الانتقال الى مكتبة الفيديو
 
تلفزيون بغداد الأقدم في الشرق الأوسط لكنّه بلا حضور مؤثّر
الخميس 09-05-2013
 
عبدالجبار العتابي - إيلاف

استذكر العراقيون تأسيس تلفزيونهم قبل 57 عاماً باعتباره أول تلفزيون عربي، لكنهم مع عذوبة الشعور بحلاوة الماضي فهم لا يجدون في حاضر التلفزيون ما يمنحهم فكرة أن السنوات الـطويلة كانت امتدادًا واحدًا.

وفي مطلع شهر آيار/مايو من كل عام تأتي ذكرى تأسيس تلفزيون بغداد لتفتح اوراقًا قديمة وعتيقة تجعل اهله من العاملين فيه والناس الذين ارتبطوا به يعودون الى ايامه، ولهذا فقد وجد ملتقى الاذاعيين والتلفزيونيين المناسبة فرصة للاحتفال بالاسماء التي كان لها حضور، وبالتالي هي فرصة لجمع ما يستطيع جمعه من ذكريات عاشها العديد من اعضائه، فأتوا بعدد من (كيكة) الميلاد واحتفلوا بمسيرتهم.

فيما وجدنا المناسبة فرصة للسؤال اذا ما كانت القناة التي تحمل اسم (العراقية) امتدادًا لذلك التلفزيون أم أن الصلة بينهما انقطعت، ومن المؤسف أن تكون الاجوبة أن لا حضور للتلفزيون على الصعيد العربي، وأنه ما زال يدور في فضاء المحلية وأن القناة العراقية التي وجدت نفسها تمثل البديل له لم ترتقِ الى مستوى ما كان عليه التلفزيون حتى في سنوات الاسود والابيض.

الراعي الاول لكل القنوات الفضائية

في الاحتفالية تحدث المذيع احمد المظفر قائلاً: نحن نحتفل بالذكرى السابعة والخمسين لتأسيس اول تلفزيون عربي في الشرق الاوسط هو تلفزيون بغداد الذي لا يرتبط بأية حكومة أو نظام سياسي، لأنه تلفزيون الشعب، عندما نحتفل بتلفزيون بغداد نحتفل بزمن الاغنية السبعينية الجميلة وزمن البرامج الرائعة التي كانت تقدم بالاسود والابيض، وعندما نحتفل بتلفزيون بغداد نحتفي بالاسماء الكبيرة التي ظهرت على شاشته منذ تأسيسه، تلفزيون بغداد هو الراعي الاول لكل القنوات الفضائية الموجودة الآن في الساحة العراقية .

واضاف: مرة سألني احد المشاهدين وانا اقدم برنامجًا من خلال (البغدادية) قائلاً: انت كنت مذيعًا في تلفزيون بغداد وفي اذاعة بغداد، فقلت له اتشرف أنني تخرجت من المؤسسة العامة للاذاعة والتلفزيون .

