الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
تعددت اشكال الفساد .. واستشرست مصادره .. فنتساءل

   عراقنا الابي تلوثت سمعته منذ اغتيال ثورة 14 تموز 1958 المجيدة، على يد عصابات القوى الرجعية بقيادة البعثيين الفاشست.. يقول المثل : ان المال السائب يشجع على السرقة، لقد غدت كلمة فساد متداول اطلاقها عن اي مظهر باذخ يشاهده الناس في الشارع، لان اغلبهم يلفه الفقر والعازة، الى حد اصبحت منظومة الفساد لاتخشى ولا تستحي منه، بل تحسبه ثقافة وتتباهى بفحش غناها من السحت الحرام.. وبالحصيلة استقر المجتمع العراقي على حالة انقسام طبقي حاد يتجلى في حركة الناس.. على سبيل المثال، يشاهد في الاسواق الشعبية الرديئة البضائع مثل سوق البالة وغيره، يزدحم الفقراء ومن صوب اخر تجد المولات تكاد تغص بروادها من الاغنياء وميسوري الحال. وفي الشارع اصبحت المركبات الفخمة محصور استخدامها لدى بنات و ابناء الذوات الفاسدين.. غير ان الفقراء اما يجرون خطاهم على الاقدام وفي احسن الاحوال يبقون من ركاب التك تك او الكيات . اما احوال السكن فحدث بلا حرج عن فوارقه بين سكان العشوائيات واكواخ الصفيح، وسكنة الفلل والشقق الغالية الثمن.

   هذا مشهد من بنوراما الفساد المصحوبة والمحروسة من قبل السلطات حيث بات الناس يعلقون على اي فضيحة فساد بقولهم: سوف تكون موعودة بـ " الطمطمة " وستقيّد ضد مجهول. كما يلمس حالة اخفاء اسماء المتلبسين في الجريمة المنظمة. وتتبلور امام المشاهد اشكال من الفساد حيث لا يقتصر على الجانب المالي فقط، وان كان الاخطر، انما تعددت اشكاله فهنالك الفساد الاداري الذي يطلق عليه، التوظيف الزبائني الذي يقتصر فيه التوظيف على الانتماء للاحزاب الحاكمة.. ايضاً الفساد الاخلاقي الذي شمر عن سواعده وانتشر عارياً .. كما يقف على راس هذه الاشكال جميعاً، الفساد السياسي الذي يعد المنبع والحضن الابوي لتلك النماذج بالمطلق.

   ومعلوم ان الفساد ينطبق عليه القول ـ لاتربط الجرباء قرب صحيحة خوفاً على تلك الصحيحة ان تجرب، كما ان الفساد كالرطوبة التي تمتد الى جوارها من لبنات الجدار فتخربها، وعلى هذا السبيل ترك الفساد بغية امتداده لغاية ان اصبح عرفاً قبيحاً في المجتمع، اذ انه صار " حراً " طليقاً لا تقيّده القوانين ولا حتى الاداب العامة او التقاليد الاجتماعية.. وكما يبدو يراهن الفاسدون على تطبيع حالة الفساد، ومسك عتلات حياة الناس، وتطويع المجتمع وما يليه من ترحيل الدولة مسحوبة من تلاليبها الى وادي مقابر الفشل المطلق، الا تعتبر هذه المجريات مقدمات لتأسيس الدولة الدينية، التي تتقدم سياقات مناهج الاحزاب الاسلاموية الحاكمة ؟. ان الايقاع الملموس لسياسة الحكومة في هذا الشأن، صار لا يختلف عراقيان وطنيان على ان حالة الفوضى والمحاصصة والفساد الشامل تشكل المقدمات الرحبة للاعلان عن سقوط كيان الدولة العراقية.

   وثمة عوامل اخرى تصب في ذات المجرى. الا يحق لنا ان نتساءل عما تسحب الانتباه اليه من الاجراءات القضائية التي ليست مجاز لها شرعاً ان تحصل وهي تحت ظل القضاء العراقي المشهود له بالنزاهة. وكونها اقل ما يقال حولها انها تضرب هذه النزاهة بالصميم والتي تمثلت 1ــ باطلاق سراح قاتل الناشط المدني " هاشم الهاشمي " الذي قبض عليه معترفاً بجريمتهي وحكم بالاعدام، ومن ثم ابدل حكمه بالمؤبد، و اعقبه بقدرة قادر اخلاء سبيله !!.. 2ـ السارق الفذ " نور زهير" الذي كان المسؤول الاول عن جريمة " سرقة القرن " الشهيرة، وبعد القبض عليه و اعترافه وارجاع حصته من الاموال المسروقة. اخلي سبيله وسفر ليعيش الان خارج العراق. 3 ـ واخيرا وليس اخراً قضية زوج النائبة " البجاري " الذي قبض عليه بتهمة تزوير اوراق مالية فحكمه القضاء العراقي العادل بست سنوات، ايضاً يطلق سراحه بعفو خاص.

   التساؤل حول هذه المفارقة المريرة.. الا يوحي اطلاق سراح من اعترفوا بجرائمهم امام قضاء عادل، وحكم عليهم وفق مواد قانونية مرعية. طعن غير مباشرة بالسادة القضاة الشرفاء وبالمحاكم النزيهة التي اصدرت تلك الاحكام العادلة بحق هؤلاء المجرمين ؟؟.. ام ان ثمة " دولة عميقة " تحاول ان تلغي استقلالية القضاء ؟! . نخشى ذلك والامر متروك للوطنيين المخلصين العقلاء لتحديد الموقف وتصحيح المسار. وفتح الطريق رحبة نحو بناء الدولة المدنية الديمقراطية العادلة. لاغية لاكوام الفساد وامه المحاصصة البغيضة.

  كتب بتأريخ :  الخميس 06-06-2024     عدد القراء :  714       عدد التعليقات : 0