ارقى مكان بعد السوق يأتي الكراج او موقف سيارات الأجرة، التي تنقل الناس صغيرهم وكبيرهم من والى الموصل بشكل رئيسي، ثم الى بقية المناطق المحيطة بالبلدة. انتقل الكراج من الشارع المجاور الى شارعنا، وليصبح مقابل بيتنا الجديد منذ عام 1961 تقريبا، وكان عبارة عن ساحة مربعة يملكها( الياس ياقو حنو) ، وقبل ذلك شغلت الساحة بمواد الحصى والرمل لتبليط شوارع القوش لاول مرة من قبل المقاول الموصلي مصباح. تحيط بها البيوت واكبر بيت يقع شمالها كان بيت الياس بولا، انشأت سقائف على مدار الساحة من الاعمدة الخشبية والصفيح المعدني، واحداها شغلها الميكانيكي العائد من الموصل صبري بطرس نگارا، وبجانبها بنيت غرفة مستطيلة لها باب على الشارع، لاعمال اللحام بالقوس الكهربائي او بالاوكسجين، ليشغلها بيت شمعون كَردي( ديشا) العائدين من كركوك، هكذا امتلأ الكراج بسيارات الاجرة، وتراوحت اعدادها من 20- 30 سيارة بالوانها المختلفة واحجامها وموديلاتها وحالتها المحصورة من الجديدة الى القديمة. وتراوح السواق(*) من كبار السن الى الشباب، وقد عمل في خدمة الكراج دلالي سيارات عرفت منهم أيسف سكماني( باكوس) ، جبو تنا، يلدا سعدو فعونا. كان السواق يرتدون الملابس المدنية، ولكن ما ان تحل مناسبة اعياد او زواج حتى تراهم يرتدون الزي الشعبي( شاله وشبوك).
تواصل هذا الكراج الذي كان يعج بالمسافرين واغراضهم، وبموظفي الدولة والغرباء من كل الاديان والقوميات، فتحمل السيارة معدل 6 نفرات ويحمّل سقفها( السيباية) باغراض وحقائب حتى ترتفع بشكل جالب للانتباه، فيتم شدّها على سقف السيارة بحبال متينة، كانت اجرة الشخص الواحد( النفر) في البداية 4 دراهم اجور النقل الى الموصل، ثم اصبحت ربع دينار، واخيرا قبل قبل ان يلغى الكراج اصبحت 6 دراهم. كان ينظم جدول السواق الدلال جبو تنا، باستخدام اغلفة علب السكائر آنذاك( غازي، تركي، لوكس، جمهوري) فيربطها مع بعض بخيط مطاط( لاستيك)، ويسجل فوقها اسم السائق باللغة السريانية، كان عادلا في تسجيله، ولكن ذلك لم ينجه من مشادات مع بعض السواق، فيمن يكون له الدور( السره) للانطلاق من الكراج الى شتى الاماكن.
شهدت القوش عدة احتفالات ومناسبات، منها زيارة البطريرك الجديد مار بولص شيخو، ومنها احتفلات ثورة 14 تموز، فاصطفت السيارات على الشارع الرئيسي المبلط جيدا، وبدأت تطلق مزاميرها بشكل متواصل، كاد يهز البلدة القوش، واهلها فرحين جذلى، وبعض السواق قد ارتدى الزي الشعبي، وحتى يصلوا قرب بيت بطرس نعامة، او الى الساحة الواسعة امام مركز شرطة القوش القديم. جراء ذلك وتحديدا عام 1963 اعتقل العديد من سواق القوش ومعهم سياراتهم في الموصل لعدة اشهر، اذكر منهم بحو حنگلو بولا لذي اعتقل لاكثر من مرة ، وآخر هو صادق بهنام قلو الذي ترك سيارته في احد الوديان، والتحق بالثائر الخالد توما صادق توماس في وهدة( بسقين) خلف الجبل. اما اولاد شمعون كردي فقد انتهى المطاف باربعة منهم الالتحاق بالجبل وهم: عابد، جورج، بطرس، والشهيد فؤاد، وحكمت ابنهم الاصغر فقد اودع السجن في الموصل، وبقي فقط الشاب أدور يدير المكان، حتى انتقاله الى بغداد بعد زواجه. وكان مصير الميكانيكي صبري بطرس النجار الالتحاق بالجبل ايضا، ومصير اخيه فخري الاعتقال الطويل في السجن( حتى عام 1969) ، اما عامليهم بولص صادق بلو و ججو زورا حيدو فقد تركوا القوش الى المدن الآمنة.
