الانتقال الى مكتبة الفيديو
 
أربيل تحتض النجف والبصرة في جلسة حوارية
السبت 04-04-2015
 
المدى

يلعب المكان دوراً مهماً ومؤاثراً في العمل الروائي خاصة والعمل السردي الذي لا يدخل في تجنيس القصة او الرواية مثل كتابات السيرة او التوثيق، فهو ليس مجرد ترف او مزاج يريد به الكاتب ملء صفحات من كتابه، المكان يمثل ركناً اساسياً ورئيساً في الاعمال السردية الحديثة وطبيعة تناول الحدث وتضمين المكان من خلاله بوصفه واحة الحدث الرئيس واشتباكه مع الشخوص في صيغة وبناء مكان آخر غير المكان المعني بالكتابة، وهذا الامر يتطلب وجود كاتب ماهر متجذر بالمكان ويعشقه علاوة على دراسته التاريخية للمكان او المدينة المراد الحديث والكتابة عنها.

ضمن فعاليات معرض أربيل الدولي للكتاب الذي تقيمه مؤسسة المدى للإعلام والثقافة والفنون اُقيمت جلسة بعناون كاتب ومدينة، اشترك فيها القاص محمد خضير والكاتب والروائي زهير الجزائري والروائي عبدالباقي يوسف أدارها الشاعر طالب عبدالعزيز الذي تحدث عن عوالم المدينة ودخولها الى العمل السردي الجديد مقدماً القاص محمد خضير ومدينتهما العبقة البص

نشأة الكاتب

في كتابه بصرياثا أراد القاص محمد خضير أن يبقى ابن المدينة او المواطن المحلي الأبدي، حيث يعيد الى أذهاننا كتاب (داغستان بلدي) لرسول حمزاتوف و(مدن لا مرئية) لإيتالو كالفينو و(الطريق إلى غريكو) لنيكوس كازنتزاكي و(حصيلة الأيام) و(بلدي المخترَع) لإيزابيل أليندي و(اسطنبول: المدينة والذكريات) لأورهان باموق، اذ تنتمي هذه الكتب إلى جنس أدبي صار يكتب فيه كتـّاب معاصرون من الشرق والغرب مثلما اشار الى ذلك خضير حيث يسردون من خلاله سيرهم الأدبية وسير مدنهم ومواطنيهم وأحبائهم ومجايليهم وما واجهوه من ويلات ومصاعب في تحولات التاريخ القاسي الذي عاشوه او عاشه أبناء تلك المدن مشتركاً.

يتمتع كتاب (بصرياثا) بخصوصية فريدة, فهو خليط مجتانس بين الوثيقة والسيرة والسرد والشخوص المتحركة في ظل مكان ثابت ومتحرك احياناً من خلال الصور الفوتوغرافية التي حواها.

تحدث خضير عن وجود نشأتين للكاتب كل نشأة لها ظروف واحداث تؤثر فيها، وتصنع منها حدثا آخر، مشيرا الى انه اراد الابتعاد عن شكل تجنيسي معين في كتابه (بصرياثا) لذا جعله كتاب يحتمل كل الاشياء، منوهاً الى ان البصرة في الكتاب ليست البصرة الان ولا البصرة التي نعرفها.

بصرياثا عـدّهُ الكثير من الادباء انه واحد من أفضل الكتب الأدبية التي تنتمي لكتب السرد والمكان والتي لا تجنس على صنف سردي او تلك التي كتبت عن البصرة،إذ كتب أدباء بصريون آخرون نصوصاً تُعنى بالبصرة خاصةً مثل كتاب مهدي محمد علي (البصرة جنة البستان), وكتاب طالب عبدالعزيز (قبل خراب البصرة) أو تُعنى بالعراق عامةً مثل كتاب لؤي حمزة عباس (المكان العراقي / جدل الكتابة والتجربة) الذي قام بتحريره وقدم له.

لنجف ذاكرة مدينة

الحديث عن النجف له خصوصية كخصوصية المدينة المقدسة مع نكهة خاصة ايضا عن ذاك الحديث المرافق لتفاصيل غيّرت من مجرى الحياة الاجتماعية والثقافية للمدينة، هذا ما جاء في حديث الروائي والإعلامي زهير الجزائري الذي تحدث عن النجف.. سيرة مدينة، مشيرا فيها عن تراث مدينة النجف وشخوصها والعلاقات الاجتماعية والتغييرات والمتغيِّرات السياسية التي طرأت عبر سنين وأحداث كثيرة.

الجزائري الذي عاش بعيداً عن مدينته سنين عــدة عاد وهو يبحث في وجوه من يصادفه عن احداث قديمة وذكريات، يحاول استذكار البيوت التي تتذكر على حفظها هذا بيت فلان وهذا بين فلان في محاولة منها لتنشيط الذاكراة مثلما ذكر في بداية حديثه،كما اشار جيل الستينيات واشكالاته وهو الخارج للتو من تجربة انقلاب البعث الأول عام 1963، التي أدت إلى أزمة عميقة في المشروع السياسي والفكري والثقافي العراقي وما نتج عن ذلك الانقلاب من ويلات.

وتابع الجزائري علمتني النجف التعايش بين الروحاني والعلماني، ومنحتني التاريخ والاسطورة والشعر والغناء والنوح والبكاء واللطم، علمتني السجال وفتحت أمامي أبواب السياسة والثقافة والفضاء اليساري، كما تحدث عن التغيير الاول في المدينة وكيف اُزيلت محلته العمارة ضمن اربع محلات سكنية لأجل توسيع الصحن العلوي وايجاد الدوار العلوي الذي فتح ابواباً أخرى للتغيير.