معلومات عن يوم افتتاح التلفزيون

ثم وجد من المفيد أن يذكر معلومات عنه قائلاً: تأسس تلفزيون العراق عام 1956 ، وبدأت القصة قبل ذاك بعام، حين حضرت احدى الشركات الالمانية للمشاركة في معرض تجاري للاجهزة الالكترونية في بغداد وصادف أن من بين معروضاتها مرسلة للبث التلفزيوني باللونين الاسود والابيض مع ستوديو صغير مجهز بلوازم التصوير وعدد من الاجهزة التلفزيونية التي شدت انتباه العراقيين واصابتهم بالدهشة، وبعد انتهاء المعرض قررت الشركة اهداء تلك المعروضات الى حكومة العراق الملكية انذاك، واول مدير للتلفزيون هو عندنا احمد راسم النعيمي واحتل هذا المنصب بعد عودته من الولايات المتحدة الاميركية وحصوله على شهادة الدبلوم في السمعية والبصرية، والماجستير من جامعة انديانا الاميركية، اول مذيع قال: هنا  تلفزيون بغداد هو محمد علي كريم، تزينت سماء بغداد هذا اليوم بسارية كهربائية جديدة ترتفع في الفضاء الى علو 140 قدماً وتسجل صفحة جديدة في تاريخ العراقي ترمز لتقدمه وتطوره، إنها سارية التلفزيون العراقي التي افتتحها جلالة الملك فيصل الثاني وأصبح العراق بها اول دولة في الشرق الاوسط لها محطة تلفزيون، وفي اليوم الثاني من شهر ايار وفي ذكرى ميلاد جلالة الملك فيصل الثاني جرى حفل الافتتاح في ساحة رحبة من ساحات دار الاذاعة العراقية تحف بها اشجار كثيرة تدلت منها عناقيد زاهية من مصابيح ملونة اضفت على المكان جمال وروعة، وامام وحول بناية المحطة احتشدت جموع كبيرة من الناس ينتظرون حفل الافتتاح، وقد استحدثت الحكومة مديرية خاصة بالتلفزيون مهمتها الاشراف على امور المحطة واعداد البرامج .

الخبرات ضعيفة وتقنيات هائلة

من جانبه قال الاذاعي خالد العيداني، رئيس اتحاد الاذاعيين والتلفزيونيين: الف تحية وألف شكر والف تقدير واجلال للعاملين في التلفزيون من ذلك الوقت الى حد الآن، لأنهم رواد المهنية والحركة التلفزيونية والاذاعية في العراق عمومًا، بدأ تلفزيون بغداد بتقنيات متواضعة لكن خبرة، هناك عملية عظيمة تدرب عليها اجيال، واليوم توجد تقنيات عظيمة وهائلة جدًا، ولكن الخبرة ضعيفة، فأرجو من الذين يعملون حاليًا في القنوات الفضائية أن يعلموا أنهم امتداد لتلفزيون بغداد وأن يتركوا بصمة للأجيال القادمة لكي يبقى تلفزيون بغداد والقناة العراقية منارًا يقتدى به في جميع الفضائيات العراقية والعربية.

وبعيدًا عن الاحتفالية، كنا نقف متسائلين عن حال الواقع التلفزيوني العراقي، لاسيما قناة العراقية المنبثقة من العنوان الكبير لتلفزيون العراق وعلى مكانه في منطقة الصالحية وفي بنايته.

دائرة عثمانية

يقول الفنان مقداد عبد الرضا: على الرغم من أن تلفزيون بغداد اقدم تلفزيون في المنطقة العربية لكنه لم يستطع أن يجد له هوية صحيحة بسبب الانقلابات والثورات التي حدثت، هذا اولاً، وثانيًا كان حظ التلفزيون العراقي اوفر قبل الاحداث لأن كان ينفرد على المشاهدين وليس هنالك غيره من القنوات الأخرى، الآن فلتت الزمام منه ، ولا احد في الوطن العربي يشاهد القنوات العراقية بدليل أن الممثل العراقي ظل حبيس القناة العراقية ما عدا واحداً أو اثنين بسبب الظروف ، قسم سافر الى سوريا، وانتشار القنوات العراقية غير جيد ، واعتقد أن قناة العراقية من الممكن أن تكون افضل ولكنها حولت الى دائرة حكومية وبالتالي اصبحت تشبه الزمن العثماني ، أي دائرة عثمانية لا اكثر ولا اقل ، فالبرنامج المراد عمله بعد ستة اشهر ينفذ أو اذهب وتعاب، وكتابنا وكتابكم، والمالية صرفت والمالية ما صرفت، فلا توجد هكذا قناة في العالم ، انا اعتقد أن على الدولة أن تبيع قناة العراقية الى قطاع خاص ، وإن كان ليس هنالك قطاع خاص بسبب أن القنوات الآن مدفوعة الثمن ، يعني لأجندات إما سياسية أو دينية ، واذن انا اشك في اداء القنوات جميعًا .

