الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
الوقوف بحزم ضد اعتداءات تركيا يعد انتصاراً للعراق

ليس هناك حكم أو قرار وسطي بخصوص انهاء وجود القوات التركية وعودتها لتركيا بدلاً من استغلالها لحرمة العراق والتمادي في الإساءة لاستقلاله واحترامه كدولة معترف بها من قبل المجتمع الدولي وفي مقدمتها هيئة الأمم المتحدة، وليس بالإمكان التغاضي عما قامت وتقوم به هذه الدولة العدوانية وضرورة إدانتها من قبل مجلس الأمن الدولي وإصدار قرار بخروجها من العراق ومنع أي تدخل او عدوان أجنبي مثلما فعلت إيران قبل شهور بقصفها الصاروخي لأربيل وتدخلاتها العسكرية بالحجة نفسها بمحاربة القوى الكردية الإيرانية المعارضة.

الحكومات التركية المتعاقبة لم تكن يوما ما تحمل الود والاحترام للعراق واعتباره جاراً لهم، لأن هذه الحكومات والدولة نفسها كانت ومازالت تعتقد ان أجزاء من العراق ملكاً طابو لهم كالموصل وكركوك وأجزاء أخرى وهي تكيل بمكيالين وتتحين الفرص للدخول إلى الاراضي العراقي تحت أي حجة ممكنة لتبقى محتلة  بدون أي اعتبار قانوني أو شرعي، وكانت الفرصة التاريخية السانحة لها حينما سمح صدام حسين والحكومة العراقية حينذاك للأتراك دخول العراق ( 5 ) كم  واستغلت الحكومات التركية ذلك واتسعت رقعة العمليات العسكرية التركية حتى وصل الأمر إلى  أن القوات التركية دخلت بعمق ( 200 ) كم واصبح في الواقع احتلالاً، وإقامة قواعد عسكرية ثابتة ومتحركة وقد اعتبر حينها طارق حرب الخبير القانوني قبل "رحيله " أن اتفاق صدام وتركيا بشأن دخول القوات التركية قد انتهى منذ نهاية الحرب العراقية الايرانية سنة 1988 وقال الخبير القانوني لوكالة نون الخبرية لقد سمعنا يوم 5/12/2015 أن البعض من اشباه المحللين وانصاف السياسيين كانوا أتراكاً اكثر من تركيا عندما برروا دخول القوات التركية بوجود اتفاق بين العراق وتركيا " اذن المرحوم حرب لم ير بأم عينيه القاعدة العسكرية التركية بالقرب من زاخو في عهد النظام السابق  والانكار عبارة عن ذر الرماد في العيون واستعمل لغلق الافواه والمطالبة بمعرفة الحقائق وما جرى بعد 2003 بعدما نشرت البعض من وسائل الاعلام أن الحكومة التركية تقوم بعملياتها العسكرية بالاتفاق مع الحكومات العراقية الحالية بينما تنفي الأخيرة عن أي اتفاقية جديدة، ثم أن الحديث يدور عن اتفاقية جديدة في 2007 أي في عهد نوري المالكي ، وتُتْهم الحكومة العراقية بعدم قدرتها لحفظ حدود العراق وإخراج حزب (PKK) من الإقليم، مع العلم إن برلمان الإقليم صوت في 12 / 5 / 2003 على قرار إخراج القوات التركية  من مناطق كردستان العراق، إلا أن تركيا لم تأبه لأي دعوة لخروجها ولديها اكثر من (20) قاعدة، وهناك تسريبات عديدة  عن وجود اتفاقيات أو مفاوضات أو ترضيات بالبقاء على القوات التركية وتأمين تحركاتها وزيادة قواعدها في مناطق تقدر ب 200 كم  وهذا ما جرى في الاعتداء المجرم الأخير على السائحين المدنيين إلى استشهاد ( 9  )مواطنين وجرح( 31 ) آخرين، هذه الاعتداءات التي استمرت وما زالت تستمر بدون موافقة او موافقة حكومتي الإقليم والحكومة المركزية وهي كثيرة حتى أن فؤاد حسين وزير الخارجية العراقية أشار في 23 / 7 / 2022 على حجم الانتهاكات للأراضي العراقية والتي قدرت في تسجيل أكثر من 22 الفا و700 انتهاك تركي منذ 2018 ضد سيادة العراق، وعلى ضوء ذلك قدمت  وزارة الخارجية ( 296 ) مذكرة احتجاج على التدخلات التركية حيث ارفقت "مؤخرا مع الشكوى المقدمة إلى مجلس الأمن الدولي تجاه تركيا" الآن كم يقال اصبحت الكرة في ساحة مجلس الأمن واتخاذ القرار المناسب  في إدانة الاعتداء على السواح العراقيين،  وكان من الضروري اتخاذا القرار الواضح للحفاظ على العراق كدولة عضو في هيئة الأمم المتحدة، وقد شككنا بصدور قرار إدانة واضح،  إدانة  واضحة لتركيا والمطالبة بخروج قواتها من الأراضي العراقية وهو أمر مطلوب بدلاً من قرار جزئي لم يتناول القضية برمتها ولطالما غبنت بلدان وشعوب بمطاطية مجلس الأمن الدولي ومراعاة التوازنات فيه (دولة اسرائيل خير مثال)  والضحية بلا شك العراق والشعب العراقي، مع هذا فإن تنديد أعضاء مجلس الأمن الدولي وشدة عباراته حول الهجوم الذي وقع يوم 20 / 7 / 2022 يبقى تنديداً لحادثة واحدة ولم يشمل تدخل تركيا المستمر وقواعدها العسكرية واثبت عدوانية تركيا ضد مصلحة العراق والشعب العراقي على الرغم من عدم شموليته للقضية، إلا أن ذلك لن يكون نهاية العالم لأن الحكومة العراقية الآن وفي هذه القضية بالذات لها دعم شعبي واسع من قبل جميع المكونات الشعبية الوطنية والقومية والإسلامية ودعم من اكثر القوى الوطنية التي تطالب اتخاذ إجراء يخدم مصالح العراق ويدافع عن الشعب ليس من هذه الاعتداءات التركية فحسب بل كل من يحاول المساس بسيادة البلاد مهما كانت الحجج والتقولات والعلاقات، لأن هذا العدوان اللئيم الذي تجاوز كل الأعراف والقوانين الدولية والإنسانية ليس له علاج إلا علاج واحد وهو اتخاذ الموقف الحازم، لقد أشار بحق بيان الحزب الشيوعي العراقي في 20 / 7 / 2022 إلى دعوة صريحة وملزمة لكل وطني غيور إلى " المنظمات الدولية والحكومات في العالم الى إدانة العدوان التركي البشع، فإننا نطالب الحكومة العراقية بعدم تمرير هذا الفعل الآثم من دون رد دبلوماسي وسياسي يليق بدماء الابرياء، وضمان عدم تكرار الهجمات التركية على الاراضي العراقية" لا بل إدانة أي اعتداء او تدخل من قبل أي دولة اجنبية أخرى.

