أعلن مكتب رئاسة الوزراء في خبر قبل ايام عن توقيع السوداني ل 18 مذكرة تفاهم في واشنطن مع الشركات الأمريكية، وذلك في إطار زيارته الى الولايات المتحدة. سنوضح هنا لماذا يكون توقيع اتفاقيات بهذا الكم هو مما لا نحتاج اليه ولماذا هو تجاوز من السوداني على مصالح البلد واضح من انه يحلم بتمريره علينا (انظر الرابط اسفل المقالة).
لسنا ضد توقيع الاتفاقيات التي تخدم بلدنا مع الشركات العالمية، لكننا نرفض ان نكون نحن او بلدنا بقرة حلوبا او مطية لمن هب ودب بمعية رئيس وزراء متخلف لا يرى إلا مصالحه الشخصية. وهذا خصوصا فيما يتعلق بثرواتنا الوطنية وبمواردها التي تعود لنا نحن العراقيون حصرا. وقد ذكر في الخبر نوعين من الاتفاقيات التي هي في غالبيتها نفطية مع الشركات الامريكية. الاولى اتفاقيات مع وزارة النفط الاتحادية والثانية هي للقطاع الخاص.
سؤالنا حول الشركات الامريكية هو كيف جرى اصطفائها للتعاقد معها ؟ فنحن كالسوداني نعرف بانه يتوجب ان تكون هناك مناقصة اولا لاي مشروع مهما كان. اي طرح المشروع علنا ليصار الى المفاضلة بين عروض الشركات المقدمة على اساس الكلفة والفائدة لاصطفاء احسن العروض لنا. فهذه هي من سمات الدول المستقلة حقيقة والحريصة على اموالها، لا التابعة. فهل هذا هو ما جرى في هذه الحالة حيث قد جرى التوقيع مع كل هذه الشركات دون اعلان مسبق خلال هذه الزيارة الرسمية ؟ نشك في ذلك.
مذكرات الاتفاقيات الموقعة مع القطاع العراقي الخاص عددها 14 اتفاقية والتي كلها إلا واحدة هي في قطاع النفط والغاز! يلاحظ بان مكتب السوداني قد تعمد في خبره عدم ذكر اسماء تلك الشركات إلا واحدة وهو امر مريب وغير معتاد. لماذا لا يريد مكتب السوداني الافصاح عن اسماء هذه الشركات ؟ وقد لاحظنا في تفاصيل هذه الاتفاقيات إن كلها او معظمها يدور حول تطوير وادارة الحقول النفطية وصيانتها ومعالجة الغاز المصاحب وتصنيعه، واخرى حول التطوير والأتمتة وخدمات السيطرة والتحكم عن بعد. وهي واضح من كونها اتفاقيات تدريب ونقل معارف لقطاع خاص جدا. وهو ما يشير الى ان العملية تهدف الى خلق قطاع خاص نفطي للعمل جنبا الى جنب مع وزارة النفط.
إن ما يتوضح لنا من هذه الاتفاقيات في حقيقتها هو ان السوداني بمعيتها يقوم بخلق قاعدة سياسية من الشركات المحلية تكون مرتبطة به لتسنده عندما يكون في الحكم ولتساعده في العودة اليه عندما يكون خارجه. وهو بوارد خلق هذه القاعدة ليوليها جزء من عقود الاعمال في الصناعة النفطية كي يجري تثبيتها وجعلها جزء من المشهد العام. هذا هو التفسير الوحيد لامر القطاع الخاص الذي لا يريد السوداني إلا ترك امره غامضا دون الاعلان عن اسماء شركاته. الامر الآخر الغامض والذي يبعث على الامتعاض هو مصدر الاموال التي ستدفع بها اثمان العقود مع الامريكيين لهذه الشركات. فقطعا لن يستخدم هذا القطاع الخاص امواله هو، وإنما الاموال العامة. كل هذا الغموض هو فضلا عن سوء النية، يدل على ضعف السوداني الشديد وانكشافه امام غرمائه. وإن كان للسوداني رأي آخر حول الموضوع فليتفضل باعلامنا به.
