تتجه ايران اكثر فاكثر للتعامل مع دول العالم بشأن مشترياتها ووارداتها بعملات غير الدولار. لكنها مع العراق لا تريد إلا التعامل بالدولار فقط وذلك لتأدية اجور توريد الطاقة كالغاز والكهرباء مثلا. ونتساءل نحن على هذا عن اسباب عدم قيام ايران باستبدال الدولار الى التعامل بعملات اخرى للحصول على اجور الكهرباء مع العراق اسوة ببلدان العالم الآنفة ؟
بسبب فرض عقوبات دولية على ايران من ضمنها حرمانها من نظام سويفت العالمي قامت هذه باستخدام عملات اخرى في تعاملاتها التجارية. وابتداءا من العام 2012 صارت تستخدم اليوان الصيني في تسوية التجارة مع الصين. ولم تكن ايران هي الدولة الوحيدة التي استغنت عن اعتماد الدولار. إذ ان دول اخرى مثل روسيا وبنغلادش والبرازيل والارجنتين قد استغنت عنه وتحولت الى استخدام اليوان الصيني في تعاملاتها.
في العام 2015 أعلن نائب مدير البنك المركزي الإيراني بأن السلطات الإيرانية لن تستمر باستخدام الدولار في تعاملاتها التجارية مع الدول الأخرى، وانها ستستخدم عملات الدول التي تتعامل معها في علاقاتها التجارية، كالليرة التركية واليوان الصيني والروبل الروسي والكون الكوري الجنوبي واليورو والعديد من العملات الأخرى. وتابع قائلا بأن إيران تسعى لعقد اتفاقيات تبادل ثنائي بالعملة المحلية مع عدد من الدول، مما يسهم في تسهيل المعاملات التجارية والاقتصادية.
السؤال الذي يتبادر الى الذهن بعد هذا العرض السريع لعملة التعاملات التجارية الايرانية هو لماذا تقوم ايران باعتماد العملات الوطنية للدول التي تتعامل معها لكن تصر مع العراق على التعامل بالدولار الامريكي حصرا مع كل المشاكل التي يتسبب بها للطرفين ؟
اننا نعتقد بان الامر يتعلق بالسيطرة على العراق. فلو ان ايران كانت تريد الدفع بغير الدولار لكانت قد سهلت الامر مثلما رأينا في الامثلة اعلاه، لكنها بقطع توريد الغاز بشكل مفاجيء قد اثبتت بانها لم تحاول كونها مستفيدة من التكبيل الامريكي للعراق بالدولار. فالامريكيون يريدون تحويل العراق الى اداة لخدمة مصالحهم مثل بموض العقوبات. لهذا السبب كبلوه بموضوع الدولار في سياق فرضه كاداة هيمنة سياسية على العالم. والسيطرة على العراق كان هدف الغزو قبل عشرين عاما. والايرانيون يستفيدون ايضا من هذا التكبيل الامريكي للعراق مع الدولار كونه يوفر لهم رافعة للضغط والابتزاز ولاضعاف البلد. فهم ايضا لا يريدون عراقا مستقلا يمكن ان يعرقل هيمنتهم على بلدان اقليم الشرق الاوسط. ولو ان ايران قد سهّلت للعراق استخدام عملات اخرى للدفع والتعامل لكانت قد حررت العراق من ربقة الدولار. لكن كما يمكن للجميع ان يحدسه فإن آخر ما تريده هو ان تجرد نفسها من رافعة الضغط هذه.
فيما يتعلق بالسوداني نقول بان ترك الناس تحت رحمة درجة الغليان في الصيف هو استهتار وتلاعب بهم وعدم اكتراث يصل الى حد الجريمة. وهو وبطانته وحاشيته وحلفائه العملاء يتوافرون على الكهرباء في بيوتهم واماكن عملهم على مدار الساعة مع تركهم للناس في الحر القائض. ولا نريد منه سماع الاسطوانة المضحكة عن تسديد كامل اجور الغاز مع احتمال مكوثها في مصرف التجارة. فهو مصرف عراقي حكومي، لا اجنبي. وكان على السوداني ان يضمن ذهاب تلك الاموال الى الوجهة النهائية، او العمل على التحول نحو عملات اخرى لحماية مصالح البلد واستقلال قراره السياسي. فهذا كان اجدر من التراكض الى حلول آنية وغبية مثل المقايضة. وهو ما يشير الى ان السوداني لا يعبأ إلا بالبقاء على كرسي السلطة باي ثمن. واختيار السوداني واطاره العميل ابقاء العراق تحت السيطرة الايرانية والامريكية الى ما لا نهاية هو حنث باليمين الدستورية واستخفاف بالناس، وهو ما تجوز عليه الثورة لتغييره.