لقد تناولنا مرارا في السابق موضوع ضريبة الدخل المغيبة اعلاميا وحكوميا في الموازنة في العراق وسنعيد الكرة هذه المرة ايضا. فضرائب الدخل كمورد مالي للدولة هي احد اجزاء طرفَي تحقيق التوازن في ميزانية الحكومة. والاجزاء الاخرى هي الايرادات النفطية وايرادات الجباية والرسوم عن الخدمات وغيرها. بناء على ما وجدناه في الاعلام نقول بان مالية الدولة ليست بخير. وهذا بدلالة الرسوم التي فرضت على مراجعات المرضى للمستشفيات في ميسان بانتظار طبعا نشر تطبيقه على باقي البلد. والحجة التي ساقتها الحكومة لتبرير هذه الرسوم مثيرة للضحك إن لم تكن مخجلة. ففرض الرسوم يعني ان خزينة الدولة هي خاوية تقريبا او في طريقها الى هذا وإن السوداني ووزيرة ماليته لم يجدا خيرا من فرهدة جيوب الناس في امر الرعاية الصحية التي فرض الدستور على الدولة كفالتها.
لن نأتي على امر ضرائب دخل الشركات الخاصة العاملة في العراق مثل شركات النقال، فقد اشبعنا هذا الموضوع تناولا وبالتكرار. لكن سنسأل بالمقابل إن كانت الحكومة قد قامت بواجبها في تحصيل ضرائب الدخل من المجمعات التجارية والمتاجر والشركات والعاملين فيها والتجار والموظفين ؟ كذلك نتساءل إن كانت الحكومة قد انتهت من تدقيق الحسابات الختامية للسنوات الماضية وثبتت مقاديرها واسترجعتها واعادتها بالتالي الى الخزينة ام لا. نتمنى ان تكون الحكومة قد قامت بهذه الاعادة حيث انها للآن لم تقم بنشر مقدار المبالغ المستعادة لكل سنة ولا مصيرها، ولم يقم حتى مجلس النواب بمطالبتها بهذا. وهي اصلا لم تقم بهذا التدقيق إلا بعدما جرجرها احد الاحزاب السياسية الى المحكمة الاتحادية ليحصل منها على قرار ملزم اجبرها على القيام بهذا التدقيق. وسبب سؤالنا عن تحصيل انواع الضرائب هذه هو ذهابنا لتدقيق مقدار الايرادات غير النفطية المذكورة في موازنة العام الماضي كما في سلفها. وهذه كانت بعد حساب بسيط تعادل مقابل الايرادات العامة نسبة 12 بالمئة. وهي كمية كما يرى قليلة بالنظر لاعداد الشركات كبيرها وصغيرها والمتاجر في العراق. فهذه كلها تتحصل على ارباح كبيرة بسبب استخدامها للعمالة الاجنبية الرخيصة التي تعمل بشكل غير مشروع والتي بالنتيجة لا تدفع اية ضرائب دخل. ولم نرى تفاصيل ايرادات الدولة تحت عنوان الايرادات العامة المذكورة في الموازنة. إذ ان مشرعي قانون الاخيرة لم يجدوا من ضرورة لاعلام العراقيين بتفاصيل ايرادات دولتهم مثلما اعلموهم بتفاصيل القروض. وسبب صمت مجلس النواب وتغليسه وتجاهله للامر عدا عن تواجد ممثلي لصوص المال العام فيه، هو تفضيل العراقيين النوم والرقاد. والمعروف بان النائم لا يطالب، إنما فقط الصاحي هو من يقوم بهذا. لذلك نطالب العراقيين بالصحو وبالمطالبة بموازنة واضحة تتضمن تفاصيل ايرادات بلدهم فيها.
هكذا نريد في الموازنة القادمة رؤية تفاصيل ضريبة الدخل التي يجري دائما التغاضي عن ذكرها. وهذه الضرائب تتضمن عدا تلك التي على الشركات والمتاجر تأديتها، الضريبة على تجار التصدير ورسوم الخدمات وايرادات المنافذ الحدودية. ونريد رؤية تفاصيلها الآن في الاعلام قبل ايرادها في القانون. وعدم الاستجابة لهذا الطلب يعني انه لن يحدث لاحقا، مما سيدفعنا للاستنتاج بانه قد اهمل جبايتها وتركها لتضيع. والاهمال هنا هو صنو السرقة. وواضح بان السوداني يفضل الاقتراض بدلا من جباية هذه الضرائب. وهو قد ردد اليمين الدستورية التي تفرض عليه خدمة البلد واهله. وتجاهله ذكر هذه الايرادات في الموازنة هو ليس إلا حنثا بهذا القسم. ويكون حاله كحال كل الحكومات التي سبقته يحاول لفلفة امر السرقة مثلما فعل مع سرقة القرن، وانه شخص وضيع وفاشل لا يصلح لرئاسة الوزراء ويتوجب طرده منه. ولابد ان يحال الى القضاء هو ومجلس النواب لغضهما النظر عن سرقة المال العام.