الانتقال الى مكتبة الفيديو
 
ثقافة الطفل.. بين الأدب الهادف والإعلام
الجمعة 03-04-2015
 
هبة مجيد

   يمثل الطفل فئة بشرية مهمة وخطيرة، لذا تضع المجتمعات المتحضرة والنامية في اعتباراتها ان سد احتياجات الطفل من الغذاء والثقافة مقياس مهم ينعكس على نشوء المجتمعات وتطورها فظل الاهتمام بالأدب المخصص للاطفال هاجساً محورياً عند تلك المجتمعات.

بإمكان الأدب ان يتغلب على بعض الظواهر السلبية لدى الطفل ومنها العبث وغريزة التخريب والقصور الذاتي، وبإمكانه ان يوجه الطفل الى الدقة والتعامل بمرونة مع النظام داخل المجتمع. فمثلا القصة في بعض الاحيان اشد فعالية من التدريب على بعض الاعمال الحسنة ومن خلالها يمكن تكليف الطفل بمهام جديدة من دون قهر أو قمع فهي وسيلة فعالة في تنمية العقل وتهذيب الخيال.

وفي الوقت الذي بدأت أنظارنا تنتبه إلى أهمية الأدب المخصص للأطفال في الوطن العربي كانت دول العالم الغربي قد قطعت اشواطاً كبيرة في اصداراتها للطفل وفي دراستها عنه، التي ارتبطت ارتباطا وثيقا بدراسات علم النفس ودراسات الفنون الاخرى وأهمها الرسم والفنون السمعية والبصرية مثل الموسيقى والغناء ما أتاح للمؤسسات الغربية ترويج أفكارها التي دستها خلال الصحف والكتب والمجلات والافلام الموجهة للاطفال مستغلة بذلك افتقار الطفل العربي الى ذلك، وكان إغراء هذا الطفل يتم بالمطبوعات الجميلة ذات الالوان البراقة والرسوم المتميزة والاغلفة الجذابة التي اصدرتها دور عربية متخصصة بالنشر، فانتشرت في مكتبات الاطفال ووجدت مكانها في مخيلة الطفل العربي بعد ان وجدت لها رواجاً لا سيما في لبنان ومصر والجزائر والمغرب لان هذه الاقطار من اكثر البلدان العربية احتكاكاً بالثقافات الغريبة. كما ان مصر ولبنان كانت من اكثرها تطورا في مجال النشر والطبع.

وقد ادى ذلك الى خلق الجمال في شخصية الطفل العربي، الذي صار كالاسفنجة يمتص كل ما يبث له من هذا الأدب, فسابقا لم يحظ أدب الاطفال بالاهتمام الذي يستحقه فكان للطابع القبلي في تنشئة الطفل على الاخلاق البطولية العالية في الماضي حافز مهم في تهيئة اسلوب أدبي في التوجيه، يظهر له وجوب احترام قوانين القبيلة وخطورة تجاوزها او الاستخفاف بها ليعدوه اعداداً نفسياً من اجل الانخراط في السلوك الجماعي للقبيلة.

ان نشأة أدب الطفل في العراق كانت على صفحات المجلات فقد عرف العراق في وقت مبكر نسبياً صحافة الاطفال وقد تمثل ذلك في مجلة "التلميذ العراقي" التي صدر العدد الاول منها في (9) تشرين الثاني من عام 1922 بإدارة (سعيد فهيم) والذي كتب مقالاً شمل أول دعوة للكتاب والأدباء العراقيين للكتابة للصغار وتشجيعهم على نظم الشعر وكتابة الأدب لهم فتضمنت المقالة تشجيعاً على تقليد غيرهم من الشعراء الذين سبقوهم مثل (محمد الهراوي) مؤلف "سمير الأطفال" كما صدرت مجلة "مجلتي" عام 1969 وصحيفة "المزمار" عام 1970، أما على صعيد المسرح فقد ?كون ابرز ما يستحق الوقوف عندها والإشارة اليها بعض الاعمال المسرحية التي قدمتها على مسارح مدارسها الارساليات التبشيرية في الموصل، بالرغم من توجهها الديني وهدفها التعليمي الواضح. وهناك محاولات متفرقة في الشعر من ابرز ما يستحق الذكر منها كتاب الاناشيد الموصلية الذي دل على وجود شعر موجه الى الأطفال جمعه الاستاذ (محمد سعيد الجليلي) في الحقبة الزمنية المحصورة بين عام (1913 - 1953) وكذلك محاولات الدكتور (مصطفى جواد) التي نظمها على غرار الحكايات الشعرية التي نظمها شوقي، ومحاولات احمد حقي الحلي وباقر سماكة اللذين ?مكن عد نتاجهما من الشعر الموجه الى الأطفال المثال الأبرز والخط الصحيح الذي يمثل واقع أدب الاطفال الشعري في مدة بين الحربين وبعدها.