من الجهة الثانية اي في الموصل كان الكراج يقع في الفيصلية، والدلال فيه يوسف ياقو كجو، فيما متعهد المقهى بداخله حامد الموصلي، كانت ارضية الكراج ترابية وفي الشتاء يصبح الدخول اليها مزعجا بسبب الاطيان، هناك عاد گليانا احد جنود القوش في الخمسينات من مكان تدريبه في كركوك عاد باجازة، فصادفه عدد من طلبة القوش الدارسين في الاعدادية الغربية، وسألوه هل انت( سلاح سز) اي معفي من التسليح، فغضب جدا، وقالوا كيف تثبت العكس، فقال هاتوا بندقية لأريكم، فلم تتوفر البندقية ولكن جلبوا خشبة بطول البندقية، فاخذها واطلق نداءات ونفذها، منها جنبك سلاح، وكتفك سلاح، وعندما اطلق نداء( الرمي) انبطح على الارضية الطينية، واطلق عدة طلقات وهمية، ثم انتهى واقفا على رجليه والماء والطين يغطيان ملابسه، ليرى الشباب غارقين في الضحك، وشرع يوجه لهم السباب المناسب.
ينهمك الدلالان الرائعان منذ الصباح بعملهم اليومي، وذلك بدعوة السواق والركاب( نفرات) من السوق او البيوت، ثم مرافقة السيارة الى المحلة العليا، او الى ( حميثا) او الى بزّاره، حين اكتمال نصاب السيارة، تسرح باتجاه الموصل على طول الطريق، فيجدها فرصة حتى يختصر الطريق فيجلس على الجاملوغ، وعند مفرق بيت زورا على الله، يجمع الكروة( الاجرة) ويسلمها للسائق، ويحتفظ لنفسه بدرهم منها لاتعابه. عندما يتضايق السواق من بعضهم او من الاوضاع القائمة، يوجهون كلماتهم التي فيها بعض التطاول على الدلالين، اضافة لذلك كانوا عرضة لمزاح بعض السواق معهم ومنهم السائق ايليا اسرائيل، واحيانا يتطور المزاح الى طور لا يتحمله العم جبو، فيؤدي دورا اعتقد تعلمه من ايام اليهود في القوش، فيصيح باعلى صوته " إلياهو الياهو جيب البَقْ بَقيِّ" ويضحك ملأ شدقيه كاشفا اسنانه كلها في مشهد أخّاذ، وعند تكرار المشهد بين فترة واخرى، افتهمت ان إلياهو اسم يهودي ل ايليا والبق بقيّ هي الإبريق، ربما سمع في زمانه زوجة احد الزوار اليهود الى مزار النبي ناحوم في القوش، وهي تنادي على زوجها منذ الصباح ليجلب لها الابريق، فتغمر الموجودين عاصفة من الضحك المتواصل، عندها يتوقف ايليا من مزاحاته الشيقة.
كانت غالبية معلمات القوش من مدينة الموصل، ويسكنن في غرف بيوت مؤجرة قرب الكراج، وباستمرار كانت تصل اليهم من اهاليهم في المدينة، الاطعمة البيتية والفواكه والخضر وغير ذلك، فكان العم جبو يحملها اليهم فيعطوه مبلغا من المال( بقشيش) ، احيانا كان يعود فارغاً، فينادي على أمّي" تعالي ابنتي كرجية نقسم الشكر بيننا" . كانت بعض المعلمات ينادين الدلال الآخر عمّه يلدا، والاول الذي هو اكبر سنا ب( جبو) فقط، فكان العم جبو يشكو والدتي هذه المفارقة. وبيت جارنا العم ياقو كانت تاتيه بين فترة واخرى مرسلات من الموصل ايضا، هكذا حمل يوما العم جبو الزنبيل الى بيتهم، فقال العم ياقو" ممنون جبو" فتضايق جبو من الجواب، لانه سيعود خالي الوفاض، فنظر حوله ورأى ربع عرق ملفوف بقماش داخل بركة الماء الحجرية( گرنه) فهجم عليها وانتشلها ليحتسيها، فلحقه ياقو، وداروا حول بستان في وسط حوش البيت، وما ان وصل جبو ثانية الى حوض الماء حتى كانت الربعية قد فرغت، فرماها في الحوض، وغادر البيت على عجل، وياقو قد بلغ به الغضب اشده.
