قصة حقيقية أنا شاهدها :
عام 1969 تخرجت من الكلية العسكرية برتبة ملازم ثاني، وأنهيت دورة صنف المدفعية وعينت على ملاك البطارية الثالثة لكتيبة مدفعية الميدان / 19 الفرقة المدرعة 3 بقيادة العميد الركن (اسماعيل تايه النعيمي) ، ومقر بطاريتي آنذاك في محافظة درعا / الجمهورية العربية السورية ضمن قطعات الجبهة الشرقية لمواجهة الكيان الصهيوني الغاصب ، وموقعها تحديدا بين قضاء الرمثة الأردني ومحافظة درعا السورية ، أمر الكتيبة حينها طيب الذكر المقدم (صلاح الدين بهجت الخيلاني) من محافظة نينوى ، وأمر بطاريتي طيب الذكر الملازم أول (فائق جاسم الاعظمي) بغداد / الاعظمية ، التحقت لبطاريتي بعد سفر استمر لمدة 18 ساعة عبر حافلات مدنية مستأجرة لصالح وزارة الدفاع العراقية ، تنطلق الحافلات من معسكر (الكرنتينه) في بغداد، خلف كلية التربية الرياضية للبنات في منطقة باب المعظم، والمحطة الأخيرة للحافلات مدينة المفرق الاردنية، هناك توجد سيارات عسكرية تنتظر القادمين والملتحقين من اجازاتهم الدورية، وصلت لبطاريتي ظهيرة اليوم الثاني 18 / 11 / 1969 قبيل العصر ودخلت لبهو الضباط ورحب بي أمر بطاريتي وعرفني على ضباط البطارية، هذا هو طيب الذكر الملازم الأول صالح خلف فتحي اللامي ضابط موضع المدافع من محافظة ميسان ، وهذا طيب الذكر الملازم جسام حسن الشاهر الجبوري امر الفصيل الأول من محافظة ديالى، وهذا الملازم اسماعيل عباس الزهيري امر الفصيل الثاني من ديالى / شهربان ، وهذا الملازم جمال احمد العاني ضابط الرصد الأول من الانبار / عانة ، وهذا الملازم أول عبد زيد السيد حسين الضابط الإداري من محافظة الديوانية / قضاء عفك ، اما منصبك يا ملازم حامد هو ضابط الرصد الثاني كما في الأمر الإداري لمدفعية الفرقة المدرعة الثالثة المعطوف على كتاب وزارة الدفاع العراقية ، ووجدتهم على علم بمقدمي وهيأوا وليمة عشاء مناسبة للاستقبال، ووجدتهم قد هيأوا أيضا ملجأ للراحة والنوم خاص لي كما لكل واحد منهم الملجأ الخاص به.
بعد وليمة العشاء جلسنا جميعا في بهو الضباط وعلمت منهم ان الضابط يمنح اجازة لمدة 7 ايام بعد أن يقضي 40 يوما في وحدته، والجندي وبقية المراتب يمنحون اجازة دورية بعد أن يقضي 60 يوما في وحدته، كانت جلسة تعارف بيننا، وكل وحدة من وحدات الجيش العراقي عبارة عن عراق مصغر، تجمع الوحدة العسكرية رجالا من كل المحافظات العراقية، بل ومن كل الديانات والطوائف والأعراق، لفت انتباهي ان الضباط يتندرون بطرائف ضابط صف اسمه العريف (علي تركي الدليمي)، سألت من يكن هذا الرجل فجاءت الإجابة من الجميع لا عليك ستعرفه ليس من خلالنا بل هو الذي ينتظرك ليتعرف عليك ، خرجنا جميعا من بهو الضباط كل لملجأه ووجدت من يدلني على الملجأ المعد لي ، يرافقني للدلالة رجل اربعيني طويل القامة ليس بالبدين ولا الضعيف ، اسمر اللون، عيون سوداء صغيرة جدا، يضع على عضده 3 خيوط ، وهذا يعني انه قائد حضيرة جنود، سالته من انت؟ قال انا العريف المدفعي (علي تركي الدليمي) سيدي، إذن هذا هو الشخص الذي حدثني عنه زملائي الضباط، وبلا اي مقدمات بدأ يسرد لي حياته قائلا، انا لا اقرأ ولا اكتب وتعلمت القراءة والكتابة في الجيش العراقي في مدارس محو الامية ، عام 1960 تمت دعوتنا للتطوع في الجيش العراقي، والتطوع كان بتوجيه من مدير الحركات العسكرية العميد سعيد صليبي الجميلي، ويقال حينها ان المرحوم سعيد صليبي الجميلي صديق للفريق الركن عبد الرحمن محمد عارف الجميلي، ولتعزيز وحدات الجيش برجال من عشائر الدليم تمت هذه الدعوة، والفريق لاحقا سعيد صليبي كان ضمن المجموعة التي يقودها عبد السلام محمد عارف في ما يسمى بردة تشرين عام 1963 ، وكان حينها يشغل منصب قائد قوات بغداد ومعاون لرئيس أركان الجيش العراقي ، يقول العريف علي تركي بعد أن أصبح عندي راتب شبه مجزي وفرت منه ما يكفي لزواجي مع ما أحصل عليه معونة مالية من والدي الفلاح البسيط ، تجرأت وقلت لوالدي ارغب في الزواج يا أبي، وكان جواب الاب أحسنت الزواج إكمال للدين ، وقال الاب غدا اخطب لك ابنة عمك ، فقال له علي ليس لي ابنة عم جاهزة للزواج؟ ، قال الاب ما تقول ابنة عمك فلانة جاهزة للزواج؟ ، قال لوالده ابنة عمي عمرها 9 او اقل من 9 سنوات ولا تزال طفلة ، قال الاب ألم تتزوج سيدتنا عائشة من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم وهي بعمر 9 سنوات، قال له يا أبي انا لست رسول الله ولا ابنة عمي عائشة، قال له ابوه لا تتكلم كثيرا قضي الأمر وغدا اخطب لك ابنة عمك، وفعلا تمت الخطبة وتهيأ كل شيء لليلة الزواج، يقول العريف علي كانت ابنة عمي سعيدة جدا بعد أن وضعوا لها المكياج واحمر الشفاه وملابس العرس وكانت تصفق وترقص مع الأطفال وكأنها لا تدري ماذا يراد منها الليلة ، يقول العريف علي دخلت عليها في الغرفة الطينية المعدة لنا، ووضعت عقالي وخلعت ملابسي وتوجهت نحوها وهي لا تفقه ما يراد منها، أردت أن اخلع لها ملابسها فرفضت بل ضحكت وقالت له لماذا اخلع ثوب عرسي الجميل، اراد ان يخدعها وقال لها تلبسين ملابس النوم، فقالت ولماذا البس ملابس النوم، واردفت قائلة لا البس ملابس النوم الا مع امي وانام معها، قال لها الزوج انتهى دور امك والان انت تنامين معي في هذه الغرفة، بدأت الطفلة بالبكاء طالبة الذهاب لأمها بعد ان عرفت انها لن تذهب لامها ، يقول العريف علي انا افكر في الزواج منها وهي تفكر في حضن امها، يقول حاولت معها كثيرا اطلب حاجتي وهي تصرخ وتبكي وتنادي أمي أمي، بلحظة غفلتُ عنها فتحت باب الغرفة الطينية وذهبت راكضة صوب السرير الذي ينام فيه عمها - ابي - ولجأت اليه باكية مولولة، تبعتها لأعيدها لغرفتنا فقال لي ابي اتركها هذه الليلة، وتركتها نائمة بحضن عمها وامي، وتكرر نفس الأمر الليلة الثانية وكذلك الثالثة ،يقول لي العريف على في الصباح وحينما تراني ترتعش وتخاف وتهرب مني وتلجأ لابي او لأمي، يقول عرضنا الأمر على ابيها وامها فكان الجواب انها أصبحت زوجة لعلي وعليه مراعاتها، يقول علي لم يبق لنهاية اجازة الزواج الا ليلتين، ويقول عزمت هذه الليلة انهي الأمر وادخل بها ولو حتى لو ربطتها بحبل للسرير، ويقول فعلا اعددت عدتي ولكنها تصرخ وتبكي وتضربني بيدها ورجلها وتعضني من اي مكان يقع جسدي على فمها، واقسم انه قال لي هذه العبارة التي لم ولن انساها (زعطوطة وتريد تني... جها) - زعطوطه تعني طفله -، يقول العريف علي، تقدمت نحوها ووضعتها بين يدي وسحبتها بقوة نحوي وحملتها بيدي وذهبت بها صوب سرير ابي وامي ورميتها على ابي وقلت له (هاك بت اخوك خليها بك.. س امك)، يقول علي ضحك ابي طويلا وقال لي اتركها يا علي واوعدك في الاجازة القادمة نخطب لك عروسة غيرها، ويقسم العريف علي ان ابنة عمه زوجته الأولى كانت ترقص مع أطفال القرية ليلة زواجه من امرأة غيرها.
ملاحظة :
لاحقا بإذن الله تعالى أوثق عن العريف علي تركي الدليمي طرفه ونوادره وكيف استشهد .