الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
آفة المخدرات والنقاط الكمركية في ظروف الاضطراب الأمني والفساد

المخدرات عبارة عن جزء من اركان تهديم المجتمع البشري وهي لا تختلف عن أي عمل إرهابي متطرف، فلأول ضحاياه من الشباب وبقايا فئات المجتمع، يُقتلون سلمياً على مراحل، والإرهاب المتطرف بشقيه الاصولي والسلفي عبارة عن ما كنة للقتل الدموي وهو تدمير الانسان والمجتمع، كِلا الدائبين يهشمان جسد المجتمع ويُدمران القيم الإنسانية ويدفعان البلاد الى الخراب والتدمير السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي وما نلمسهُ ونشاهدهُ من نتائج في وضع العراق خير دليل!

أصبح الحديث عن آفة انتشار المخدرات بكل أنواعها في العراق عبارة عن تكرار لأسطوانة مشروخة لكثرة ما جرى الكتابة والمتابعة وانشغال وسائل الإعلام المقروءة والمنظورة، الجميع تحدث وكتب وشرح  مخاطر هذا الداء الذي صنع من قبل أناس بلا ضمير ولا وجدان يتحملون مسؤولية المخدرات زراعتها وتصنيعها وتوزيعها، مافيات عالمية ومحلية  لا يتورعون من قتل الآلاف من الشباب اليافع العمود الفقري لأي مجتمع في البناء والتقدم، ان المخدرات بكل اصنافها تسبب اضراراً مختلفة وتصيب الانسان بإصابات نفسية وجسدية مختلفة مما يؤثر على الحياة الاجتماعية والاقتصادية ، وهي طريق نحو الهلاك حيث تقوم بإتلاف الخلايا في جسد الانسان ومنها دماغه ثم إصابات بأمراض القلب وباقي أجزاء الجسد البشري، وهذا ما يشكل خطراً على المجتمع، يفكك وحدته الداخلية ومزاياه الوطنية وبالتالي يهدد بشكل مباشر صحة وتعليم وأمن ملايين من الشباب وهذا الأمر نشاهده ونحس به في العراق وما آلت اليه الأوضاع وبخاصة بعد 2003 حيث فتحت الحدود على مصراعيها امام دول الجوار والكثير من دول العالم  وضعفت القوى الأمنية التي تختص بمحاربة المخدرات وتهريبها  واستخدامها أمر اشارت له مفوضية حقوق الانسان في العراق وحذرت من تفشي المخدرات والاخطار المحدقة في انتشارها وحذرت من قضايا الإدمان، وقد توسعت عمليات التهريب والتعاطي ودخول أصناف جديدة لم تكن معروفة بشكل واسع على الرغم من وجود البعض منها وفي مقدمتها الحشيش والترياق وأصبحت بعد الاحتلال الأمريكي وسقوط النظام ظاهرة بارزة في التهريب  من دول الجوار وبخاصة إيران او انتشار الاستعمال بين فئات الشباب بسبب الأوضاع السياسية وتردي الخدمات والبطالة والغلاء وعدم وجود فرص عمل لمئات الآلاف من العاطلين عن العمل والخريجين من الكليات والمعاهد وقد حذر العديد من الخبراء والعاملين في مجال مكافحة المخدرات بأن هذه المشكلة هي احدى التحديات الرئيسية التي ستواجه المجتمع العراق إضافة الى مشاكل اقتصادية وسياسية وأمنية، ولا بد من الإشارة ان الأجهزة الأمنية العراقية  كانت تقوم بعرض عشرات الكيلو غرامات من الحشيش والهيروين ومادة الكريستال المخدرة التي انتشرت في  محافظات الجنوب وتبين ان الضحايا الذين يتعرضون الى الإدمان هم فئات الشباب ، وتدل الأرقام الواسعة والاحصائيات المعلنة عبارة عن فداحة الحالة المزرية والمفزعة حول تعاطي المخدرات وفي الوقت نفسه الترويج لها من قبل مافيات متخصصة مدعومة من قبل البعض من كبار الدولة وكذلك الميليشيات المسلحة، ليس اعتباطاً ما أعلن مجلس القضاء الأعلى "أن "نسبة الإدمان على المخدرات قد تصل إلى 50 في المئة وسط فئة الشباب، كما أن النسبة الأكبر للتعاطي تصل إلى (  70 %) ، في المناطق والأحياء الفقيرة التي تكثر فيها البطالة " وبالمناسبة فقد أعلنت المديرية العامة لمكافحة المخدرات التابعة لوزارة الداخلية "خلال سنة ونصف السنة، تمكنت المديرية العامة من إلقاء القبض على أكثر من  ( 11 ) ألفا، من مروجي وتجار المخدرات منهم (5) آلاف متعاط، وهذا مؤشر خطير". وعلى الرغم من المكافحة المستمرة  لكنها تبقى دون المستوى المطلوب فقد اتسعت ظاهرة التهريب والتوزيع والتعاطي  خلال أعوام 2022 و 2023 وأعلنت وزارة الداخلية حسب إحصائية جديدة على لسان المتحدث باسم الداخلية مقداد ميري، الخميس في 28 كانون الأول 2023 أن، "عدد المحكومين بجريمة المخدرات بلغ (7) آلاف و(397 ) خلال العام الجاري"، كما كشفت الوزارة  في 28 كانون الأول 2023 " أن عدد المحكومين بجريمة المخدرات خلال العام الجاري( 2023 ) بلغ أكثر من ( 7 ) آلاف شخص، فيما بينت انها توزعت بين الإعدام والسجن" إضافة الى ما أعلنته وزارة الداخلية خلال عام 2023 تم اعتقال " 17 الفاً و249 متهماً  من بينهم أجانب، وهناك الكثير والكثير من القضايا التي تنشرها وسائل الإعلام وما تعلنه البعض من المؤسسات الأمنية المختصة حيث يدل على انتشار ظاهرة تجارة المخدرات وتوزيعها وتعاطي اقسام غير قليلة وبخاصة فئة الشباب والأسباب كثيرة وذكر البعض منها وفي مقدمتها الفقر ودونه والبطالة وفقدان فرص العمل امام الشباب والخريجين ، وتشير المؤسسات المختصة في قضايا البطالة والفقر ودون مستوى خط الفقر الى تزايد الأعداد  في البلاد وحسب وزارة التخطيط العراقية التي اكدت ان  تعدادهم ما يقارب ال"13 مليون عراقي " وهذا يدل على عمق المأساة وتداعياتها على تعاطي المخدرات وبخاصة مادة  الكريستال او غيرها من المخدرات المعروفة، وأشارت جريدة طريق الشعب في 14 / 2 / 2024 " في ظلَّ غياب الخطط الاستراتيجية التي توفر فرص عمل مستدامة، يجد الشباب أنفسَهم عرضةً للانجذاب نحو تعاطي المخدرات، كسبيل للهروب من البطالة والفراغ. ويشير مراقبون إلى أنّ الجهود المبذولة لمكافحة هذه الظاهرة تتأثر سلباً بغياب البيانات الدقيقة" ونشرت الجريدة مقابلات مع العديد من الناشطين والمسؤولين والصحافيين والعاملين في مؤسسات الدولة والمختصين وقد أجمع الجميع على ضرورة إيجاد استراتيجية وتكتيك سلميين للوقوف امام هذا الانتشار والتعاطي وإيجاد المعالجات الصحية والعلمية لتخليص الشباب من الإدمان والابتعاد عن المخدرات من اجل سلامة وصحة المجتمع العراقي من هذه الآفة المزمنة والعمل الجاد لضبط الحدود والمراقبة وعدم التهاون مع المهربين والذين يدعمونهم ، كما من المهمات الأساسية امام الدولة  تخليص النقاط الكمركية من الفساد والخلل واللصوصية والتأثيرات الجانبية فقد صرح الخبير الاقتصادي صالح الهاشمي لجريدة طريق الشعب  ان" مشكلتنا» تكمن في الايرادات الكمركية، مؤكداً أن من المفترض ان يدخل الى الخزينة العامة سنوياً ما لا يقل عن ( 8 ) مليارات دولار، لكن في الواقع لا يدخل الا أقل من مليار واحد "

