هل أكون مخيّباً للأمل لو أنّي كنت طبيباً وأسكَرُ في الحدائق والبارات؟! هل أكونُ بلا جدوى لو أنّي خنتُكم وكنتُني دون مقابل؟!
لكن لأنّي شاعرٌ أقبلُ كل شيء، عمّي حاول مع الكثير من الصبية... هل أصدمكم حين أقول هذا؟ لا أعتقد بأنّ المرء يمكن أن يسمّي هذا شرّاً... أتعتقدون بأنّه شرٌ أنّ يتحابّ الأولاد؟!؟!
الإنسان هنا لا أعرفه وحين تُقال هذه الكلمة أستلّ مسدسي.
ثم إنّ لي حبيبة لا تعيشُ إلا من أجلي والمستقبل يعمّنا كل صباح. هل من الإجرام أن يفكّر المرء في أن لا يموت... في أن لا يموت من أجل لا شيء، لن يقتلعها منّي أحد إلا بقنبلة نووية.
أسأل أهلي في الشّمال الفقيد، متى ستكفّون عن الارتجاف قرب أفران الخبز عند الفجر... متى ستبتعدون عن ازدحام المَحْل... الجنائز تملأ مدينتكم والقحط يسجّل أسماء الجوعى على أوراق اليانصيب... متى ستكفّون عن شرب الشّاي بدل النبيذ؟!، حتى ما ستسمحون للخونة بالرّحيل عميقاً في جرحِ بيوتكم الطينية؟!؟
أسألكم بكل عبثيتي، إن لم يكن أنا، إن لم يكن شاعر، من سيجلو لكم الفارق بين سنابل القمح ورصاصة الخونة الصّفراء؟ ثقوا بي، فأنا أعرف بأيّ اتجاه ستعصف الريح غداً... أعرف بحدوث الزلازل قبل وقوعها، لذلك لا أكفّ عن النباح، هذا أنا... أحبّ أنْ أختزل المرء إلى يدين وعينين، أحبّ أنْ أكرّر على حبيبتي: سواء عشتِ أو لم تعيشي قبلي فهذا لن يغيّر من الأمر شيئاً، أنتِ العناية العليا الوحيدة. مارِدُ الحبّ يصعد من جيبي المفلس... يضحك مني ولا يجيب، أعرف بأنّي لو تركتكِ تذهبين لن تنظري إليّ من فوق كتفكِ حتى... لكن يجب أن تعرفي بأنّ قلبي جرحٌ يفتح على فنجان قهوة صباحي.
في المدرسة علّمونا بأنّ الحجارة تعيش من دون أنفاس المتفرّجين، بأنّ الشّمس تشرق من الشّرق، ما رأيكم بهذه المعلومات؟!، كنّا نقول كأيّ رجل مخابرات بأنّنا نعرف كل شيء، لكنّي الآن أبحثُ عن حقيقتي الخاصة، أبحث عن عالم بلا فائز يكون الغياب فيه هدفاً ملغىً دوماً... عن غابة دون أسد... عن ورقة توتٍ لا تسقط أبداً.
لا أثق إلا بمن يشبهني، يقاتل الموج قدميّ وأكمل، ما أبحث عنه أجده وما أنساه يبقى سراً كبذرة في برتقالة، لا وقت للسّياسة والزّراعة، فكلّ الطرق تشيخ تحتي بسرعة، أغبُّ منفاي ككأس عرقٍ لأنسى، ولأنّ الأطفال رموا أصواتهم في صدري وناموا أجرّ قصائدي منهكاً وأمشي، بل أجرّ قصائدي وأقع، لازلتُ أحاول أن أضيف شيئاً لتصبح الحياة أكثر واقعيّة، أنتصبُ لأسدد لكمة أخيرة ولا أخجلُ لأني عشت، ولا أخجل لأني لستُ كغيري بل أحيا وأعرف لِمَ أحيا.
لم يكن من الضّروري أن أقول كل ما سبق..
لكن من الضّروري أن أقول ما يلي:
الكلُّ سيسقطُ بالتقادم وسأبقى أنا وأحلامي ننفخُ عاصفةً كلّ قليل.
_____________________
* شاعر سوري