ليس هناك من طريقة لتغيير طبيعية التناسب في الاقتصاد الوطني ونقله من الريع الى التنوع اي زيادة نسبة مساهمة القطاعات الاقتصادية الاخرى في تكوينه بدلا من الاعتماد على النفط الخام المصدر , في مقدمة هذا التغيير الضروري والمشخص زيادة نسبة القطاعين الصناعي والزراعي اولا والحد من الاستيراد الذي يستنزف الموارد ويبقي البلد على تخلفه وتأخره من اللحاق بركب الدول لاسيما جيرانه .
منذ بداية التغيير في عام2003 وزيادة الموارد المالية و كان الامل معقود على الحكومة اعادة تأهيل القطاع الصناعي وتطويره الا ان السياسة الحكومية عملت على اهمال هذا القطاع واعلنت صراحة عن نيتها بيعه وتفكيكه بذريعة التوجه نحو الاقتصاد الحر وان شدة التخلف لا تسمح بإصلاحه وما الى ذلك من الذرائع التي لا تحسب حساب مئات الاف من العوائل التي تعتمد على عملها في هذه المعامل والمصانع وتنتظر اصلاحه وتأهيله , بل حتى ما كان يشتغل منه ترك دون ادامة وحماية من الاستيراد المنفلت واغراق السوق الوطنية ..
هذه السياسة الفاشلة خلال العقدين الماضيين لم تتمكن من انتشال القطاع العام من ما يواجهه ولا انشات الجديد منها , والامر من ذلك لم يتمكن القطاع الخاص من اداء دوره في هذه السياسة وتفعيل امكاناته ودعمها وهروبه نحو التجارة و الربح السريع ولفقده الثقة بما يجري وخوفه بالدرجة الاساس من عدم الاستقرار وغموض السياسات الاقتصادية الرسمية ..
في الايام الماضية ,أعلنت وزارة الصناعة والمعادن عن ارتفاع إيراداتها عن العامين السابقين بنسبة 7.84 بالمئة، فيما أشارت إلى إبرامها عقود شراكة بمجالات مختلفة وسعيها لتحويل بعض الشركات إلى رابحة، لافتة إلى إطلاقها 30 فرصة جديدة واستعدادها لطرح أخرى واشارت الى التجربة الناجحة الى صناعة الاسمنت , وهي صناعة لمس المواطنون اهميتها جودتها وقدرة منشاتها على سد الحاجة منها في الاسواق المحلية وضرورة حمايتها والتطلع نحو اسواق المنطقة لوفرة الانتاج ونوعيته والرغبة فيه , هي تجربة يمكن الاشادة بها وتكرارها في صناعات وطنية اخرى .
نعتقد ضرورة ان يتضمن البرنامج الحكومي على وجه السرعة خطة لإحلال التصنيع الوطني بآجال معلومة سواء بتأهيل قطاع الدولة او القطاع الخاص محل ما نستورده ونهدر عملات صعبة ونخسر فرص عمل ...
ان اعداد جرد للصناعات التي تتوفر امكانيات ومستلزمات اقامتها والاعلان عن التسهيلات التي ستقدم لها وتيسير عملها سيدفع بالرأسمال التوجه لأنشائها , وخصوصا اذا تمتعت بالحماية وتعاملت مؤسسات الدولة معها وتحريم لجؤها الى الاستيراد من الخارج للأسباب المعروفة .