الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
كريم أحمد.. إلى حيث يسود سلام الأبدية!

كنا نحتمي بما نواجه من مصاعب وتحديات ومحن وعذابات ما ترمينا به الأنظمة المستبدة، بالأمل والرجاء في أن تضحياتنا سترسي أسس عالم آخر؛ حياة تتوشح بأبهى القيم والعلاقات، وتفتح للمعدمين والمتوكلين على قوة وعطاء سواعدهم وأدمغتهم باب التغيير والانفتاح حيث الإنسان هو القيمة الأسمى ومصدر الثروات والخيرات والمستقبل.

ولم يكن يخطر في بال كريم أحمد، المعلم الكادح والآف مجايليه من المناضلين الوطنيين والشيوعيين، أن عهداً سيحل علينا، حيث يصبح أشباه الرجال، المنحدرون من حثالة قيعانه، أسياد بلد، بعد أن حولوه إلى خرابة تليق بهم وتعكس سويتهم.

لم يكن يخطر في بالنا نحن جيل الوجع والخيبة، أن هؤلاء القادمين من أعتاب الجاهلية المتعفنة بشعارات الإيمان والتقوى الزائفة، المنقلبين على كل ما يدّعون تمثيله بهتانًا، على الأنبياء والمتقين، لا يحملون منه على سحناتهم سوى وشمٍ صار دلالة على كل ما يعنيه العار والنجاسة واللصوصية والتبعية والتعديات على الناس وكسر ما تبقى من هيبة الوطن. كريم أحمد فارق حياتنا هذه، دون أن يتخلى عنه الأمل في انبثاق عالم الحلم بوطن حر وشعب سعيد. ربما خفف عنه طول العمر وتقلبات الزمن الأغبر رؤية الأشباح التي تسد باب الأمل أمام العراقيين أينما اتجهوا بأنظارهم.

لم يضعف إيمان أبي سليم المشهد السياسي الذي بلغت عفونته وترديه حد عودة رموز الخراب والفساد والتبعية دون حياء أو تهيب إلى التصدي من جديد لمحاولة الإجهاز على ما تبقى من حلم العراقيين في الصبر على المكاره والمظالم والفسوق الذي ارتكبوه طوال عقدين من استيلائهم على إرادة الناس خداعاً وتدنيساً. وبلغ الانحدار حدًا وصاحبهم الذي ردّد نشيد عاره "ما ننطيها" أنه يريد أن يشعل نيران الفتنة من جديد، ويمتطي فرس يزيد متوهمًا أنه يوالي حسينًا، والحسين منه وإطاره المتصدع المتصدئ براء، يشكو جده المهانة التي تعرض لها الدين وقيم التسامح على أيدي اللصوص الذين باتوا يتحكمون بإرادة من آمنوا بتضحية الحسين ويعيثون فسادًا أينما حلوا وارتحلوا.

يرحل كريم أحمد اليوم دون أن ينسى تذكيرنا بأن اعتماد السلاح وكثرة الجموع ليست دائمًا مصدرًا للقوة، ومنارًا للهداية وأداة لبلوغ الهدف.

يذكرنا كريم أحمد أن المبادئ والقيم السامية والاستعداد للعطاء والأثرة وإشاعة ما يعبّد دروب الناس الذين يحملون راية العدالة والمساواة والتآخي بين البشر، تلك الراية التي تلفّع بها كفنًا في صحراء الربذة أبو ذر الغفاري، وسلام عادل ورفاقُه في قصر النهاية وقوافل الشهداء على مر التاريخ، حيث تشهد لهم ساحة التحرير تحت جدارية جواد سليم وجسر الأحرار بطولات راهنة ستظل تقض مضاجع صاحب ما ننطيها وأقرانه ممن يتظاهرون بالنسيان. ويتناسون أن دماء الشهداء التي أراقوها في انتفاضة تشرين "فمٌ"، فمٌ لا كالمدعي قولة...!

كريم أحمد تأكد، أن رفاقك من الأجيال الجديدة، جيل الانتفاضة وأشياعهم الذين تحصنوا بالقيم والمآثر التي خلفتموها عبر سنوات عطاءاتكم لن يتخلوا عن الدروب التي تعبدت بالبطولات والمآثر، وسيأخذون بالاعتبار الأسباب التي أتت بفضلات قيعان مجتمعنا الذي أفسده تعاقب الدكتاتوريات والاستبداد.. نم كريم أحمد موشحًا بعباءة القيم الكبرى التي أمدّتك بشجاعة المواصلة على حمل راية عالم الحرية والعدالة.

  كتب بتأريخ :  الإثنين 18-07-2022     عدد القراء :  1743       عدد التعليقات : 0