بحثت مشكلة المياه في الايام القليلة الماضية في بغداد مرتين باستفاضة , مرة في المؤتمر الدولي للمياه الذي دعا اليه رئيس الجمهورية العراقية والاخرى خلال زيارة رجب طيب اردوغان الى البلاد , وفي كلا الحالين لم تكن النتائج حققت الاهداف الوطنية , لاسيما المباحثات العراقية - التركية , لان المؤتمر الاول كان من النوع الذي لا يعول عليه لأنه مؤتمر خطابات لا يثمر عن الزام لأي بلد , وحقا مثلما عقد انتهى .
كان الطموح ان تكون للمباحثات العراقية – التركية ذات نتائج ملموسة , ولكن هي الاخرى تمخضت عن لجنة مشتركة تبحث في المشكلة والايعاز للشركات التركية لتقديم خبرتها الى وزارة الزراعة العراقية , وهذا كلام لا يمس جوهر المطالب العراقية في حصة عادلة من تدفقات المياه محددة بالأمتار من المياه لنهري دجلة والفرات وايقاف بناء السدود على النهرين , وخصوصا سد الجزيرة المزمع انشاؤه دون مراعاة حقوق العراق والتأثيرات السلبية وما سيؤدي اليه من اضرار فادحة على البشر والقطاع الزراعي .
من المعروف اي مشكلة يراد تسويفها يتم ادخالها في اللجان ودواماتها والدراسات والابحاث والامثلة كثيرة على مختلف الصعد ليس على الصعيد الثنائي بين الدول فقط , وانما على الصعيد الاممي , وما اكثر القرارات الصادرة عن الامم المتحدة والمنظمات الاقليمية بلا اي سعي جاد لتنفيذها فكيف الحال مع بلد يشعر بالقوة وينتهك سيادة العراق ولا تمارس عليه الضغوط كي ينصاع الى القانون الدولي .
ان الزيارة خرجت باتفاقات لصالح الجارة تركيا , ربما الاتفاق بشان طريق التنمية لنا فيه بعض الشيء ,رغم ان الحكومة سلمت بالكامل كل اوراقها حسب ما هو معلن الى الجار الطماع في كل شيء والمغتصب للحقوق الوطنية ,حتى اننا لم نلوح بالربط مع الجارة سوريا وهي على البحر الابيض المتوسط , وهي خيار ,وابدت رغبتها ان تكون طرفا في المشروع.
الواقع لم نضغط كفاية على تركيا ولدينا ميزان تجاري ضخم لصالحها وهي تطمح الى زيادته وتطويره ليبلغ عشرين مليار دولار شهريا لا يتحمل الاقتصاد التركي خسارته, كما ان مذكرات التفاهم ستحقق الاهداف التركية بالدرجة الاساس لاختلال العلاقة , وسنخرج خالين الوفاض , فيما كانت هناك امكانية واقعية لربط الاقتصاد والاستقرار في المنطقة الذي سنتحمل بعض اعبائه بمشكلة المياه , والا لا معنى لإقامة مشاريع حتى لو كانت شراكة مع بلد لا يحترم .