اليوم لا يتجه الطفل العربي والعراقي تحديداً الى الوسائل المقروءة بل يميل الى وسائل الاعلام السمعية والبصرية المتمثلة بافلام الرسوم المتحركة وأفلام الأطفال وربما لا يتجه اليها اصلاً بل يركز ناظريه على كليبات الاغاني والافلام والمسلسلات غير الموجهة لفئته العمرية والتي لا تصلح لأية فئة عمرية متذوقة للفن.

ويخلو الاعلام العربي اليوم من عمل موجه الى الطفل على غرار "افتح ياسمسم" و"المناهل" وغيرها من الاعمال التي اثرت عقولنا بالمعلومات ووسعت مداركنا بل اكتفت القنوات العربية بعرض اعمال مترجمة تخلو من الفكرة بل واحياناً توجه افكار الأطفال الى استخدام الاسلحة او الخيال البعيد عن المنطق وخلت حتى من عرض الحكايات العالمية التي كنا نشاهدها على شاشاتنا صغارا وكبارا كـ (هايدي وسالي وبياض الثلج وذات الظفائر) تغيب اليوم عن الاعمال الكارتونية الافكار السامية التي كنا نشاهدها في هذه الحكايات منها الحب والنضال من اجل ما تحب،?الصبر على المصاعب، الامل بالنهاية السعيدة والخيال الجميل الذي يدفعنا الى الأمل.

تقتصر الانتاجات العربية على الاعمال الموجهة الى المراهقين والشباب ودبلجة الاعمال الدرامية التركية والهندية فيما تترك اهم فئة عمرية من دون اعمال الا بعض الاعمال الدينية وقصص السير الذاتية للانبياء والصحافة وهي منقولة من التاريخ وليس فيها ابتكار وكأن العقل العربي الخلاق والمبتكر قد جمد كاصابع الموتى.

بينما تعجز المدارس اليوم عن الترويج لكتب الأدب ويخلو عدد كبير منها من المكتبات وقد اسدل المسرح المدرسي ستارته منذ اكثر من عقد من الزمان كما ان البث الاعلامي المسيس والمعنف واستيراد الالعاب المعسكرة لعقل الطفل يتجه بالعالم العربي الى ثقافة الدم والعنف و كيف لا يضحى الربيع العربي خريفا اذا كانت بذرته اجيالاً شهدت حروباً ومجاعات وحصارات وأقتضى ان يكون مصدر ترفيه الاغاني الموجهة والاعمال المسيسة قد يستدعي الامر ان نجدد دعوة سعيد فهيم الى أدبائنا وكتابنا وشعرائنا بالتوجه الى فلذات أكبادهم بالكتابة والنشر وا?انتاج فهم مستقبل البلد ورعاة كبركم والسائرين على نهجكم.

 
   
 



اقـــرأ ايضـــاً
انخفاض ملحوظ.. رياح شمالية تكسر من حدة الموجة الحارة في العراق
لماذا يهاجرون؟".. كردستان تبكي ضحايا كارثة جديدة لـ "قوارب الأمل"
كم رهينة اسرائيلية على قيد الحياة؟ الإجابة صادمة!
الحر الشديد في بغداد..مقاومة بمياه النهر والمسابح وحلبة جليد
4 ملايين لاجئ عراقي في العالم
دليل البقاء على قيد الحياة في صيف بغداد.. توجيهات لمواجهة الحرارة المرتفعة
"الموت البطيء": سكان غزة يعيشون بجوار القمامة المُتعفنة والقوارض
على ماذا اتفق بوتين وكيم؟
صنفتها واشنطن إرهابية.. ما هي حركة "أنصار الله الأوفياء" العراقية؟
العراق يخسر 15% من الأراضي الزراعية
حرارة خمسينية وغبار في أجواء العراق غداً
تضامنا مع غزة.. مئات الطلاب يغادرون حفل تخرج بجامعة ستانفورد العريقة
 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





للمزيد من اﻵراء الحرة