إن هدف دفع افراد الشعب نحو الفقر او حالة العوز المادي هو الحرمان من التعليم. فالتعليم يفسح للفرد مجال الاطلاع والتطور. وهو ما يؤدي الى جعله نابها متنبها لما يجري حوله.
فمع فرض تدني الرواتب والاجور، ستؤدي هذه الى الضغط على ميزانية الفرد او الاسرة لاجبارهم على اعادة تحديد الاولويات. وهذه ستكون اولى ضحاياها التعليم وبالتالي الثقافة.
ولما تقوم حكومات النظام بمثل هذا العمل، فانه يعني انها هي من هو بحاجة الى هذا الاسلوب كونه يؤمن لها شعبا جاهلا لا يفكر ولا يتحرك.
وإن لم تكن هذه الاجراءات كافية تقوم حكومة النظام بتضييق سبل الحصول على فرص العمل في البلد او غلقها نهائيا. فنراها تستبدل اهله بالعمال الاجانب وتغلق المعامل وتصفيها. هكذا نرى تلاقي الظواهر لتكمل بعضها بعضا.
بهذه الاساليب يجري فرض الفقر في بلدنا وليس فقط فيه والحفاظ عليه وعلى مستوياته بحيث صرنا نقرأ في الاعلام ارقاما حول نسب الفقر فيه. ثم صرنا نقرأ عن نسب ما دون خط الفقر وتزايدها دون ان يبدو من افق للقضاء عليها ! وبين فترة واخرى تقوم حكومة النظام العراقي باطلاق اعلانات مضحكة من قبيل تقليل نسبة الفقر ! لاحظوا التقليل لا القضاء عليه. إذ ان آخر شيء تريد رؤيته هو القضاء عليه. فحكومات مثل هذه الانظمة هي بحاجة ماسة للفقر ولنسبه العالية، لانه يؤمن لها شعبا جاهلا غير متعلم لا يفكر ولا يتحرك كما اسلفنا.
من الجهة الاخرى نرى تكالب سلطة النظام على تخريب التعليم الحكومي العام. فنراها تتفنن في ابتكار الاساليب من مثل قطع التمويل عن وزارة التعليم والتغاضي عن لصوصها والتسبب في تكدس الطلبة في الصفوف وعدم تجهيزها بلوازم الدراسة وابتكار اساليب لتعقيد المواد الدراسية على الطلبة مثل تغييرها كل سنة. انها محاولات لا يمكن تفسيرها إلا بإرادة تخريبه ودفع الطلبة الى تركه. وتخريب التعليم هو ما نشك من كونه احد اهداف البعث عندما قرروا في السابق تأميم التعليم في العراق. إذ انه توازيا مع هبوط مستويات المدارس فقد ادى الى تزايد اعداد الطلبة في الصفوف وتكدسهم فيها. فهذه كانت مشكلة في التعليم الحكومي فقط لتنتقل بطريق التأميم الى المدارس المؤممة ايضا.
وفضلا عن محاولات تخريب التعليم الحكومي المجاني يراد القضاء عليه وتحويله الى اهلي خاص تدفع فيه الاموال للحصول على التعليم. وذلك لغلق طريق التعلم امام الطبقات والفئات المفقرة.
ومع العمل على إبعاد الشعب عن التعليم قد انتبه الجميع الى محاربة حكوماتنا للثقافة والمثقفين ايضا. ولعل ابسط مثال هو ما قام به الشيخ جلال الدين الصغير ذات مرة عندما قام بتجريف قبر علي الوردي عالم الاجتماع العراقي المعروف. وكان يتوجب احالة هذا المعتوه الى القضاء لهذه الجريمة. إلا ان اي من هذا لم يحصل. وهذا غير منع المهرجانات الثقافية وغلق دور السينما بحجج واساليب شتى. وهو ما يجعلنا نتساءل عما جرى للتوصيتين الاسلاميتين الاثنتين بشأن العلم والتعلم الاولى بطلب العلم ولو في الصين، والثانية بطلب العلم من المهد الى اللحد ؟ ومع نشر الجهل يصبح الميدان سالكا لمن يسيطر عليه.
هكذا نرى إن الغايات السياسية ليست غائبة عن فرض الجهل والتجهيل. فالشعب الجاهل لا يقرأ ولن يتعلم.