المقهى والجامع

التغيير الآخر كان في نقل سلطة بث الاخبار من الجامع الى المقهى والتحول في اللباس والشكل، فسلطة الجامع اخذت تختزل بظهور المقهى الذي أخذ هو الآخر شكلا مغايراً، فلم تعد هناك مقاهٍ خاصة لأصحاب المهمن والحرف ، بل بات الأمر مفتوحاً للجميع. شكل التغيير من الجامع الى المقهى كان عبر الحديث في المقهى الكل يتحدث وهم في مستوى جلوس واحد عكس الجامع فهناك المنبر والارض، اضافة الى شكل ونوع الخبر المراد ايصاله من الجامع والذي تغيـّر من خبر واحد الى اخبار عـدة.

وعن طقوس عاشوراء قال الجزائري: إنها كانت تنظم بصورة عالية، وكان الناس في هذه المناسبة يتركون الحاضر ليعيشوا مع واقعة تاريخية حصلت قبل أكثر من 1400 عام، فيتركوا فرديتهم، ويندمجوا في طقس جمعي. وتحدث أيضا عن بداية دخول جهاز (الراديو) إلى النجف، وكيف جوبه بالرفض والتحريم من قبل العديد من رجال الدين الذين اعتبروه منافساً للمنبر. وتطرق إلى دخول أول سيارة "باص" إلى النجف، وبداية دخول أجهزة التبريد والثلاجة وطقم القنفات وكل التغييرات التي طرأت على البيت النجفي، وكل التغييرات الاخرى التي طرأت بمرور السنين على الأزياء والعمران والعادات والتقاليد.

ولأنها احتضنت البصرة وأربيل مثلما اُحتضن الآلالف من نازحي ومهجري سوريا والعراق، ولأنها تاريخ بصفحة من تاريخ متحرك ارتبط بنضال وتضحيات شعب من احل نيل حقوقه. هي اربيل مدينة السياحة والاصطياف مدينة التراث العالمي والقلعة التاريخية، لذا كتب عنها الروائي السوري عبدالباقي يوسف روايته التي دخلت ضمن القائمة الرئيسة لجائزة البوكر هولير حبيبتي ، حيث تناول فيها سيرة هذه المدينة بقالب روائي مميز واستطاعت هذه الرواية وهي تسرد لأول مرة من خلال عمل روائي السيرة الذاتية لمدينة أربيل، أن تقدم تأريخاً لهذه المدينة عبر آلاف السنين وتتناول بالتفاصيل الإمبراطوريات والممالك التي تعاقبت عليها.

والرواية ايضا تتناول جوهر العلاقة بين الخيالي والواقعي في الرواية التاريخية، وما يميز هذا العمل أنه أول عمل روائي يتناول مدينة أربيل روائياً، ومن أهم ما يعتني به السرد الروائي هو إظهار الجانب الروحي في هذه المدينة التي تُعد من أقدم المدن التي ما تزال مأهولة بالسكان حتى الآن، ولبثت محافظةً على طابعها الروحاني، وجاذبة لأفواج السياح والزوار للإستمتاع بنفحات هذه الروحانية.

عندما ينتهي المرء من قراءة هكذا عمل أدبي تاريخي، ينتابه إحساس أولي بأن قراءة هذا العمل تكون كافية ليس لمن يريد أن يعرف كل شيء عن هولير، بل عن خصائص إقليم كردستان وما يمثله هذا الإقليم بالنسبة للشعب الكردي. ومهما قرأ من كتب ومؤلفات أخرى، فإنها لا تُغنيه عن قراءة هذه الرواية، والاستمتاع بدخول أجوائها.

لننظر كيف أن الكاتب يستدرج القارئ ليلج مملكة روايته : أدرك في لحظات أن هولير ليست كجميع المدن التي سافر إليها وأقام فيها، إنها مدينة الحلم الأزلية التي لا تقبل أن يدخلها المرء كما يدخل غيرها، أن يقيم فيها كما يقيم في غيرها، ثم يتركها كأن شيئاً لم يكن.

إنها ترفض ألا تتميز عن سائر أخواتها المدن في أرجاء الأرض، وهي التي استحوذت على قلوب ملوك وأباطرة وجبابرة وسلاطين وقادة الدنيا منذ فجر تاريخها، هي التي ضعف الجبابرة أمام قدميها، وهَن الملوك أمام سحرها، إستسلم الأباطرة لبديع قوامها ،خــرَّ السلاطين في حضرة هيبتها .

وانتهت الجلسة الحوارية بتوقيع كتاب النجف سيرة مدينة للكاتب والروائي زهير

 
   
 



اقـــرأ ايضـــاً
انخفاض ملحوظ.. رياح شمالية تكسر من حدة الموجة الحارة في العراق
لماذا يهاجرون؟".. كردستان تبكي ضحايا كارثة جديدة لـ "قوارب الأمل"
كم رهينة اسرائيلية على قيد الحياة؟ الإجابة صادمة!
الحر الشديد في بغداد..مقاومة بمياه النهر والمسابح وحلبة جليد
4 ملايين لاجئ عراقي في العالم
دليل البقاء على قيد الحياة في صيف بغداد.. توجيهات لمواجهة الحرارة المرتفعة
"الموت البطيء": سكان غزة يعيشون بجوار القمامة المُتعفنة والقوارض
على ماذا اتفق بوتين وكيم؟
صنفتها واشنطن إرهابية.. ما هي حركة "أنصار الله الأوفياء" العراقية؟
العراق يخسر 15% من الأراضي الزراعية
حرارة خمسينية وغبار في أجواء العراق غداً
تضامنا مع غزة.. مئات الطلاب يغادرون حفل تخرج بجامعة ستانفورد العريقة
 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





للمزيد من اﻵراء الحرة