قبل اعوام وبالتحديد في الثالث عشر من ايلول عام 2017 قررت المحكمة الاتحادية العراقية ، الغاء القرار المرقم 120 لسنة 1994 ، ماذا كان ينص هذا القرار الذي وجدت المحكمة انه غير انساني ويتعارض مع حقوق الانسان ؟ ، كان القرار 120 لسنة 1994 ، يقضي بعدم اطلاق سراح المحكوم عن جرائم الاختلاس او سرقة اموال الدولة ، بعد قضائه مدة الحكم ما لم تسترد منه هذه الاموال .في ذلك الوقت كان المدعي العام العراقي هو الذي تقدم بطلب الغاء القرار ، لانه يتعارض مع الحريات الشخصية ، وبهذه اللفتة الانسانية تمكن اللصوص من التمتع باموال الدولة والسفر خارج العراق لنثبت للعالم اننا دولة قانون ، في الوقت نفسه لا تزال هذه الدولة التي سمحت لنور زهير ان يسافر ومعه مئات الملايين من الدولارات ، تهدد الناس بـ " بعبع " المساءلة والعدالة . فمنذ ان صدر هذا القانون الذي تحول اسمه من الاجتثاث الى المساءلة ونحن امام مسرحيات سياسية لن يستطيع كاتب مثل المرحوم شكسبير ان يصوغها . نعرف جميعا ان قانون الاجتثاث صدر من اجل ابعاد كل من تلطّخت أيديهم بدماء العراقيين، إلا أن القوى السياسية التي تتحكم بامور البلاد والعباد تصر على اعتبار كل من يختلف معها مشمولا به ويجب ابعاده
منذ سنين ونحن نعيش مسرحية قانون "الاجتثاث" الذي عُدّلَ إلى قانون المساءلة والعدالة، ثم أعيد إلى اسمه القديم، ثم وجدنا من ينادي باعتبار معظم العراقيين من "العهد المباد"! ويجب إبادتهم. اليوم يصرّ البعض على أن يمارس معنا لعبة ساخرة ، مصراً على اعتبار المواطن فاقداً للذاكرة . ففي موقف كوميدي قررت هيئة المساءلة والعدالة استدعاء خميس الخنر لابعاده عن الساحة السياسية ، فقد اكتشفت الهيئة ان الرجل مشمول بقانون الاجتثاث، هل هناك مشهد اكثر كوميديا ؟.. الخنجر دخل الانتخابات منذ سنوات وحصلت قائمته على العديد من المقاعد ، وشاهدناه وهو يجلس مع كبار ساسة الاطار التنسيقي ، بل ان بعض الاجتماعات السياسية ر كانت تعقد في مكتبه ، فما الذي حصل ، ولماذا أُخرج " بعبع " المساءلة والعدالة في هذه الايام .
أيها السادة إن هذه البلاد تحتاج إلى حوار حقيقي يهدف إلى إغلاق ملف الماضي وفتح نوافذ جديدة للمستقبل، إلا أن ما نراه أمامنا من سلوكيات سياسية تقول إننا أبعد ما نكون عن مفهوم المصالحة.
لو أعدنا قراءة التاريخ مرة أخرى، لوجدنا أن الحوار هو الذي ينتصر غالباً على يـد رجال كلماتهم أقوى من المدافع، أفكر طبعاً في غاندي ونهرو، ومانديلا ولي كوان وبالتأكيد لا يمكن أن أتجاوز رائدة الاصلاح في العراق عالية نصيف وأسأل؛ لماذا لا تتمتع ببركات المساءلة والعدالة .