في آذار الماضي فاز العراق بقضية تحكيم دولي ضد تركيا عن خرقها لاتفاقية استخدام الانبوب المار في اراضيها في تصدير النفط. وقد تضمن الحكم أمرا لتركيا بدفع حوالي 1.5 مليار دولار للعراق قبل احتساب الفوائد في حكمها الذي يغطي الفترة من 2014 إلى 2018. لكن منذ صدور القرار الدولي صارت تركيا تماطل في تنفيذه. وهو ما يعني ان العراق سيكون مضطرا للانتظار وقتا طويلا قبل استحصاله لحقه الذي تجاوز عليه الاتراك.
في مثل هذه الحالة لا يمكن للعراق ان يبقى مكتوف الايدي. لنرى ما الذي يمكن ان يلجأ اليه من اجراءات لاستعادة حقه. فللعراق امكانية استعادته بنفسه بمعية القضاء الدولي.
لندقق في حالة الاقتصاد التركي وما يأتي اليه من اموال سنويا. تمثل موارد الصادرات التركية أحد أهم القطاعات التي تساعد على رفد الخزينة التركية بالاموال. إذ تعمل تركيا على تنمية هذا القطاع بشكل كبير ليحقق كل عام ارقاما تتجاوز العام الذي يسبقه. وهو ما يعني اننا ازاء اقتصاد قوي ينمو بشكل جيد، وله امكانية تسديد التعويضات المطالب بها دوليا دون ان يتأثر. وقد بلغت قيمة الصادرات التركية للعام 2020 254 مليار دولار. ويجري التخطيط لان تصل قيمتها ال 400 مليار دولار بحلول العام 2028. مما يلاحظ فان قيمة التعويضات المطالبة بها تركيا لا تعادل إلا نسبة بسيطة من جزء من مواردها السنوية التي هي هذه الصادرات. استنادا إلى هذه الحقائق يمكن استحصال امرا قضائيا لمصادرة هذه الاموال او جزء منها وتحويلها الى العراق لدفع قيمة التعويضات.
وككل دول العالم فلدى تركيا مصالحا في الخارج ايضا. فمن بلدان في العالم تقوم تركيا باستيراد المواد الاولية اللازمة لصناعاتها واقتصادها المتنوع. وهو ما يستوجب إنشاء ارصدة مصرفية في هذه الدول توضع فيها الاموال المخصصة لدفع اثمان المشتريات. هنا ايضا يمكن استحصال امرا قضائيا لوضع اليد على هذه الاموال ومصادرتها. يكفي العراق فقط البحث عن هذه الدول.
ويمكن الا تقتصر عملية البحث عن الاصول المالية التركية على الاموال المودعة في المصارف فقط. إذ ان الحجز يمكن ان يشمل كل ما هو عائد الى الحكومة التركية خارجها. واستنادا على السابقة التي تمثلها الحالة التي مر بها بلدنا في السابق فمن الممكن ان يشمل الحجز اية ممتلكات واصول اخرى مثل الاراضي والمباني والشركات الحكومية وحتى الطائرات المدنية. ويمكن طبعا تعليق اجراءات الحجز هذه متى ما تعهدت تركيا بالالتزام بالقرار الدولي وتحويل اموال التعويضات المطالبة بها باسرع وقت.
نعتقد بان حكومة السوداني قد بدأت بالخطوة الاولى في هذا المجال. إذ ظهر في نيسان الماضي خبر في الاعلام يقول بتقديم العراق التماسا إلى محكمة اتحادية امريكية لتنفيذ حكم تحكيم ضد تركيا يتعلق بصادرات نفط عراقية مرت عبر خط أنابيب إلى ميناء تركي. هذا الخبر المقتضب يشير الى ان حكومة السوداني قد بدأت اجراءات وضع اليد على الاصول التركية في الخارج ابتداءا بالولايات المتحدة الامريكية.
وطبعا في كل من امور بلدنا قد رأينا تجاهلا من الاعلام الآخر الذي نعتقد من كونه غير مرتزق لهذا الامر حيث لم نرى اية متابعة له حوله. بينما عملهم الاساس هو إعلام العراقيين. وسنبقى نحن بمتابعة تطور الامر مع تركيا.