الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
ذهب نجلاء وملايين النواب

في الثالثة من عمرها، فقدت ساقيها وذراعيها، كان ذلك يوما مشؤوماً حين قرر أحد الإرهابيين الانتقام من والدها العسكري المتقاعد ، فوضع عبوة ناسفة في سيارته .

لم تكن نجلاء عماد الفتاة النحيلة التي ولدت في بعقوبة وعاشت طفولتها محرومة من ساقيها وإحدى يديها تتوقع أنها ستمنح بلادها ذات يوم أول ميدالية ذهبية نسوية في دورة الألعاب البارالمبية في باريس .

لم تستمع لتحذيرات المقربين منها الذين اعتقدوا أن الإعاقة سستجعلها حبيسة البيت وتحبط آمالها، لكن الشابة العراقية الناجية من إرهاب العبوات أصرّت على ملاحقة طموحها " لقد غيرت الرياضة حياتي " ، هكذا قالت لوكالة الصحافة الفرنسية ، وكنا قد استمعنا من قبل إلى الخطيب سعد المدرس وهو يتهم الفتيات اللواتي يمارسن الرياضة بالفجور .. طبعاً المدرس ومعه رشيد الحسيني ورهط كبير من الخطباء يواصلون كل يوم السخرية من النساء واتهامهن بالفسق على حد رواية رشيد الحسيني .. هؤلاء جميعا يلقون خطبهم باريحية لانهم يعرفون جيدا ان القانون لا يقترب منهم .

تقضي نجلاء عماد وقتها وهي تلعب الطاولة في مركز رياضي متهالك في مدينة بعقوبة .صاحبة الابتسامة المشعة التي لا تفارق وجهها لا يشغلها في الحياة سوى الفوز في البطولات والتفوق في الدراسة .ربما يتوهم البعض ويذهب به الخيال بعيداً ويعتقد أن نجلاء التي حصدت المدالية الذهبية لبطولة آسيا العام الماضي وذهبية العالم في باريس وبطولات العرب والعراق ، والتي تتباهى باوسمتها المعلقة على جدار بيتهم المتواضع ، تتمتع براتب وفير وسيارة حديثة ومنزل تتوفر به كل وسائل الراحة لفتاة تقضي حياتها على كرسي نقال .. لا ياسيدي المتفائل ، فإن الدولة خصصت لنجلاء راتباً شهرياً قدره خمسمائة ألف دينار ، في الوقت الذي يتقاضى فيه نوابنا الاعزاء رواتب بملايين الدنانير تضاف إليها المخصصات والامتيازات والمقاولات . بل ذهب الامر بصاحب تعديلات قانون الاحوال الشخصية النائب رائد المالكي ان يطالب البرلمان بزيادة في الراتب وسيارة حديثة مكافأة له على ما يقدمه داخل البرلمان من مؤتمرات تسيء للمرأة العراقية ومكانتها في المجتمع .

أخطر ما ابتلي به العراق أن تولى أمره وتحدث باسمه من لا يعرف قدره ومكانته..بالأمس كنت أنظر إلى وجه نجلاء عماد المبتسم الذي انمحت منه

علامات الطائفية والمذهبية.. وجه نقي يعيد اكتشاف جوهر هذا الشعب.. وجه يقول لفرسان قوانيين الطائفية أننا شعب لم يتفسخ بعد، رغم سياسة التنكيل والإفساد وشراء الذمم ، شعب لم يفسد رغم محاولات البعض بإفساد مناخ الألفة فيه وزرع قيم الطائفية واشاعة نظرية حنان الفتلاوي التوازنية يادعاة التخلف أنتم مهزومون حتما.. سهزمتكم عزيمة نجلاء عماد وابتسامتها وهي تهتف باسم العراق.. سيهزمكم عراق واحد يدافع عن نفسه ضد قوانينكم القرقوشية .

  كتب بتأريخ :  الإثنين 09-09-2024     عدد القراء :  573       عدد التعليقات : 0