من الناحية الثانية فإن السوداني يريد ان يلعب علينا جميعا لنقبل بالقطاع النفطي الخاص قاعدته هذه، ليعمل الى جنب الدولة في استثمار الثروات النفطية والغازية ويغتني منها، هذا في البداية. لاحقا نتوقع بانه سيعمل في المستقبل على جعل هذه القاعدة شريكة مع مالكي تلك الثروات باتفاقيات مشاركة بالارباح مثلما فعل مع توتال انرجيز الفرنسية وقطر وذلك بخلاف الدستور. وهذا هو سبب كون غالب المذكرات تتعلق بكيفية ادارة مواقع الاعمال النفطية والغازية وصيانتها. باطن اللعبة يريد ان يقول إن كان يراد من الدولة القيام لوحدها بالعمليات النفطية فتكون الاجابة بالادعاء بانها لن تستطيع هذا إلا بالاقتراض المستمر وهو ما نراه حاصلا في الموازنات السنوية. فإن اعترضنا على هذا فلابد من اللجوء الى القطاع الخاص! وهذا القطاع الخاص هو ليس إلا قاعدة السوداني الآنفة التي يريد هذا انتهاز الفرصة ليخلقها لنفسه بمساعدة ومباركة امريكية. هكذا نكتشف بان في نفس وقت ادعاء السوداني بعجز الدولة عن الصرف على البلاد دون اللجوء الى القطاع الخاص، نكتشف توفر هذه الاموال بقدرة قادر لدى تعلق الامر بالحسابات الخاصة. فتكاليف انشاء هذه القاعدة ستدفع من الاموال العامة تحت رعاية السوداني كما اسلفنا. قبل الزيارة قام السوداني مقدما بزيادة عديد الحشد كما جاء في الاخبار. وهدف هذه الزيادة والذي فهمنا الآن مقصده مع اخبار الاتفاقيات هذه هو إرضاء الايرانيين وادواتهم كي لا يعترضوا على كم الاتفاقيات الموقعة مع الامريكيين. فهي بالمختصر رشوة. وهذه الزيادة ستؤدي شئنا ام ابينا الى تشتيت الاموال العامة الشحيحة اصلا وصرفها على امور لا تنفع البلد. اي ان السوداني باختصار يجيّر مصالح البلد وموارده ويتلاعب بها لحساب الامريكيين ولحسابه هو. ويكون السوداني بهذا هو قاتل اقتصادي بامتياز.
نقول للسوداني بان الاعيبه هذه لن تنطلي علينا ونطالبه بالغاء هذه المذكرات مع قطاعه الخاص وبابعاده عن ثرواتنا او يقوم مجلس النواب بإلغائها. وإن عجز فسيسقطها الشعب. ومعها يجب إلغاء رشوة الحشد الايراني. فالحكومة قادرة لوحدها على القيام بالعمليات النفطية وتنمية البلاد. ولسنا بحاجة الى قاعدته الداعمة للقيام بها ولا لحزبه السياسي مستقبلا والذي من الواضح انه سيكون يميني التوجه ومرتبطا بقوة بالامريكيين. وانه على هذا سيكون رجلهم وعميلهم في العراق، مصالحه من مصالحهم وبالعكس. ونرفض ايضا مشاركة ايا كان بثرواتنا النفطية والغازية واية ثروات اخرى او ان يملأ ارصدته المصرفية منها. إذ يكفينا حتى الآن ان السوداني هو كمن سبقه متواطيء في تسريب اموال البلد الى دول الجوار. إن هدف الاموال العامة هو خدمة البلاد لا جيوب هذا وذاك وارصدة اصدقاء سفلة البلاد. إن السوداني بهذه الالاعيب المكشوفة قد فضح نفسه بكونه شخصا يتسم بالوضاعة والنذالة.
الآن السؤال الذي نطرحه هو كيف سينتهي عهد السوداني ؟ هل سينتهي على طريقة المالكي ام على طريقة عبد المهدي ؟ فهو إن كان يتصور بان الهدوء السائد في البلد معناه ان الناس قد استكانت لحكمه فهو واهم. فربما ان هذا الهدوء ومثلما جرى في السابق هو مقدمة لعاصفة تشرينية جديدة..
رابط المقالة:
العراق يوقع 18 مذكرة تفاهم مع واشنطن
https://www.alsumaria.tv/news/politics/486620/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82-%D9%8A%D9%88%D9%82%D8%B9-18-%D9%85%D8%B0%D9%83%D8%B1%D8%A9-%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%87%D9%85-%D9%85%D8%B9-%D9%88%D8%A7%D8%B4%D9%86%D8%B7%D9%86