عادت الى الواجهة موضوعة انشاء مدن صناعية في البلاد , بعد ان سمعنا عنها الكثير اعلاميا , رغم مرور سنوات على تصريحات وبرامج الحكومات المتعاقبة واخرها ما صدر عن الحكومة الحالية ارتباطا بطريق التنمية , واخرها البيان الحكومي بان شركة صينية ستنفذ مدينة صناعية متطورة في مدينة البصرة لصناعة وانتاج الحديد ولكن من دون رؤية عمل شاخص على الارض .
الحكومة اعلنت عن بناء مدن صناعية مع ايران وتركيا والسعودية والاردن وكلها رغبات لم ترى النور لغاية الان ولم تتوضح جدواها الاقتصادية وتأثيرها على الصناعة الوطنية التي تعاني من تحديات كبيرة وتخلف وعدم القدرة على المنافسة والبلاد عبارة عن سوق لتصريف منتجات ايران وتركيا , بل ان كثير من الصناعات توقفت جرا ء الاستيراد المنفلت وغياب الحماية والدعم لها .
المدن تبنى على اساس دراسات علمية للجوانب الاقتصادية والاجتماعية ومدى مساهمتها في التطور ونمو الدخل الوطني والشراكة الجادة والمساعدة على بناء صناعة وطنية ودعم القائم منها , وهذا ما يثر العديد من الاسئلة على ما نحن بصدده .
ان خارطة المدن الصناعية اصبحت تشمل كل المحافظات العراقية ويعلن عن نسب انجاز على الورق ,وانها مدن للاستثمار , ولكن لا يوضح دور القطاع الخاص الوطني فيها ومقدار مشاركة الرأسمال العراقي في انشاءها وحاجة الاقتصاد الوطني لها .
هذه المشاريع الاقتصادية التي تهدف الى تطوير القطاع الصناعي بشكل اساسي
فمن معاير نجاحها تقليص الاستيراد وزيادة التصدير وتوفير فرص عمل للأيدي العاملة الفنية والعلمية ونمو المصانع الوطنية وتكاملها والاعتماد على المواد الاولية المتوفرة في البلاد وباختصار تعظيم الموارد بما يزيد على الاعفاءات والتسهيلات التي تمنح للمستثمرين من بلدان الجوار .
إن ذلك يجب أن يتم ضمن شروط منصفة للعراق وللصناعيين العراقيين وأيضاً للمستثمر العراقي، وضرورة الانتباه الى الفساد الذي سيرد مع الاستثمار الاجنبي خصوصا ان هناك تربة خصبة له وارضية عراقية متهيئة لممارسة نهبه.. فهو من الممكن ان يتغلل بسهولة اذا ما بقي الحال على ما هو في مكافحته , واستغلال طموحات العراقيين في السعي لبناء اقتصاد عصري .
أثار توجه العراق نحو إنشاء مدن صناعية جديدة، تساؤلات بشأن إمكانية نجاحها في جذب الاستثمارات الأجنبية دون مضايقتها للصناعات المحلية والاقتصاد العراقي بشكل عام والخشية من تحولها الى مجرد صناعة تجميع للصناعات الاجنبية ووسمها شكلا بالعراقية .