الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
هل سيعبّد تعنت وقمع السلطة الفاسدة الطريق الى تدويل التغيير؟

في كل يوم جديد يسقط فيه شهيد في ساحات العراق، يقترب العراق من شبح الفوضى.. وها هي دوامة القتل قد قربتنا من هذا الشبح المخيف وبعد سقوط أكثر من 500 شهيد مسالم وبعمر الورد بيد السلطة الحاكمة الفاسدة وحلفائها المجرمين.. كل يوم ترتكب فيه الميليشيات المنفلتة العميلة عمليات خطف وقتل للناشطين، تدفع بالعراق نحو نفق مظلم لا يوجد أي أثر لنقطة ضوء فيه.. وها قد دخل العراق في هذا النفق بعد أن قدم المحتجون السلميون أكثر من 35 ألفا من الجرحى والمصابين برصاص وغازات القوى الأمنية والميليشيات العميلة، ومئات من المغيبين والمعتقلين.

إن الشكوك التي كانت تراودني قد أصبحت حقيقة من أن القوى المتسلطة تنفّذ أجندات إيران في العراق وبهذا فإنها ليس فقط تعرض حرية وأمن وسلامة العراق وشعبه للخطر، ولكن أيضا ثبت بأن هذه القوى قد فقدت شرعيتها لأن ولاءها لدولة أجنبية وليس للعراق، وهناك دلائل كثيرة تثبت ولاءها لإيران وتنفذ أجندات حكومتها ومصالحها على الأرض العراقية وبأشكال وأساليب مختلفة.

وما تعنت هذه القوى الطائفية المعادية لطموحات أبناء العراق وعدم الإستجابة لمطالب المنتفضين المسالمين المشروعة في التغييرالشامل لنظام المحاصصة البغيض ورموز فساده وبعد أكثر من 16 عام من الخراب وتفشي الفساد في جميع مرافق الدولة، وفي السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، ونهب منظم لثروات العراق، وتجويع وإهدار كرامة الفرد العراقي، وإشاعة الجهل والتخلف وتدهور مريع في التعليم والصحة والخدمات العامة، إلى جانب محاربة الصناعة الوطنية لصالح دول الجوار وتجار السلطة، إن هذا التعنت سيقود إلى الفوضى والكثير من المعاناة للشعب العراقي وأمنه وسلامته، ويشرّع الأبواب إلى المزيد من العنف ضد الناشطين السلميين والتي لا تتورع من إرتكابه تلك القوى العميلة الشريرة.. ولكن فإن المنتفضين البواسل قد وصلوا إلى قناعة تامة بأن السلطة الحالية الفاسدة غير قادرة على تنفيذ مطالب الشعب العراقي لأن القرار ليس بيدها بل بيد أسيادها في إيران ودول أخرى، إلى جانب عدم رغبة رموز النظام الفاسد التخلي عن نفوذها ومصالحها الضيقة لصالح المشروع الوطني العراقي في التغيير والذي تعبر عنه الانتفاضة (أريد وطن.. نازل آخذ حقي)، وسلوك هذه الرموز واضح من خلال إستخدام العنف المفرط ضد المنتفضين السلميين، ومحاولاتها تدوير رموزها الفاسدة وبضاعتها الكاسدة التي رفضها الشعب الثائر.

وهذا يقودنا إلى الأساليب الملتوية التي تقوم بها الميليشيات العميلة، فقبل أيام نفذت عدد من الهجمات الصاروخية على عدد من المواقع العسكرية في (عين الأسد ومحيط مطار المثنى) وأصابت ععد من العسكريين العراقيين المتواجدين فيهما دون وقوع إصابات بين العسكريين الأمريكان مما دفع وزير الخارجية الأمريكي بومبيو إلى تحذير هذه الميليشيات من تكرار هذه الهجمات الاستفزازية، كما هدد باستخدام القوة العسكرية لردعها.. هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان العالمية قد أدانت السلطات العراقية والقوى الأمنية على استخدامها القوة المفرطة والرصاص الحي والغازات السامة ضد المتظاهرين السلميين، وخطف الناشطين وتعذيبهم وتهديدهم، وطالبت الحكومة العراقية بالكف عن ممارسة القمع والتنكيل بالمنتفضين السلميين وإطلاق سراح المعتقلين والكشف عن القتلة المجرمين ومحاسبتهم، والاستجابة لمطالب المحتجين المشروعة، ولكن مازالت السلطات الغاشمة ترتكب جرائم القتل والخطف والكذب والخداع والمماطلة.. وبطبيعة الحال فإن المنتفضين والناشطين بدأوا بتنويع أدوات ضغطهم السلمي ضد السلطة الفاسدة وذلك عن طريق مقاضاة رموز القمع والفساد فيها في المنظمات الدولية وفي محاكم الدول التي حصل الفاسدون على جنسيتها.

لا أحد من المنتفضين السلميين يرغب أن يجري تصفية الدول الإقليمية والدولية حساباتها على الأراضي العراقية لما ستسببه تلك الصراعات من إشاعة العنف والدمار في وطننا.. ولكن تعنت سلطة الفساد ومماطلتها في تنفيذ مطالب المنتفضين، وما تقوم به الميليشيات المسلحة من جرائم قتل وتهديد للمنتفضين المسالمين، وتنفيذ أجندات إيران في العراق عن طريق ضرب المواقع والقواعد العسكرية العراقية، ستدفع المجتمع الدولي إعتبار النظام العراقي نظاما منبوذا ومحاسبة رموزه ومحاكمتهم دوليا، ومما قد يمهد للتدخل العسكري الخارجي والذي لا يرغب به أحد.      

  كتب بتأريخ :  السبت 14-12-2019     عدد القراء :  2994       عدد التعليقات : 0