الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
اسئلة لابد منها حول الشعائر الدينية

   ثمة الكثير مما يحدث في بلدنا مما يتوجب التنبيه عليه. فمن ملاحظة الاعداد الكبيرة التي اهتمت بمقالتنا حول الإفقار ومحاربة الثقافة ارتأينا الولوج الى امر آخر لا يقل اهمية من نفس السياق وهو امر الشعائر الحسينية. فثمة ترابط بين الموضوعين.

   يتفق معنا الكثيرين الى ان لجوء النظام السابق الى منع اقامة تلك الشعائر لا يعني انه بعد الاستحواذ على البلد بلا عناء وبتدخل خارجي اثر حرب مدمرة فإنه لابد من التعويض بالقيام بالضبط بالعكس. اي فرض تلك الشعائر على الجميع شاؤوا ام ابوا ومنع كل سواها. إذ اننا بهذه الطريقة لا نقوم إلا باستعادة ممارسات النظام السابق. اي ممارسات المنع التي تفرض على من لا يشاطرون البعض نفس الآراء خصوصا عندما تتولد لدينا الشكوك من وجود اجندات اخرى تقف خلفها.

   إن ما نرى حدوثه في بلدنا هو إن العراقيين او ربما جزء منهم قد قبلوا بتحويل حياتهم الى سلسلة من المآتم. فما أن ينتهوا من مأتم قتل الحسين حتى يبدأ مأتم اربعينيته. وما أن يتم الانتهاء منه حتى يبدأ مأتم الزهراء ثم مأتم العباس فمأتم زينب يليه مأتم الكاظم ثم الشعبانية ثم السجاد ثم مأتم الموسوي وهكذا الى آخره طوال السنة، والتي يتم التدشين لها في شهر محرم كل سنة تحت مسمى أحزان عاشوراء. وبينما يظل العراقيون يؤدون هذه الشعائر المبالغ باعدادها طوال أيام السنة، نجد بلدان العالم قد تفرغت خلال نفس الفترة الى تنظيم امورها بالتقدم العلمي. فهل هذا هو جل ما يراد من العراقيين القيام به في حياتهم ؟ ان ممارسة الشعائر يجب ان تجري بمطلق حرية وقناعة الفرد لا قهرا او بالفرض. ونحن نقول هذا عندما نرى جهاتا تقوم بارسال مجاميع من الاشخاص للتجاوز على حريات الآخرين في حقهم في نشاطات اخرى غير دينية كالعروض الفنية مثلا بحجة قدسية الشعائر. وهو دائما ما يكون مترافقا مع اطلاق التهديدات. اننا لسنا ضد اقامة الشعائر لكن يجب الا تكون مفروضة على الجميع مع منع كل ما عداها بالقوة. وإلا فلتعلمنا نفس هذه الجهات عن سبب عدم اقامة المآتم الحسينية في ايران إلا في شهري محرم وصفر فقط، وباقي السنة يقضونها في تأدية اعمالهم ؟ او نضع السؤال بشكل آخر وهو هل ان لايران يد في فرض فترات شعائر مطولة على العراقيين بمعية فصائلها المسلحة ومجاميع ارهابية لتبقى هي وحدها المتسيدة في المنطقة حتى البحر المتوسط ؟ اننا لا يمكننا عدم التفكير بهذه الطريقة مع علمنا بوجود اطماعا لها في بلدنا، ورؤيتها له كنقيض لها ثقافي وسياسي ترابطا مع ثقله وتاريخه في جوارها.

   اننا لا يمكن الا نتوصل الى هذه النقطة من الاسئلة عندما بموازاة هذا الاختلاف، نرى ايضا الترابط بين فرض هذه الشعائر وبين تحقيق اهداف اخرى مثل فرض التجهيل على العراقيين. وفرض التجهيل يهدف كما يعرف الجميع الى منع الناس من التعلم والتفكير وطرح الاسئلة. وهو ما كان يفرضه النظام السابق ايضا. للعلم فإن فرض اي شيء على اي كان ومنع كل ما سواه بالقوة يتعارض مع كفالة الدستور للحريات العامة. وإن مشاركة اطراف مسلحة توالي دولة الجوار الآنفة بمعية مجاميع ارهابية في هذا الامر هو عمل يعاقب عليه القانون. وهذه الاطراف المسلحة هي نفسها من يمارس الارهاب والقتل ضد العراقيين وتنهب من المال العام ومن اموال الناس. ويكون حنثا باليمين الدستورية إن تغاضت الحكومة ومجلس النواب والقضاء عن هذه التجاوزات. ونكون وكأننا قد عدنا القهقري في استعادة لممارسات النظام السابق.

   ننتظر الاجابة على اسئلتنا اعلاه ومن الحكومة تحملها لمسؤولياتها في احترام الدستور لحماية الحريات العامة وضمان حقوق العراقيين في بلدهم ولحمايتهم من الاستغلال الاجنبي في حياتهم ومعتقداتهم.

  كتب بتأريخ :  الإثنين 06-05-2024     عدد القراء :  1329       عدد التعليقات : 0