريخ ملك أو قائد حاصر شعبه  ولم يُدخل الفرح على قلوب أبناء الشعب إلا وزال بعد حين ، وكل النظريات الإستبدادية تنفيها الذاكرة السوية للشعوب مثل ( جوع كلبك يتبعك ) ونظرية ( فرق تسد ) . وما يحدث الآن في العراق هو دليل على ذلك ، فلم تستطع الطوائف أن تقسم الشعب لأن مطالبهم موحدة ، ولأن ذاكرة الظالم محدودة وأحياناً بلا ذاكرة ، فهو ينسى التأريخ السياسي العر اقي ، فقذ يربط العراقيون الأحزمة على البطون لحين وقد يصكوا على أسنانهم لحين آخر ، وقد تصبح بيوتهم مدفن لآلامهم ، لكن المرجل العراقي قد ينفجر وليس هذا مرهوناً بدرجة حرارة الجو ، بل بدرجة القسوة التي تعرض لها العراقيون ، لذا فكل دساتير الدول العربية ناقصة وبضمنها العراق ، وهناك صفحة مقتطعة تضم التأريخ السياسي والإجتماعي لكل شعب والذي يحدد نسبة تحمله ويوم إنفجارة .

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 01-09-2015     عدد القراء :  4377       عدد التعليقات : 0