كان والدي بين فترة واخرى يقطّر العرق( مشروب كحولي) في حوش بيتنا، وكان احد زبائننا العم يلدا فيشتري بالارباع، وعندما ينفذ خزيننا، يتوجه الى بيت جارنا أيسف ساوا هومو ليكمل المشوار، واحيانا كان يعمّر( منقل) الفحم، وخصوصا في ايام البرد، ويشوي فوقه اللحم( شياش) للمزة، او كان يبيع قسم منها بعد ان يغلفها بالصمون الحار لمن يطلبها وخصوصا من الغرباء. في احد الايام كان والدي قد فرغ من تقطير العرق، وينتظر في الايوان حتى يبرد، كي يعبئه في القناني الزجاجية، دخل العم جبو، وهو يباركه، فملأ والدي وعاء( طاسه) من ذلك العرق، الذي ما زال حارا، وناولها الى جبو فشربها، ملأ والدي اخرى فشرب نصفها ولم يستطع اكمالها فغادر. بعد حوالي ساعة عبأ والدي القناني البالغة في حدود 38 قنينة، وعند الانتهاء غيّر ملابسه وترك البيت الى سوق البلدة، فشاهد جمهرة من الناس مجلبة الانتباه، وكانوا على شكل دائرة ضيقة، فنظر الى مركزها ليرى العم جبو وقد جلس على( رگبة ونص) وهو يهز صدره نحو اليمين ونحو الشمال بقوة، وهو يصيح متحديا( گر ميدان) ومعناها مَن مِن الرجال ينزل الميدان، وعندما مد والدي عنقه ليراه اكثر، تهلل وجه العم جبو فرحا، وهو يقول( خاهي مارح) ثم يضيف قائلا" هذا الرجل الكريم امدني بالعرق، فالف شكر له" انحرج والدي من المديح، فابتعد عن الجلبة.
كانت سيارات الكراج اضافة الى نقل الركاب والبضائع، تنقل البريد واخبار المنطقة والجرائد اليومية، البريد كان فيما مضى ينقل سيرا على الاقدام من تلكيف الى القوش، وينقله المرحوم ممّو قلّو والمرحوم سليمان كتي خان، اما الجرائد اليومية، ففي فترة السبعينات كانت قوى الامن تمنع او تضايق السائق الذي يحمل صحيفة( طريق الشعب) ، ولكن الصحيفة الاخرى( الثورة) فكان يفرض نقلها اجبارا على السواق. بعض عمال القوش في الشركات مثل( دربندخان، دوكان، آي بي سي) حيث رواتبهم مرتفعة نسبيا، كانوا احياناً يؤجرون سيارة خصوصية الى الموصل، لتناول الباجة الشهيرة في باب الطوب.
الى احدى سقائف الكراج نُقلت قنفات وكراسي فاخرة من الكراج السابق، حيث اقتنيت على حساب نقابة السواق في عهد الشهيد عبد الكريم قاسم، فاصبحت اشبه بمقهى ويُعد فيها الشاي و( شياش) اللحم ايضا، وانتشر لعب الكونكان فيها وبعد مدة اشتهرت لعبة ورق اسمها( الفرهود) انتشار النار في الهشيم، ولم اتمالك نفسي ومجموعة من اصدقائي التلامذة فأدمنّا على تلك اللعبة، بعض السواق شجعونا ولعبوا معنا، والبعض الاخر تذمر فرفع شكوى الى مدرستنا( ثانوية القوش) وفيه كشف باسمائنا، اجتمعت اللجنة الانضباطية في المدرسة ومديرها المرحوم منصور اودا سورو، واصدرت بلاغا بفصلنا لمدة اسبوع وابلاغ اولياء امورنا بالقرار، وهكذا تركنا ارتياد الكراج تحت تاثير العقاب الصارم، وكان معي في امر الطرد كل من: صادق ابلحد عوديش، جلال ابراهيم حيدو، باسم يوسف كوريال يوحانا، نادر يوسف هومو، موفق داود غزالة، سعيد يلدا فعونا.
