الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
السعودية، ينبوع الفكر الإرهابي، تؤسس \"تحالفاً إسلامياً\" ضد الإرهاب!!

   تناقلت وسائل الإعلام العربية والعالمية صباح يوم 15/12/2015 خبر تشكيل تحالف إسلامي عسكري و"فكري" يضم 34 دولة ذات أكثرية مسلمة لمحاربة "الإرهاب الإسلامي السياسي المتطرف" الذي تقوده منظمات إرهابية مثل داعش والقاعدة وجبهة النُصرة وغيرها من المنظمات "الجهادية السلفية" المسلحة. ووجه ولي العهد السعودي ووزير الدفاع محمد بن سلمان الدعوة إلى دول ذات أكثرية مسلمة للانضمام إلى هذا التحالف مثل إندونيسيا. ويؤكد البيان المشترك على ثلاث مسائل:

   ** تأسيس تحالف إسلامي عسكري وفكري ضد الإرهاب؛

   ** تقود المملكة العربية السعودية هذا التحالف،

   ** وأن الرياض مقر هذا التحالف ومركز عملياته المشتركة للتنسيق ودعم العمليات العسكرية لمحاربة الإرهاب. (قارن: صحيفة فيفاء أونلاين الإلكترونية السعودية بتاريخ 15/12/2015). والسؤال الذي راودني مباشرة هو: هل ستصدق شعوب العالم والمجتمع الدولي بأن المملكة السعودية، التي تعتبر المنبع الفكري والمصدر الفعلي لمناهج التربية الدينية والمربين والممول المالي منذ أربعة عقود لإنشاء وتطوير هذه التنظيمات الإرهابية، ستمارس هذا الدور الذي أعلنه البيان، أي محاربة الإرهاب عسكرياً وفكرياً؟

   من يستعيد تاريخ العمليات الإرهابية بدءاً من أفغانستان ومرورا بباكستان ودار السلام ونايروبي والولايات المتحدة وأوروبا ولبنان وسوريا والعراق وليبيا وتونس ومصر الصومال ودول أفريقية أخرى، وما حصل فيها من تفجيرات انتحارية وتفجيرات عبوات ناسفة وعربات مفخخة تم بها تفجير سفارات وكنائس وجوامع ومساجد وقتل مئات ألوف البشر في مناطق مختلفة من العالم خلال نيف وثلاثة عقود الأخيرة، سيجد نفسه وجهاً لوجه أمام المملكة العربية السعودية، هذه المملكة القائمة على بحيرة كبيرة من النفط الخام والغاز المصاحب، هذه المملكة التي يعتبر النفط فيها ملكاً للعائلة المالكة وحواشيها وليس للشعب العربي في هذه المملكة الخرافية، هذه المملكة التي تعلم وتخرج سنوياً عشرات الآلاف من الأطفال والشباب من مدارس الفكر التكفيري، الفكر الوهابي الذي يكَّفر جميع الأديان في العالم ويعاديها، ويعتبر الإسلام وحده دين الله الذي على المجتمع البشري كله الإيمان به والالتزام بشريعة الوهابيين.

   وقبل فترة غير بعيدة قام أحد الكتاب والمذيعين بإجراء مقارنة جادة بين المدرسة الفكرية الدينية الوهابية والمدرسة الفكرية التي يتبعها تنظيم القاعدة وداعش وجبهة النصرة وغيرها من التنظيمات الإرهابية بما في ذلك "بوكو حرام" في نيجريا، فوجد بعدم وجود أي تباين بينهما في الفكر والممارسة من حيث أنهما يطبقان معاً أسس الشريعة الوهابية.

   النسبة العظمى من قادة قوى الإرهاب الدموي أما من المدرسة الدينية السعودية أم من المؤمنين بفكر الجماعة الوهابية والعاملين على نشر وفرض شرعتها التكفيرية المناهضة لكل الديانات والمذاهب بالعالم على العالم كله. العالم كله غير مقتنع بجدية السعودية على محاربة الفكر الإرهابي، الذي هو فكرها، ولا محاربة الجماعات الإرهابية التي هي من أسسها وتعاون في ذلك مع باكستان وتركيا وقطر ودول وقوى وجماعات وشخصيات "إسلامية مشوهة أخرى". ومحاولة التهريج لهذا التحالف من جانب الولايات المتحدة والعديد من الدول الأوروبية ينطلق من رغبتها في تلميع الوجه القبيح للدولة السعودية وتحالفها معها وبيعها للسلاح الحديث لها، وهي التي تواجه نقد شعوبها لأنها تتعامل مع دولة تمارس سياسات تتعارض كلية مع جميع بنود لائحة حقوق الإنسان الدولية والوثائق والعهود الدولية كافة الصادرة بشأن شرعة حقوق الإنسان.

   من يتابع وضع المملكة السعودية سيجد إنها في محنة وأزمة شديدتين سببتها لها الحرب في اليمين والمساعدات المالية الكبيرة التي تغدقها مع قطر على القوى الإرهابية الفاعلة في سوريا. لقد أسقطت السعودية نفسها في مستنقع الحرب باليمن، التي بدأت تستنزفها وتصيب اقتصادها بالكثير من المشكلات. وقد لقت في الآونة الأخيرة ضربات عسكرية كبيرة من الحوثيين في عقر دارها، مما أجبرها على طلب إيقاف القتال والبدء بالمفاوضات بين طرفي النزاع السياسي باليمن. وهي تفتش عن حلفاء لها، إذ لم يعد التحالف العربي كاف لإنقاذها من هذه الحرب، لهذا توجهت، وبضغط كبير من البيت الأبيض، إلى تشكيل هذا التحالف الإسلامي الفكري والسياسي والعسكري "السني" ضد الحوثيين، باعتبارهم يتمسكون بشريعة تقترب من الفرق الشيعية، ويتعانون مع إيران التي يحكمها المتطرفون الشيعة ويالقوة الغاشمة. إذ إن التحالف الفكري الجديد، الذي نسجته السعودية يحد التأييد الواسع من جانب الإدارة الأمريكية، استبعد إيران والعراق من هذا التحالف، دع عنك سوريا، بل إن التحالف يسعى لإسقاط النظام السوري لا لأنه نظام دكتاتوري بحق، بل لأن الحكم بيد العلويين كما يؤكده السعوديون دوماً ولأنه حليف إيران الشيعية في المنطقة.

   إن هذا التحالف سوف لن يغير من حقيقة الدور الفكري والمالي لشيوخ الدين بالمملكة السعودية ولا من دور مناهجها التدريسية في دعم الإرهاب خلال العقود المنصرمة وإعادة إنتاجه الآن وفي المستقبل.

   ولكن التخلص من الإرهاب والفكر الديني والمذهبي المتطرف والتكفير يتطلب تغييراً جذرياً لنهج السعودية وسياساتها وتربيتها وإيقاف استخدام أموالها في ترويج الفكر الوهابي جذرياً، وهو ما يعجز عنه النظام السياسي والفكري المتطرف السائد بالسعودية ولدى الحكام السعوديين. إن القضاء على الفكر التكفيري يتطلب تصفية هذا الفكر من منبعه وليس الفروع التي نشأت عنه فقط.

  كتب بتأريخ :  الخميس 17-12-2015     عدد القراء :  3405       عدد التعليقات : 0