الفتوى حسب الموسوعة الحرة هي مرسوم ديني في الإسلام يقوم باصداره علماء في الشريعة الإسلامية حسب الأدلة الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية. يتم إصدار الفتوى عادة نتيجة غياب جواب واضح وصريح يتفق عليه الغالبية في امر من امور الفقه الإسلامي ويتعلق بموضوع شائك ذات ابعاد سياسية او اجتماعية او اقتصادية أو دينية. وصدور فتوى معينة لا تعني بالضرورة أن جميع المسلمين سوف يطبقون ما جاء فيها. ويرى بعض علماء المسلمين ان بعض الفتاوى تصدر من اشخاص لا يعتبرون اهلا لاصدار الفتوى.
بعد سقوط النظام السابق انتشرت التوجهات الدينية في العراق اكثر من ما قبل ذلك السقوط. وهذه التوجهات قد قسمت الناس على اساس طائفي. والاخير هو الذي شكل الحاضنة لانتشار التطرف. وعدا سقوط ذلك النظام فإن من اسباب انتشار التوجهات الدينية هو استمرار تعمد الدولة في التراجع عن فرض سلطتها وهيبتها، وهذا فضلا عن انتشار فضائيات التطرف.
وكانت الفتاوى السياسية الاجنبية مثل هذه التي اطلقت ضد الكاتب البريطاني سلمان رشدي قد فتحت الباب امام بدايات التطرف الديني. وكان يتوجب ان تبقى هذه الفتوى في حدود البلد الذي اطلقت فيه، لا فرضها على الجميع خارج تلك الحدود للالتزام بها وتطبيقها. وإلا فاننا هنا سنخلق استبدادا خطرا وتهديدا للمجتمع إن لم يبادر الى وضع حد له.
انه لابد من التأكيد هنا الى الا تكون الفتاوى او اية فتوى اخرى سواء الصادرة في داخل البلد او خارجه ومن اطلقها فوق القانون وفوق الدولة، عندنا في العراق خصوصا. ونعني بهذه تلك الموجهة لارتكاب جرائم قتل وتحريض عليه مثل ما رأيناه مع اعترافات المجرمين الارهابيين الذين امسكت بهم القوات الامنية. فهؤلاء من قتلة خبير امني وصحفيين قد ادعوا كلهم بانهم كانوا يتحركون وفق فتوى دينية. وعلى الرغم من ابقاء الدولة لمصدر الفتوى سرا إلا اننا يمكن بسهولة حدس من يكون.
من المهم عدم فسح المجال لتطبيق الفتاوى الاجنبية خارج البلدان التي ظهرت بها. وهذا لن يحدث إلا بتشريع قانون يمنع الفتاوى الصادرة خارج بلدنا لتطبيقها فيه، وذلك لحماية المجتمع والسلم الاهلي. إن الفتاوى الدينية الموجهة ضد اشخاص معينين مهما كان الرأي بشأنهم هي شكل من اشكال الارهاب. ورجال الدين من خارج العراق هم ليسوا جهاتا مؤهلة ليفتوا ويفرضوا رؤاهم على الناس والمجتمع في اي مكان. والشخص الذي يرتكب جرائما في اي بلد بحجة تنفيذه لفتوى صادرة في بلد آخر يعتبر ارهابيا مجرما. نقول هذا كي نضع حدا لارتكاب جرائم القتل او ما يسمى بهدر الدم بحجة صدور فتوى بشأنها في اي بلد خارجي. ووجوب تنظيم كل هذا بقانون بهدف حماية المجتمع والحريات العامة هو من واجبات الدولة. وإن اي تقاعس مثل هذا سيؤدي الى انفلاتا وتشجيعا لانواع المجرمين والمعتوهين على التجاوز. مثال هذا ما قام به قبل سنوات معمم هارب في ايران ضد احد افراد القوات الامنية.
ان تطبيق الفتاوى السياسية يعود بشكل رئيسي الى تراجع دور الدولة ومعها انتشار التطرف، اي بعلاقة عكسية. فالفتاوى يجب الا تكون ضد الشعب ولا الحريات العامة ولا قوانين البلد. لكن مع تعمد الدولة إبقاء دورها ضعيفا نكون نحن هنا امام مفارقة تراجع الدولة امام الجهات الدينية الاجنبية وفتاواها في نفس وقت تسلط نفس الدولة وتنمرها على المواطنين والمجتمع. وهذه ليست دولة ضامنة لمصالح البلد ولا دولة مواطنة...