في احد الايام من ربيع عام 1970 وانا فوق سطح المنزل اراجع دروسي، سمعت اصوات وصياح امام الكراج، فاشرفت على الموقف، لارى تجمعاً كبير من الصبية وامامهم رجل أيزيدي معتوه يسمى( تَمَرْ) اعتاد ان ياتي بين مدة واخرى الى القوش، ويبدو انه يذهب دوريا الى مناطق اخرى، لا اعلم ان كان من الشيخان او باعذرا او قرية اخرى. يرقص في الوسط ويغني فيطرب الجميع، لم اتمالك نفسي فخرجت اتفرج شأني شأن العشرات ممن تجمهروا حوله، كان تمر قصير القامة ممتلأ الجسم مطلق اللحية حليق الرأس حافي القدمين ممزق الثياب( ﭘرگنده) يعرج في مشيته قليلا. يدفع به الصبية بعد ان يشبعوا من عروضه المسلية، منها الاغاني الكردية والرقص الجذاب، احيانا يرحم عليه بعض الناس في اعطائه بعض النقود، او منع الصبية من مضايقته، في احيان اخرى يكون معه مرافق وهو الذي يتولى جمع النقود، واحيانا الدفاع عنه او سحبه من معمعة الاولاد. يوسع تمر دائرة التجمع حوله على شكل مستطيل، ويبدأ الرقص الجميل وهو يغني بصوت مبحوح اغنيته الاولى المشهورة " ومطلعها" تَمَرْ تمر تمارو، بْيجَه تمر تَمارو" ثم ينهمك في لوحة الحصاد وينحني ويحرك يديه وكأن فيها المنجل والسنابل، وعلى وقع اغنية مناسبة في الحصاد" نَرمالهْ لمالَه لمْاله" ثم يغير الاغنية الى اخرى، وفيها يرقص اسرع من السابق ومطلعها( لوركا لوركا لوركا، خاتوني لوركا، شيرو شاكر منداناكي خاتوني لوركا). بعد ذلك يصيح احد الصبية بصوت جهوري" تمار تمار، عسكري" هنا وقف تمر واخذ يدمدم بكلمات غير مفهومة، الى ان وصل الى كلمة( مقسود) حتى صفع وجنتيه بشدة، كادت الحيطان المقابلة ترجع صداها، فبلغ تهلل الصبية مداه، ثم يجري بعض التدريبات شبه العسكرية و" يس يم" الخ. انزعج سواق السيارات وتذمروا قائلين انسحبوا من هنا، فانسحبت الجلبة وانا معهم الى بيادر القوش التحتانية، وعلى مقربة من بيت المرحوم حسقيال كيزو، هنا وصل فجاة امير الايزيدية فاروق سعيد بك ومعه رجل اسمه علي جوقي، وعند رُأْيتهم الموقف اغتاضوا كثيرا فنهروا الصبية، ثم صَفع الامير تمر الفقير قائلا بالكردية " انت تحط من قدر ملتك بين الغرباء" والمسكين سار امامهم مشياً، باتجاة قرية حتارة كبير، ونحن عُدنا الى بيوتنا، كان ذلك اخر عهدنا بتمر فلم نراه او نسمع به بعدها.
لقد خلد الادب الكردي تمر في قصيدة كتبها وترجمها الاديب الصديق بدل رفو من قرية شيخ حسن" شيخسن" عن تمر( مقسود) (**) . اتذكر عندما اقيم معرض فني لمدارس ناحية القوش واطرافها في حدود عام 1965، فازت احدى المدارس، لان احد الطلبة رسم صورة كبيرة وتحتها كُتب ما يلي: الشخصية الهزلية" تمر" ولاحظت على مدى ايام المعرض ان اقبال الناس كان على اشده لمعرض تلك المدرسة التي فيها صورة تمرْ.
