الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
الفاسد يعود الى رئاسة البرلمان!!

“الشعب الذي ينتخب الفاسدين والانتهازيين والمحتالين والناهبين و الخونة، لا يعتبر ضحية، بل شريكاً في الجريمة”

جورج أورويل

في احد لقاءات  محمود المشهداني”رئيس البرلمان الجديد والاسبق”  قال معترفا ” تسلمنا السلطة و نحن مقاولين تفليش والعقلية الثارية بداخلنا و جاي ننتقم و نقتل كل من يعارضنا ونقصي الاخرين ونفسنا عن الجوع الي كنا بيه”

واعتراف محمود المشهداني ليس غريبا عن اعترافات السياسيين العراقيين عند ظهورهم  واعترافتهم بالفساد والفشل و على الملأ، في عدة مقابلات عبر محطات التلفزة  الفضائية ومنصات التواصل الاجتماعي والاعلام   ومنهم نوري المالكي رئيس وزراء الاسبق عندما قال”أنا أعتقد بأن هذه الطبقة السياسية، وأنا منهم، ينبغي أن لا يكون لها دورٌ في رسم خريطة العملية السياسية في العراق، لأنهم فشلوا فشلاً ذريعاً..” كما اعترف هادي العامري رئيس كتلة الفتح وقيادة منظمة بدر  وقيادة كتائب الحشد الشعبي  “إننا قصّرنا بحق شعبنا وعجزنا أن نقدّم له الخدمات المطلوبة والحياة الكريمة… التهينا بالصراعات الداخلية وتركنا شعبنا يتلوع من الجوع والفقر، ولذلك لا بد أن نعترف بذلك، وأنا أول من أعترف بذلك، وأعتذر للشعب عن كل قصور وتقصير..” وهناك غيرهم اعترفوا بفشلهم وفسادهم في ادارة الدولة بعد 2003 ومازالوا  يرسمون سياسة العراق  الداخلية  والخارجية نحو الهاوية.

اليوم يعود محمود المشهداني الى المسرح السياسي العراقي ليتراس المجلس النيابي بعد طرده في عام 2009 بعد جمع تواقيع 150 نائبا  ومنهم الاكراد والشيعة، ولكن في عام 2022 رشحه الاطار التنسيقي لرئاسة البرلمان ولكن مشهدا دراماتيكيا مثيرا اثناء ترشيحات رئاسة البرلمان، نقل الى المستشفى  وكان من الاوائل الذين وصلوا الى المستشفى للاطمئنان على صحته و”عافيته”  زعماء الاطار التنسيقي ومنهم نوري المالكي وهادي العامري وقيس الخزعلي بالرغم من انه لم يصب باي اذي بعد ادعاه بانه تعرض للضرب تحت قبة البرلمان عندما كان يشغل منصب رئيس البرلمان الأكبر سنًّا لإدارة جلسات تنصيب الحكومة بعد الانتخابات، وظهرت صورتهم  الثلاثة  حينها وهم يقفون عند رأس المشهداني، في المستشفى مبتسمين، في رسالة للأطراف الأخرى بأنهم داعمون للمشهداني، لا غيره.

واليوم يحصل على الاصوات التي اعادته الى رئاسة البرلمان باصوات شيعية وليس باصوات الكتلة السنية التي  ينتمي اليها!! وهناك من يستغرب من عودة المشهداني الى رئاسة البرلمان! ولكن نقول لماذا الاستغراب في  الدولة العميقة، ولما الاستغراب عندما يتلقى دعما من الاطار التنسيقي، وقادته يعترفون كما شاهدنا انهم فاسدون وباعترافتهم المعلنة  عبر الفضائيات ومنصات  التواصل الاجتماعي ولا نستغرب عندما يختار الفاسدون فاسدا مثلهم.

ان اعادة محمود المشهداني  بسبب عدم المسائلة  عن الفساد الذي يمارسه هولاء القادة السياسيين  الذين جاءوا خلف الدبابة الامريكية   بعيدا عن الالتزامات الاخلاقية والسياسية  ومن المفارقات في العراق اليوم لا يمكن ان يكون قائدا سياسيا لو لم يكن فاسدا  ومواليا لايران وهذا ما اكده  في وقت سابق عضو الهيئة العامة لتيار الحكمة الوطني بليغ أبو كلل، قال عن السياسيين (إنهم يتقلّبون في “أحضان” الجهات السياسية، مقابل الحصول على مناصب تنفيذية، مطلقاً عليهم وصف “المومس السياسي”) كما اضاف: “أعني ذلك الإنسان الذي يتقلّب كل يوم في حضن جهة سياسية، حتى ينال منصبًا تنفيذيًا بأي طريقة، ومهما كان الثمن ولو كان شرفه السياسي!”.

ان فوز محمود المشهداني  جاء بدعم مباشر من طهران  والاحزاب الموالية لها وعبر الاطار التنسيقي  وعلى راسهم رئيس وزراء  الاسبق نوري المالكي نكاية”بالكتل السنية” التي تدعو عودة العراق الى الساحة العربية،  وكما نقرأ بان عدد من القيادات السنية لها ارتباطات متينة مع طهران ولا يمكن ان تتخلى عن مصالحها في سبيل العراق او الضمير، لان هذا ما شهدناها خلال السنوات العشرين المنصرمة، حيث  لا يمكن اختيار اي منصب بدون موافقة طهران  والقارئ الكريم يتذكر جيدا عندما  تعقد مباحثات  او اجتماعات او مشاورات  بين الكتل السياسية لاختيار  رئيس حكومة، فلا بد ان  يكون احد مبعوثي طهران حاضرا في تلك المباحثات، وهذا ما كان يحدث عند حضور  قاسم سليماني وبعده  إسماعيل قاآني.

بعد فوز محمود المشهداني بثلاثة ايام، اجتمع مع المالكي” لبحث التعاون والتنسيق بين القوى السياسية  ورئاسة مجلس النواب، ثم قدم الشكر والتقدير للمالكي  لدعمه  العودة الى رئاسة البرلمان،  ونتذكر متانة علاقة المالكي مع المشهداني منذ عام 2006 عندما كان المالكي يشغل منصب رئيس الوزراء  والمشهداني رئيس مجلس النواب، وهذا مما جعل الناشط السياسي وضاح الكبيسي  ليقول عن فوز  محمود المشهداني” هو تحول دراماتيكي للجبهة “السنية” وتمكين، طهران، من زيادة نفوذها على حساب القوى السنية المرتبطة المناهضة للنفوذ الإيراني” وهذه اشارة واضحة الى علاقات محمود المشهداني التاريخية مع ايران، وهذه العلاقة لم يخفيها يوما، ويصف حضورها”المتميز  والمهم“

في الختام علينا ان نتذكر القصة التالية  “وكل لبيب بالأشارة يفهم”:

“ان مومس شاخت وانقطع الجميع عنها، فاوعز اليها بكتابة مذكراتها بالتفصيل وعلاقتها الحميمة بالنخب في المجتمع، فكانت المفاجأة بزبائن الامس من النخب  يتقاطرون ويطرقون باب منزلها  ويعرضون عليها الغالي والنفيس كي لا تاتي على ذكر اسمائهم وينكشف المستور امام الجميع، لانها تهز مناصبهم ومشاريعهم ومراكزهم وتضعهم تحت طائلة القانون”!!!

  كتب بتأريخ :  الخميس 14-11-2024     عدد القراء :  750       عدد التعليقات : 0