الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
انتفاضة آذار الخالدة مالها وما عليها (2)

شرارة الانتفاضة

عادت القطعات العراقية المنسحبة والمذعورة من قصف طائرات التحالف بشكل عشوائي ، لم يستطع قادة الجيش العراقي الانسحاب وفق خطط مدروسة مما حول الانسحاب إلى هزيمة نكراء، لم يتمكن حتى آمر الحضيرة السيطرة على أفراد حضيرته، قتل الكثير من الضباط والجنود بقنابل الطائرات والصواريخ الموجهة، دمرت الآلة العسكرية بشكل غريب، والداخل للبصرة من دولة الكويت يصل لساحة كبيرة فيها نصب جداري للقائد المهزوم صدام حسين ، ساحة سعد ، الناس تنتظر أبنائهم الفارين من جحيم القنابل، الناس ربما يزيدون على الحد المتوقع عشرات الآلاف ملأت ساحة سعد وامتدت صوب مقترباتها ، بهذه اللحظات وصلت دبابة من طلائع الجيش المنسحب من الكويت لساحة سعد، لا يعرف أحد من هو سائق الدبابة، ولا يعرف أحد من هم أفراد طاقمها، وربما يقودها احد الضباط أو أحد ضباط الصف، تلك الدبابة المنسحبة أراد طاقمها أن ينتقم لهدر كرامة العراق والعراقيين والجيش العراقي، لذا وجه مدفع دبابته للصورة الجدارية للطاغية المقبور بساحة سعد وأطلق عليها قذيفة أتبعها بالسب والشتم لصدام حسين، كانت ساحة سعد حينها عبارة عن فوهة بركان تنتظر لحظة الانفجار، وفعلا كانت تلك القذيفة هي شرارة الانتفاضة الأولى، يقال أن فجر 1 آذار عام 1991م بدء انطلاق الشرارة، ويذهب البعض إلى أن يوم 2 آذار هو بدء الشرارة، والحقيقة هي يوم 1 آذار ، وهناك حديث آخر تم تناقله حينها بأن قضاء الزبير السني هو الذي أشعل شرارة الثورة يوم 1 آذار، وعلى كل الوجوه فإن مطلق الشرارة الأولى لم يحدد مذهبه بل حددت هويته الوطنية، كما حددت الهوية الوطنية لقضاء الزبير، وسرعان ما امتدت نيران الانتفاضة لتسقط كل مقرات حزب البعث المنحل في محافظة البصرة، وهروب أعضاء الحزب الكبار لمناطق مجهولة، وتمت سيطرة الثوار على كافة مرافق الدولة في البصرة، بما في ذلك المقرات العسكرية ومقرات قوى الأمن الداخلي والشرطة، نشط المندسون وضعاف النفوس والسراق لنهب دوائر الدولة ومخازنها، لم يجد المنتفضون في زنزانات الأمن والاستخبارات ومراكز الشرطة أي سجين سياسي، بل وجدوا المحكومين والموقوفين بقضايا جنائية، وهذا يدلل على الكثير من المعاني والتأويلات، ولم يستطع أحد حينها أن يحدد أفراد الانتفاضة ويميزه عن غيره، لذلك أطلقت التهم الكثيرة على المنتفضين إنقاصا لدورهم الوطني البطولي، ويقال أن قيادة الجيش المهزوم مع قيادات الحرس الجمهوري أغلقوا عنوة وفرارا مقراتهم الميدانية الموزعة بين ( الدريهمية) وما يحيط البصرة من مناطق، وفتحوا مقراتهم  في قضاء القرنة، ولكن سرعان ما وصلت شرارة الانتفاضة للقرنة منتقلة من ناحية الهارثة وهكذا لم يبق أي تواجد لمقرات الجيش العراقي ، وانسحب القادة تجاه بغداد متنكرين بالزي المدني، وآخرون يقولون أن القادة اختبئوا هنا وهناك ينتظرون ما تؤول له الأمور.

أجرت إذاعة مونتكارلو الفرنسية لقاءً مع العميد الركن عبد المنعم يسر الغافقي، والعميد الركن عملت معه في فرقة 19 في قاطع الكشك البصري، وكان حينها رئيس أركان الفرقة، وكنت مقدم لواء مدفعية الفرقة 19، لم أعرف عن توجهات الرجل السياسية وما يخفيه بصدره، بل كنا سوية بحلقة حزبية واحدة، تسمى خلية المؤيدين، هذه كانت درجتنا الحزبية مؤيد، وهي أقل درجة حزبية لا يحق لها ترديد الشعار الحزبي أثناء الاجتماعات المتفاوتة ، و ( يكذب كل ضابط في الجيش العراقي يقول لم أكن منتميا لحزب البعث العربي الاشتراكي)، يقول الغافقي لإذاعة مونتكارلو ، لاحظت عدد الضباط والمراتب والأسلحة والآليات فوجدتها كافية للتحرك اتجاه بغداد، ويضيف قائلا لابد أن تلتحق بنا وحدات أخرى أو جنود فارون ونحن متوجهون صوب بغداد، وفعلا تحركوا ووصلوا محافظة الناصرية عبر الطريق السريع ، فوجدوها محررة بالكامل من قبل الثوار، وقتل بعض البعثيين ومنهم ما يسمى أمين سر فرع ذيقار لحزب البعث العربي الاشتراكي المجتث ، ويضيف قائلا حين التفت إلى الوراء وجدت أن قواتي المتحركة لا يستهان بها، فقرر الغافقي قسم قواته لقسمين، الأول يتوجه من الناصرية تجاه الكوت، والقسم الثاني يتوجه صوب محافظة السماوة، وانتقل مذيع مونتكارلو بهذه اللحظات لإجراء لقاء ولنفس البرنامج مع وزير الخارجية العراقي المعين توا ( محمد سعيد الصحاف)، الذي علق بعمان عاصمة المملكة الاردنية الهاشمية، ووضح حينها الصحاف انه لم يستطع الوصول لبغداد بسبب القصف الأمريكي على بغداد أثناء دخول قوات التحالف لدولة الكويت لغرض تحريرها من الجيش العراقي، وكما معلوم عن الصحاف الإعلامي والسياسي المخضرم، تحدث عن أن بغداد وقادتها باقون وان مصير بوش الرئيس الأمريكي إلى الزوال، وأن صدام حسين أبقى من بوش، ويعود مذيع مونتكارلو للغافقي ليقول ، اصطدمت قواتي بالقوات الأمريكية التي كانت محمولة بطائرات الهليكوبتر ، ويقول كنت أتوقع من هذه القوات ويعني الأمريكية أن تعيننا بالسلاح والعدة ، لغرض إسقاط النظام الذي يصرحون بأنهم قادمون للإطاحة به، ويقول إن الغريب أنهم اقتادوني أسيرا.

حامد كعيد الجبوري

يتبع ج3

  كتب بتأريخ :  الخميس 14-03-2019     عدد القراء :  1722       عدد التعليقات : 0