توقفَ قلبُ مريم يونس تعينو الكبير فنالَنا قسطٌ من الحزنِ الى جانبِ أولادها وأحفادها، وجعَلنا نقِفُ امامَ تاريخ هذه الإمرأة الأصيلةُ، والمربّية الفذّة التي رَضَعت رِجالاً تُقاس عليهم درجاتُ البطولةِ، وفي مقدمتهم ابنها الكبير صباح توماس ( ابو ليلى) الذي كانت الجبال تهتزّ من وقعِ أقدامهِ، وكان إسمُه يُرعِبُ قلوبَ أعدائِه من كُل لونٍ وجِنسٍ على إمتدادِ عقودٍ من السنين، وهي أمٌّ لشابّين شهيدين هم: خيري توماس وطلال توماس اللذان إصطَبَغت أرضُ الوطنِ بِدِمائِهم الزَكيّة، وهم حاملين مِشعلُ الحريّة بِيدٍ والسلاحُ باليدِ الأخرى في وجهِ أعتى دكتاتورية عَرِفها العراق ومنطقة الشرق الاوسط.
توقّفت شرايينُ الحياةِ في جسمِ تلك الإنسانة، الحاملُ إرثُها وتاريخُها كُل ما هو صَقيل وجميل من مركز محلّات القوش المسمى أودو، وعائِلَتها تعينو تحملُ ذلك الاسم ومن تلك الدَوحةُ التي تركت موطِنها في منطقةِ تخوما من قلاعِ وجبالِ حَكاري العاصِية بأعالي بيث نهرين، لتسكن القوش قبل قرابة الثلاثة قرون.
مجداً لأم صباح التي سيبقى إسمها تذكار لِبَني قومها وهي تَتركهم لتلحق بزوجها ياقو شمو توماس، والذي فيه تتجمّع الصفاتُ الجيدة، والقيمُ العليا، من شجاعةٍ، وإنسانية، وكَدحٍ مُضني، وقِوامٌ منتصبٌ، وعضلاتٍ مفتولةٍ، هو من بيتِ ككّا الذي أنجب ايضاً قائدٌ انصاريٌ محبوبُ، وحكيمٌ راجِحُ العقلِ، هو الراحلُ الخالد توما توماس أبو جوزيف، وأنجب شهيدُ شباط الدامي عام 1963، هو الياس حنا كوهاري أبو طليعة.
أحبّ الله الأُم مريم فأمَدّ في عُمرِها الطويل ( 95 سنة) ، وهي تحتَ رعايةِ أبنائها وبناتها الغَيارى، فارقتهم مودعةٌ بعد ان إطمئنّت على أحفادٍ لها من تلكَ السلالةُ المتميزةُ، ليُحافظوا على ذلك الاسم وتلكَ المكانةُ ويزيدوا من رأسمالِها المعنوي والنِضالي والإنساني، وكُل ما متعلق بإرثِ الآباءِ والأجدادِ، من محبةِ الوَطن، واللُغة العَريقة، والحِكايات الزاخِرة بالعِبر، الى ما تبقى من ديارٍ وقُرى وبَلداتٍ هناك.
رحمة الله عليها وَرِضوانه لتسكن ديارُ النعيمِ في جنّاتٍ يَرِثُها الصالحين ومن كانوا قُدوة في حياتهم، ومن حرّك مشاعرَ الناس فإمتلك مَحبّتها وإحترامها.
California on September 8, 2021
Nabeel damman@hotmail.com