توقف الكراج في حدود عام 1976 وكان اخر خبر وصلني عن طريق والدتي وجدتي العائدتين بسيارات الكراج في خريف عام 1976، كان الخبر السار مرورهم على الجامعة واطلاعهم على نتائج الدور الثاني، فكانت نتيجتي النجاح. بعد انتهائي من الخدمة العسكرية الالزامية صيف عام 1977 عدت بالباص الى القوش، وعرفت بان الشارع الذي يربط الموصل بالقوش مرورا بتلكيف- باطنايا- باقوفا- تلسقف- شرفية تقطعه باصات نقل الركاب الحكومية ذهابا وايابا، وكانت التذكرة تكلف مبلغا زهيداً مقداره( 120) فلسا. تذمر السواق كثيرا من المصلحة التي قطعت ارزاقهم، لقد سمعت احدهم يقول: ستصطدم المصلحتان( امانتان) ببعضهما يوما في الطريق، ولكن ذلك لم يحدث. لقد انقضت ايام الكراج والتجمعات ومراسم التوديع والاستقبال وانطوت صفحتها الى الابد.
(*)
جدول باسماء السواق:
منصور شابا عربو، يوسف( كتي) شابا عربو، يونس( اوجي) شابا عربو، الياس( الو) جونا كريش، هرمز( ممو) جونا كريش، كليانا( كلو) جونا كريش، نوري الياس كريش، سعيد جونا كريش، صادق هرمز ججي مقو، متي كعكلا، ايليا ابونا، فرمس اسحق بودو، حنا هرمز حميكا، شابا هرمز حميكا، هرمز اسطيفو بلو، اديب هرمز بلو، حنا منصور تومي، مانو شعيا بابي، سامي ياقو دمان، رحيم جعفو حكيم، يونس جعفو حكيم، الياس( الو) جعفو حكيم، حنا ياقو حكيم، صبري يوسف قس يونان، شمعون نونا، عابد جما، ايليا اسرائيل سيبانا، يونس( نونو) حنا برنو، كوركيس عابد مَرّو، سالم شمعون مرو، عيسى غازي حيدو، رحيم ديكو حيدو، بطرس ديكو حيدو، نبيل بطرس ديكو، عابد حنكلو بولا، بحو حنكلو بولا، كريم حنكلو بولا، صادق بهنام قلو، ميناس شمو توماس، عيسى كريش، ميخا نكارا، زورا بتوزا( گولا) ، داود غزالة، جورج داود غزالة، زيا ججو بلوطا، موسى ميما خركا، صادق عوصجي.
(**)
مقسود :
كان يا ما كان..
في بلاد يسمونها
بلاد الجبال والثلوج والصوامع
بطل من هذا الزمان
يدعى(مقسود)
عشق الحرية في زمن
تلطخت فيه الايام
بالعبودية و الذل
غنى ،رقص،هوى
أشعة شمس وطن
وهو حافي القدمين.
مقسود..
لم يهوى غير التهام
الطباشير
ربما..!! كي لا تنقش على لوحات سوداء
عاش القائد والسلطان
مقسود..
يمزق ملابسه
يشتم زمنا غير زمنه
ويوم ميلاده
ولحظات الخنوع
وتقبيل الايدي
ايام الطفولة البائسة
يطل من جبال كردستان
وحقولها الخضراء
ومدينة الشيخان رمز التعايش والانسانية
يطل راقصا،مغنياً،
يعشق الحياة رغم بؤسه
حيث الشمس تصارع الخريف
في عينيه،
وتبرق ربيعا وبلاداُ
ورقصة انتحار.
أيا مقسود..!
حذار من كلاب السلطان المسعورة
كي لا تقضم الطباشير
ويظل اسم الزعيم
وحرارة التملق والضياع
في حدقات اعين الشبيحة.
أيا مقسود..
رحلت واجوب الارض
كي اكتشف العالم
ولكن..!!
العالم اكتشفني
عرفت شمسك الساطعة
في مدن العالم الجميلة والقديمة
حيث رقصات العالم الفلامينكو والفالس
لم تضاهيا رقصاتك ودقات اصابعك
لانك كنت الوطن وعاشق جباله
ايا مقسود..
يا تاريخ مدينة تعايش سلمي
ووجه ناصع لشعب الحرية
في بلاد الشمس
أيا مقسود..
ورحلت وراء الأفق الدامي
ولا أحد بعدك يلتهم الطباشير
يرقص حافي القدمين
ولذا...غدت الاغاني والمواويل
بائسة وذليلة
ولكنك بقيت خالدا
في ضمير السلام
والمحبين
يا مقسود.
ــــــــــــــــــــــــــ
مقسود: مجنون من مدينتي كان يجلب الفرحة لكل من يتحدث معه وهو من مدينة الشيخان في كردستان العراق
nabeeldamman@hotmail.com