أن شكوى العراق وقرار مجلس الأمن الدولي ستكون له تداعيات إيجابية او سلبية غير قليلة فقد أدان مجلس الأمن الدولي " الهجوم على مصيف زاخو في محافظة دهوك" وطالب بدعم السلطات العراقية في التحقيق بشأن الهجوم " لكن القرار لم يدين تركيا وتدخلاتها ويطالب بخروج القوات التركية من الأراضي العراقية ومع ذلك فطريقة التنفيذ تحتاج الجهود ومتابعة وملاحقة التدخل في الشأن العراقي الداخلي ..

اولاً: جهود وطنية في اتخاذ الموقف الصحيح تجاه مصلحة العراق إضافة الى وجودة قدرة عسكرية متطورة للدفاع عن البلاد لكن لا يعني الذهاب للحرب او فض النزاعات بقوة السلاح  بل بالطرق السلمية وبتضامن الشعب العراقي وقواه الوطنية الخيرة غير المرتبطة خارجياً ودعم الحكومة بالمطلق للدفاع عن الحقوق المشروعة وتضامن الشعب العراقي مع القرار الذي تتخذه الحكومة العراقية دفاعاً عن البلاد.

ثانياً: جهود اممية بأن تجري متابعة مجلس الأمن الدولي في تنفيذ القرار بطرق دبلوماسية وضغوط دولية لإخراج القوات التركية من الأراضي العراقية أو حتى الوصول إذا اقتضى الأمر إلى ارسال قوات من قبل الأمم المتحدة.

 وإضافة الى ما ذكر هناك قضايا ذات أهمية بالغة وبخاصة قضية التعامل التجاري والعلاقات الاقتصادية فتركيا تستفيد من العراق بمليارات الدولارات وهي قضية حاسمة للاقتصاد التركي وأزمة تركيا الحالية ولهذا يعد العراق من البدان الكبيرة التي تستورد  البضائع والخدمات الاستهلاكية ويشكل هذا الاستيراد حوالي 27% من مجموع استيراد الدول العربية من تركيا وتمثل الاستيرادات العراقية مجموعة من السلع والبضائع فبالإضافة إلى الحبوب والدواجن ومواد البناء والأدوات الكهربائية والزينة والملابس والأثاث والمعجنات والمعلبات وأنواع الخضروات بما فيها الطماطم  وهناك ايضاً تتمثل الاستيرادات الذهب المصنوع وأنواع المجوهرات...الخ وحسب الإحصاءات التي افرزتها الاستيرادات نضرب مثالاً مصغراً " ان حجم الاستيراد عام 2021 بلغ حوالي  (438،5) مليار دينار عراقي" وهي اثمان البضائع من البرتقال والليمون الحامض واللحوم المعلبة وأنواع الحلويات والقمح والفواكه  وغيرها هذا الكم الهائل من الأموال وغيرها من مصادر الاستيراد التي تستفيد منها تركيا اقتصاديا يجب التفكير الجدي في الضغط على تركيا والعمل باتجاه تقليص الاستيرادات جزء من الضغوط حتى بالنسبة لحبس مياه دجلة والفرات، ونجد أن استيراد البضائع من إيران لا يقل عن تركيا أهمية فقد اكدت رئيسة دائرة معايير الجودة مهناز همتي، في محافظة ايلام الإيرانية الاثنين 25 / 7 / 2022 عن تصدير ( 51 ) الف طن من السلع والبضائع وقضايا أخرى منذ  شهر آذار الماضي من خلال معبر منف مهران الحدودي وذكرت مهناز همتي "، أن معظم البضائع والسلع المصدرة والتي خضعت لمعايير جودة الانتاج هي أحجار البناء وحجر الحديد والبورسلان والقضبان الحديدية والمواد البتروكيمياوية وقطع غيار السيارات"  وهكذا نرى كيف تهدر أموال العراق الذي لو اقتيد سياسيا بشكل وطني لتغيرت المعادلات وطرق تبادل البضائع والسلع وكانت الأمور افضل بمئات المرات عما هو الحال في الوقت الراهن

  كتب بتأريخ :  الخميس 28-07-2022     عدد القراء :  2100       عدد التعليقات : 0