شاشة عرض للملابس والمكياج

أما الخبير الاعلامي  مصطفى نعمان الذي عمل في التلفزيون منذ عام 1963 ، فقال : قناة العراقية والقنوات الأخرى امتداد لتلفزيون بغداد ، ولكن إن حسبت النوعية فأنا أراها الآن متخلفة ، كخبير اعلامي وكممارس ومرافق لكل مسيرة التلفزيون بجميع اقسامه ، نعم متخلفة، فلا تدريب ولا دورات ولا ثقافة ولا يتعبون على أنفسهم ولا يبحثون على كتب ولا يحاولون الاطلاع ، والكثير منهم يأتي لا أعرف من اين ولمجرد أن عنده هواية ومن ثم يصبح مقدماً أو معد برامج أو تصبح مقدمة أو معدة برامج ، ففي السابق كانت هنالك لجان فحص كلها تحت اشراف اساتذة ، واللجان تتغيّر بتغيّر الادارات ، ولكنها كانت تحاسب حسابًا دقيقًا ، حتى على الكلمة ، لذلك فإن اي كاتب سواء معد البرامج أو مؤلف الدراما يحسب حساب اللجان ، فحين يمسك القلم ويكتب تجده خائفًا وكأنما الايادي فوق يده ، اما عمل المذيع فكان أرقى عمل ، فالواحد منهم متسلح بالثقافة والقابلية والقدرة والاطلاع والمعلومة، لذلك ظهر مذيعون كبار مثل محمد علي كريم وحافظ القباني ورشدي عبد الصاحب ومقداد مراد وصباح الربيعي واكرم محسن الله يرحمه وموفق السامرائي ومن المذيعات امل المدرس وكلادس يوسف وغيرهما، لذلك فليس من السهل أن يكون اي احد مذيعاً .

واضاف : الآن مهمة التلفزيون مجرد شاشة عرض للملابس والمكياج ، فلا لغة ولا معلومات ولا خبرة مهنية مع الاسف ، وحين نتابعهم نتألم ، والمذيع أو المذيعة لا يستطيع أن يحاور ايًا كان وللأسف لا توجد دورات لهم قبل ظهورهم على الشاشة .

الفرق كبير بين الماضي والحاضر

الى ذلك قال المخرج عزام صالح : تلفزيون بغداد يختلف اختلافًا تامًا عن قناة العراقية ، رغم أن الاثنين مسيسان ولكن في السابق كان اكثر مهنية وقد انتج ذلك التلفزيون برامج مثل الرياضة في اسبوع والعلم للجميع ، والدراما فيه كانت محسوبة حيث لا يوجد منتج منفذ يأخذ اعمالاً بهذه السهولة التي عليها الآن ، وإن كانت اعلامية الا أنها تؤدي غرضاً اجتماعياً ومستقبليًا ، فكانت الدراما اكثر التزامًا مما هي عليها الآن حيث توجد محددات ، مثلاً .. في السابق اذا ما ارادت الدراما أن تقدم شخصية سيئة فإنها تقدمها فالآن لا ، ويجب أن لا تظهر هذه الشخصية السيئة ، واذن كيف يمكنك أن تخلق صراعاً بين الخير والشر إن لم تظهر ذلك .

