نشر موقع الحرة-عراق تقريرا صحفيا عن مجموعة من النواب من حزب المحافظين في بريطانيا يحمّلون جمهورية الصين والحزب الشيوعي الصيني مسؤولية انتشار وباء كورونا المستجد إلى بريطانيا والدول الأوربية وأميركا وإلى العالم كله مما سبب بتكبد تلك الدول خسائر جسيمة جراء ذلك، أدى إلى شلل تام في اقتصادها وصناعتها.. وكما يقول التقرير بأن دول مثل إنكلترا والاتحاد الأوربي والولايات المتحدة سيقاضون الصين بمبالغ تصل إلى ترليون من الجنيه الإسترليني تعويضا للخسائر التي منيت بها هذه الدول. وبالرغم من أن التقرير لم يقدم دليلا واحدا على مسؤولية الصين بتعمدها نشر مثل هذا الوباء إلى تلك الدول، عدا أنه بدأ في الصين وفي مقاطعة ووهان حيث أصاب أكثر من ثمانين ألفا من سكان المقاطعة. وكما هو متداول ومعروف بأن الاتهامات المتبادلة بين الصين والغرب والمتمثل بإنكلترا والولايات المتحدة وعدد من الدول الأوربية عن مسؤولية تسرّب هذا الوباء ونشره في العالم لم تسفر عن أية نتائج تدل إن كان هذا الفايروس هو نتاج المختبرات المتنوعة المصادر والمنتشرة في العالم، أو إنه صنّع في مختبرات صينية. وتأتي هذه الاتهامات في الوقت الذي وصلت الإصابات والوفيات بهذا الفايروس إلى أرقام مخيفة في جميع انحاء العالم وخاصة في الولايات المتحدة وإيطاليا واسبانيا وفرنسا وألمانيا والصين.
لكن من السهل جدا إلقاء اللوم والاتهامات، ومن السهل جدا تعليق الأخطاء على الآخرين، كما ومن السهل جدا المطالبة بتعويضات عن خسائر وهمية ومن دول عرفت بشن الحروب وتدمير دول وقتل ملايين البشر دون محاسبتها أو مقاضاتها على ذلك. كما أن من السهل إلقاء التهم جزافًا دون تقديم دليل على ذلك.. ولكن الحقيقة التي يخاف كل هؤلاء البوح بها هي أن حكوماتهم كانت عاجزة وغير مؤهلة لمحاربة عدو غير منظور، لأن نظامها الصحي متخلف وأجهزتها الطبية الضرورية غير متوفرة لذلك لم تكن قادره على مواجهة مثل هذا الوباء الخطير. كما أن الاستخفاف الذي أظهرته تلك الحكومات به وتحركهم المتأخر جدا لمحاربته جعلهم في موقع الدفاع وتحميل الآخرين وزر أفعالهم.. والحقيقة الثانية التي يتجنب ساسة هذه الدول البوح بها هي أنها سبق وأن بُلّغت من قبل الصحة الدولية ومختصين في الطب الوبائي، إضافة إلى الصحة الصينية ومنذ ديسمبر الماضي لكن تلك الدول لم تتحرك لاتخاذ الإجراءات الكفيلة للحد من انتشار الوباء فيها.. نعم أن الصين تكتمت على انتشار الفايروس كما واتخذت إجراءات قاسية وبمعايير غير إنسانية من أجل الحد منه وإيقاف انتشاره الى المدن الأخرى، ونجحت ليس فقط بذلك ولكن أيضا في شفاء أكثر من ٩٥٪ من المصابين به، عكس ما حدث ويحدث في بلدان تتشكى وهي غير محقة من عدم ابلاغها عن خطورة الوباء.. واليوم نشهد بأن العالم كله يتلقى المعونة الطبية والمساعدات السخية من الصين لمحاربة وإيقاف هذا الوباء المخيف.. وبدل أن تتوجه الجهود الدولية وتتوحد بوجه هذا الخطر الداهم، نجد أن هذه الدول وخاصة إنكلترا التي لم يغب عن بالها تأريخها الاستعماري وحروبها واستغلالها للشعوب وامتصاص خيراتها لكن لعابها يسيل تجاه اقتصاد الصين الذي أصبح الأقوى في العالم، كما إنها تحن إلى نتائج حرب الأفيون التي شنتها بريطانيا العظمى على الصين في عام ١٨٣٩-١٨٤٢ وأجبرتها على توقيع إتفاق مهين معها، والذي يتضمن السماح للتجار البريطانيين بيع الأفيون للشعب الصيني الذي حولته نتيجة لذلك إلى شعب مدمن على المخدرات.. هذه الدول لن تستطع خلع جلدها الاستغلالي القديم فتراها تحن إلى تأريخها الأسود وتحاول استعادة سطوتها واستغلال الشعوب.. والمفارقة، أن هذه الدول وهي تسخًف نظرية المؤامرة، نجدها اليوم ومن أجل تعميم (نظريتها) من أن الفايروس كورونا المستجد هو صناعة صينية، نجدها تتبنى هذه النظرية السخيفة.. ولكن يبقى الموضوع المهم هو ضرورة توحيد جميع الجهود الصحية والسياسية الدولية من أجل درء أخطار هذا الفايروس وغيره من الفايروسات التي قد تظهر مستقبلًا وتهدد حياة الملايين من البشر...