ما زالت مقبرة قضاء الحمدانية تستقبل بألم وحزن كبيرين الضحايا الذين خسروا حياتهم جراء الحريق الذي اندلع بفعل فاعل في قاعة العرس التي شيدت على أرض زراعية حكومية وباستحصال موافقات عن طريق الضغوطات الميليشياوية ودفع الرشاوي للمسؤولين الفاسدين، ودون الالتزام بأبسط شروط البناء والسلامة العامة. وبالوقت الذي توقع أهالي المنطقة وأهل الضحايا الأبرياء خاصة والجماهير العراقية أن تخرج لجنة التحقيق التي شكلتها وزارة الداخلية بتقريرها الذي يشير بشفافية، ودون مواربة وغموض عن المسبب الحقيقي لهذه الجريمة الكبرى من سياسيين فاسدين ومسؤولين مرتشين وأيدي خفية أشعلت النيران لقتل اكبر عدد ممكن من المشاركين في هذا العرس، تخرج علينا هذه اللجنة بتقرير مهلهل وبائس يدل على استخفاف هذه اللجنة بعقول الناس وبحياة أبناء قضاء الحمدانية، وكما فعلوا في نتائج التحقيقات في نكبات كثيرة مرّ بها شعبنا ومنذ عام ٢٠٠٣ ولحد اليوم. كما ظهر نائب وزير الداخلية ومن على شاشة فضائية الشرقية وتحدث بإسلوب متعجرف لكي يرد على تشكيك المواطنين بنتائج التحقيق ومطالباتهم بلجنة تحقيق دولية مستقلة تقوم بالكشف عن المسببات الحقيقية لهذا الحريق الجريمة.
في هذه الظروف الصعبة والجدية ينبغي على جميع كنائس العراق أن توحد كلمتها وجهودها من أجل كشف حقيقة الجريمة التي ارتكبت بحق أهلنا في بغديدا، وهذا أقل ما يمكن لهذه الكنائس القيام به دفاعاً عن الحقيقة أولا وثانياً من أجل أبناء أبرشياتهم، حيث يستهدف المجرمون بالمقام الأول بث الخوف والرعب في نفوس أهالي سهل نينوى ودفعهم لترك بيوتهم وهجرة وطنهم الذي بني على أكتافهم وعاشوا وترعرعوا فيه، واحتلال منازلهم وأراضيهم. كما ينبغي على رؤساء الكنائس العراقية وضع المنظمات الدولية وخاصة هيئة الأمم المتحدة أمام مسؤولياتهم تجاه شعبنا عن طريق مطالبتهم بإرسال لجنة دولية مستقلة لكشف ملابسات النكبة التي حلت بأهالينا وكما فعلوا في التحقيق في تفجير ميناء لبنان.
يجب التوقف هنا، فقد تجاوز الإرهابيون والقتلة والفاسدون من كل حدب وصوب الخط الأحمر تجاه شعبنا المسيحي، مرة بتشريدهم من منازلهم والاستحواذ عليها، ومرة بارتكاب جرائم القتل ضدهم، ومحاربتهم بأرزاقهم، أو بتهديدهم بالقتل، ومرة بالتطاول على رموزهم الدينية كما فعلوا مع سيادة البطريرك ساكو. لذلك يجب عدم السكوت على هذه الجريمة، كما ينبغي على جميع الوطنيين العراقيين التضامن مع أهالي الحمدانية والمسيحيين بشكل عام والصابئة المندائيين والأزيديين الذين يعانون من سوء تعامل الدولة ومؤسساتها تجاه المواطنين الأصلاء.
لن نسمح أن تصبح هذه الجريمة النكراء ملفاً منسياً كما حدث في ملفات عبّارة الموصل، وجريمة الكرادة، وجريمة احتلال داعش لثلث الأراضي العراقية، وجريمة سبايكر، وعن قتلة شهداء انتفاضة تشرين، وحرائق المستشفيات وغيرها ، حيث سنقرع جميع الأبواب والضمائر داخل وخارج العراق من أجل الوصول إلى الحقيقة التي يحاول الساسة الفاسدون طمسها لتبرئة المجرمين، ولن نسكت بعد الآن عن فضح السياسيين الفاسدين وكتلهم وميليشياتهم المنفلتة التي تعيث بالعراق فساداً والعبث بأمن المواطنين وتهدد وتقتل دون رادع وغطاء من قبل الساسة الفاسدين.
لا لن نتوقف عن فضح نوايا المجرمين القتلة وأسيادهم.