واضاف : الآن داخل المؤسسة لا توجد مديريات ، في السابق كان هناك قسم مستقل للدراما، وكذلك قسم للرياضة وباقي الاقسام اما الآن فاختلط الحابل بالنابل ، الآن فترات المنوعات والاطفال والدراما قليلة وحتى الرياضة وكأنهم حين اسسوا قناة رياضية يريدون الناس أن يذهبوا اليها ، وكل شيء اصبح مسيّساً ، اما الاهتمام بالفنان العراقي ففي السابق كان اكثر من الحالي ، ففي سهرة الخميس حاليًا يقدمون لك ممثلاً مصريًا لا نعرفهم والسبب هناك مراسل ذهب الى مصر وهو يستقطب الفنانين المصريين ، فلماذا لا يعملون دعاية للفنانين العراقيين ؟ ، وانا اسأل العراقية من خلالكم : هل أن الفنان العراقي غير مهم لكي تذهبوا الى المصري وتأتون به وتفضلونه على العراقي ؟هل القنوات المصرية تقدم حوارات مع فنانين عراقيين ، لذلك اقول : والله ما دام العراقية خاضعة للتسييس وكل مسؤول يأتي بجماعته وهناك صراعات بين المسؤولين فإن أي منتج جيد لا يظهر  .

امتداد في الادلجة فقط

اما الفنان سعد مجيد فقال : انا اعتقد أن انسحاب الكثير من الكوادر التي كانت تعمل قبل عام 2003 في تلفزيون بغداد اثر بشكل سلبي على الصورة التي نشاهدها وعلى التقنيات ، على الرغم من أن الاجهزة الآن احدث بكثير من الاجهزة الموجودة في السابق، ولكن هذا الجهاز يحتاج الى بشر ، وإلا سيبقى صندوقًا متروكاً ، فالآن العراقية التي يفترض أنها امتداد لتلفزيون بغداد، تركز على ايفاد ناس تستحق واستقطاب خريجي كلية الفنون الجميلة والمعهد وارسالهم في دورات الى دول تجيد هذا الفن وهذا افضل من كميات كبيرة من الناس ، حيث أن كل مدير يجلب معه عدداً كبيرًا ويقوم بتعيينه، وبالتالي تجد الاغلبية منهم فائضين والقلة منهم يشتغلون ، فمن الممكن أن  تستقطب طلبة الثالث والرابع في الكلية واعتبرهم متدربين واصرف لهم مبالغ بسيطة بعد مرور مدة فيكون لديهم درسهم العملي في القناة افضل من أن يكون في الكلية بجهاز واحد أو جهازين ، وتدريجيًا ابدأ استغني عن الذين لا يعرفون كيف يوازنون كادرًا ، حيث نجد احيانا نصف المذيع مقطوعًا .

واضاف : انا لا اعتقد أن العراقية الآن امتداد لتلفزيون بغداد الا في قضية واحدة وهي قضية الادلجة ،اما في البقية فلا ، فكانت لدينا مذيعات من ابرز المذيعات في الوطن العربي ، والآن المذيعات لديهن (بلاوي) في اللغة العربية الى الكثير من الاشياء .

 
   
 



اقـــرأ ايضـــاً
بغداديون يحاربون الصيف بـ"مراوح الماء" ويطالبون الأمانة بانقاذهم
متفجرات تحت جامع النوري الكبير في الموصل تعلق أعمال إعادة إعماره
أميركا تعرض "صياغة جديدة" لمقترح وقف إطلاق النار في غزة
الزميل العزيز موسى مشكور (أبو نضال).. وداعاً
تعزية من الاتحاد الديمقراطي العراقي
بحضور الجالية العراقية.. نصب تذكاري للجواهري يضيف بهجة لعاصمة التشيك
صالات القمار.. بعضها لغسيل الأموال وأخرى تتبع لجهات متنفذة
المالكي يبحث عن "نهاية سعيدة".. ولاية ثالثة قبل تقاعده
في كردستان العراق مقابر منسية لنساء ضحايا جرائم العنف الأسري
في يوم مكافحة المخدرات.. بيان عراقي عن "المتاجرين الدوليين والمحليين"
أردوغان: خطط نتانياهو ستتسبب بـ"كارثة كبرى" ونحن نقف إلى جانب لبنان
انخفاض ملحوظ.. رياح شمالية تكسر من حدة الموجة الحارة في العراق
 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





للمزيد من اﻵراء الحرة