في شهر تموز الجاري وقع العراق وشركة توتال إينرجيز الفرنسية اتفاقا للطاقة قيمته 27 مليار دولار يهدف إلى زيادة إنتاج النفط وتعزيز قدرة البلاد على إنتاج الكهرباء بأربعة مشاريع للنفط والغاز والطاقة الشمسية لفترة 25 عاما.
وقد ظهرت في الاخبار بعد الاعلان عن توقيع العقد تساؤلات مشروعة من لدن خبراء النفط الوطنيين لتوضيح مكامن الخلل في العقد ومصلحة البلد منه من عدمه اهمها غياب تفاصيل العقد. وهو امر صارت تدمنه كل حكومات 2003. احد هذه التساؤلات كانت للخبير النفطي حمزة الجواهري بتاريخ 13 من الشهر الجاري في صحيفة الزمان الصادرة في لندن. وقد اوضح الجواهري بطريق مقارنة ما سرب عن الاتفاقية مع الوقائع اشكال خطل الاتفاق مع شركة توتال انرجيز.
على الرغم من كل هذه الجهود المشكورة نعتقد بان امر المبادرة للتصحيح بطريق القضاء هو الاحسن والاعدل لضمان الحفاظ على المصالح الوطنية. لذلك نرى بوجوب اطلاق دعوى قضائية لدى المحكمة الاتحادية ضد الحكومة لمعرفة مدى تطابق الاتفاقية مع الدستور في المادة (111) القائلة بملكية الشعب العراقي لثرواته النفطية والغازية ولابطال الاتفاقية في حال تعارضها معها. وهذا مع توارد اخبار عن قيام الحكومة المؤتمنة على ادارة ثروات الشعب بالتنازل عن حصتها في المشروع الى حد ال 30 بالمئة. ومع ايراد امر الحصص وفترة الاتفاق الطويلة يكون الاستنتاج هو ان العقد هو عقد مشاركة بالانتاج مما علمناه ايضا من الاخبار. ايضا في الدعوى يتوجب معرفة مدى تطابق الاتفاقية للمادة (112) القائلة بوجوب تحقيق اعلى منفعة للشعب العراقي، مما لا نراه نحن في الاخبار المسربة. وستعتمد الدعوى الى ان نص الاتفاقية لم ينشر وابقي سرا وهو امر يعارض التزامات الحكومة لشروط اتفاقية الشفافية في الصناعات الاستخراجية. فللشعب الحق قي معرفة كيف تدار امواله من قبل الحكومة. الحكومة في ردها على الدعوى ستكون مجبرة لتوفير نسخة الاتفاق للمحكمة لدعم اجاباتها. بتحصيل الحاصل هذا سيكون بالامكان الاطلاع على النص من خلال هذه الاجابات.
قبل الانتهاء من الموضوع نرى ضرورة اضافة هذه النقطة والتي نرى بانها لم تعر الاهتمام الكافي من قبل الاعلام المتحالف مع السياسيين. اننا اعتمادا على ما ذكره الخبير النفطي احمد موسى جياد في احد مقالاته عن هذه الاتفاقية قبل توقيعها عندما قال بانها عديمة الجدوى الاقتصادية نعتقد بان اتفاقية توتال انرجيز هي اتفاقية سياسية تهدف الى تحقيق عدة اهداف. من هذه ربط الفرنسيين بمصالح اقتصادية مع العراق لمجابهة تركيا وتعويض الضعف العراقي ازائها. فللفرنسيين خلافات مع الاتراك تتعلق بحقل غازي كبير يقع في شرق البحر المتوسط. والعراق بهذا يكون قد تنازل كثيرا لتحقيق هذا الربط. اضافة الى هذا محاولة تنويع التسلح من مصدر لا يضع شروطا سياسية. وعمليات بيع السلاح تتخللها دائما مصالح اقتصادية. وايضا محاولة ايجاد طرف يمكن ان يوفر مجالا للمناورة بين النفوذ الغربي والاقليمي في العراق.
نتعجب من عدم انتباه الخبراء الى طريقة اللجوء الى المحكمة الاتحادية كما اعلاه للحصول على اجابات من الحكومة. فهذا برأينا هو ما كان يجب اتباعه من البداية مع كل اتفاقيات النفط والغاز التي ابقتها الحكومة سرا ولم تنشرها.