نحن نسأل

ــــ اين هيئة النزاهة ومكافحة الفساد؟ التي تقع على عاتقها مهمات كشف الفساد الإداري والمالي والقضاء على بؤر الفساد واعتمادها على القانون للردع وتخليص مؤسسات الدولة من الرشوة والاختلاس والفاسدين وتقديمهم للمحكمة لاتخاذ إجراءات قانونية رادعة

ــــ  اين ديوان الرقابة المالية الاتحادي؟ الذي يعتبر أعلى هيئة للرقابة المالية وارتباطه بمجالس النواب العراقي وعليه حماية المال العام والكشف عن حالات الاختلاس والغش والتلاعب وايضاً مكافحة الفساد المالي والاداري

ــــ وهل من المعقول ان لا تعلم بهذا الفساد والسرقة رئاسة الحكومة والدولة؟

ــــ كيف تبقى الأمور سائبة دون العلاج القانوني؟

وأكد صالح الهاشمي ان "التهرب الضريبي والفساد والمافيات التي تسيطر على هذا الملف وتستفيد منه، تعرقل أي محاولة تطبيق للأنظمة الرقمية في المنافذ" وتقف أمام أي معالجات لتطوير سبل المراقبة ووجود الآليات الجديدة المتطورة لإيقاف الهدر والتجاوز على المليارات من الدولارات إضافة الى سهولة طرق التهريب بكل أنواعه وبضمنه المخدرات وفي هذه الحالة أصبح العراق الذي كان يعد معبراً لتهريب المخدرات متعاطياً لها اضافة الى الترويج بأشكال مختلفة ، وهناك تأكيدات من قبل العديد من العاملين والمختصين "على زراعتها وتصنيعها " تحت حماية البعض من الكبار في الدولة والمافيات والميليشيات المسلحة، الحرص على سلامة المجتمع العراقي وشبابه يدفعنا من باب المسؤولية الوطنية والحرص على شعبنا ان نطالب بإجراءات وقائية وسن قوانين جديدة لمصلحة المواطن إضافة الى الاهتمام في قضايا البطالة وإيجاد فرص عمل ومعالجة الركود وتشجيع القطاع الخاص وبخاصة الصناعي والزراعي إضافة الى مجالات منتجة اخرى والاهتمام بالمؤسسات الأمنية والإدارية العاملة في هذا المجال وتقدم الدعم المادي والمعنوي للعاملين مع حسن اختيارهم لتحمل المسؤولية الوطنية والنزاهة والشرف والعمل للتخلص من الفساد الذي ينخر جسد الدولة وتطهيرها من الفاسدين والمرتشين، ان الاهتمام والمتابعة وعدم التهاون والتقصير سيقي الشعب من هذه المخاطر وفي مقدمتها آفة المخدرات التي تصطف في تدميرها للشعب مع قوى الإرهاب والميليشيات والفساد المالي والإداري وبدون هذه المعالجات وغيرها فلن تجد الا بعض الإجراءات الفوقية التي لا تغني بل تفقر المعالجة وتزيد من مخاطر الانتشار والتعاطي.

  كتب بتأريخ :  الجمعة 29-03-2024     عدد القراء :  1263       عدد التعليقات : 0