تحتدم منذ شهور معركة في مجلس النواب حول التعديل المطروح من قبل بعض النواب لقانون الاحوال الشخصية رقم (188) لعام 1959. والتعديل المبتغى اضافته للقانون يتعلق بموضوع زواج القاصرات فيه حيث تجري محاولات رفع التحريم عنه كما ذكر في القانون نفسه. إننا مع ايماننا بضرورة تنظيم الاوضاع الاجتماعية في البلد نرى بوجوب منع تحويل الزواج الى حجة للتجاوز على الاطفال لمن هم دون ال 18 عاما.
ولا يبدو لنا من ان امر التعديل قد خرج من عند انصاره هكذا من دون اساس. او كما يقول المثل دخان بلا نار. فهذا الاساس لمحاولة التعديل هو مما وجدناه من خلال البحث لدى آراء المرجع السيستاني نفسه. ومن خلال البحث على شبكة الانترنت حول هذا الامر كبداية لم نجد للمرجع من كلام واضح يحرم فيه زواج القاصرات. واقصى ما ظهر له حول الامر على الشبكة هو تعليق له نشر على موقع السومرية العام 2021 حول تصرف بعض رجال الدين ممن ادعوا من كونهم من اتباعه يقولون انه اقد افتى بزواج القاصرات. وهو قد اجاب على هذا بكونه مدان. ولم نفهم من الجواب إن كانت ادانته لتصرف رجال الدين هؤلاء ام هو لزواج القاصرات.
بيد اننا قد وجدنا امورا بشأن زواج القاصرات على موقع المرجع على الشبكة تثبت عدم اعتراضه عليه نوردها كما يلي:
فمثلا في باب (الاستفتاءات/ البلوغ في الذكر والأنثى) عند السؤال عن علامات البلوغ عند الذكر والأنثى كان الجواب ونأتي فقط على ذاك المتعلق بالانثى هو (علامة البلوغ في الأنثى إكمال تسع سنين هلاليّة، وهو يعادل ثمان سنين ميلادية وثمانية أشهر وعشرون يوماً تقريباً). نحن نقول ولسنا الوحيدين بان هذا هو كلام غير معقول وبالتالي غير مقبول. فالمرجع يفتح الباب إن شاء ام ابى الى زواج القاصرات. وإلا فما الذي يمكن ان نفهمه من تحديده لسن البلوغ مع التسع سنوات هذه ؟ فتعريف القاصرة مقابل البالغة هو بالضبط بتحديد العمر. وكل المشكلة هي بهذا التحديد. والقانون العراقي الآنف قد حدد عمر البلوغ ب 18 سنة، وجعل استثناءا بشروط ل 15 سنة. ولم يرد فيه عمر اقل من هذين. فلماذا يقوم السيستاني بمخالفة القانون الذي يريد الجميع إبقائه كمرجعية قانونية هنا ؟
وفي مكان آخر من نفس الصفحة ابتداءا من السؤال الثالث وما بعده يكرر المرجع كلامه قائلا بان المرأة هي من اكملت التسع سنوات !!! هل هذا هو كلام معقول ومقبول ؟ الرابط (1).
في مكان آخر من نفس موقع المرجع عند باب (منهاج الصالحين ـ الجزء الثالث - كتاب النكاح / الفصل الأوّل في استحبابه وبعض آدابه وأحكامه) في المسألة 8 يكرر المرجع مرة اخرى جملته بخصوص امر التسع سنوات فيقول (ولو دخل بزوجته بعد إكمال التسع فأفضاها لم تحرم عليه) الى آخره.. نرى هنا تسمية المرجع للطفلة الصغيرة بالزوجة !! ومرة اخرى هذا هو كلام معقول ومقبول ؟ الرابط (2).
لم نذهب للاطلاع على كامل صفحات الموقع، فلا نحتاج لهذا. وما وجدناه يكفي لاثبات فكرتنا.
نقول نحن بان هذه الامور اي تحديد سن البلوغ بتسع سنوات وتسمية الطفلة بهذا العمر بالزوجة وبالمرأة غير مقبولة بالمطلق. فهذا بالضبط ما يريد قانون الاحوال الشخصية تغييره. هكذا فبينما لا نجد السند مما يدعي المرجع انه يدينه مثلما اسلفنا، نرى التأكيد لغياب هذا السند تماما من خلال الامثلة اعلاه.
إننا نرى بان مثل هذه الثغرات غير مسموحة بالمطلق. ونسأل المرجع ان يزيلها من على موقعه لتكون مواقفه على الاقل متطابقة مع القانون رقم (188) الآنف. ونرى انه من الافضل قيام المنظمات المدنية بالذهاب لمقابلة المرجع للاتفاق معه على صيغ لآرائه لتتطابق مع القانون الذي يدافعون عنه في البرلمان هذه الايام. وهذا بعدما تكون هذه المنظمات قد قامت بالاطلاع على كامل موقع السيستاني فيما يخص سن البلوغ عند الاناث، إن لم يكونوا قد قاموا بهذا العمل سابقا. فمن غير المعقول قيام هذه المنظمات بالدفاع عن القانون بينما يكون ظهرهم مكشوفا من خلال هذه الثغرة.
مصادر المقالة:
(1) الاستفتاءات/ البلوغ في الذكر والأنثى
https://www.sistani.org/arabic/qa/0363
(2) منهاج الصالحين ـ الجزء الثالث - كتاب النكاح
https://www.sistani.org/arabic/book/16/858