المسافة بين قرار البرلمان الكولومبي بمنع زواج الفتاة دون سن 18 ، وبين إصرار برلمان بلاد الرافدين بتعديل قانون الاحوال الشخصية من اجل السماح بزواج الفتيات القاصرات ، هي المسافة بين برلمان يحترم المرأة ويحمي حقوقها ، وبرلمان تعطل جلساته من اجل العودة بالنساء الى زمن العصور الوسطى . كما ان صورة نواب البرلمان الكولومبي وهم يتبادلون التهاني ، تذكرنا بصور لبعض نوابنا وهم يصرخون " لا بديل عن تعديل قانون الاحوال الشخصية " .
كانت مشكلتي، ولا تزال، أنني لا أعرف بماذا يفكر السياسي العراقي ، وقبل ان يقول لي صديق عزيز يارجل بدأت تهذي ، فهل هؤلاء ينطبق عليهم لقب ساسة؟ ، ماذا افعل ياسيدي وانا مهمتي ان اكتب لجميع القراء ، وهناك من القراء الأعزاء من يؤمن ان هذا السياسي وحده القادر على حماية طائفته ، فيما آخر يعتقد ان هذه النائبة هي الوحيدة التي بإمكانها الاطاحة بالخصوم .
مثلك عزيزي القارئ ، أجلس امام الشاشة ، اقرأ ما يكتبه البعض عن تعديل قانون الاحوال الشخصية ، وأشاهد ما ينشر من كتابات عجيبة وغريبة ضد كل من يعترض على التعديل فأتذكر قاعدة أرساها ألهــر الالماني جوزيف غوبلز ، تقول إن الاستمرار في بث الكذب ، سيجعل الناس تصدقه على انه حقائق ، ولهذا يصر بعض الغوبلزيين ، أن يوهم البسطاء من أمثالي ، بأن هناك اتفاقا ستراتيجيا تمت صياغته بين الامبريالية وبين المطالبين باقرار قوانين تساند المرأة العراقية ، بل ذهب الخيال بالبعض منهم الى القول ان محسن المندلاوي تعرض الى مؤامرة دولية لانه ساند تعديل القانون .
ولا ينسى طبعا ان يخبرنا بان الاحزاب الحاكمة ارادت ان تجعل العراق مثل المانيا ، لولا مؤامرات المدنيين والعلمانيين الذين يريدون ان يوهموا الناس ان زواج القاصرات حرام ، ولهذا فالضجة التي يثيرها جماعة " نزيهة الدليمي " حولتعديل قانون الاحوال الشخصية " ضجة فارغة " مثل مسرحية المرحوم وليام شكسبير.
بالتاكيد سوف تجد البعض يقول لك : ياعزيزي هذه تشريعات خاصة نريد ان نطبقها على انفسنا ، فلماذا انت منزعج ؟ ، وينسى هؤلاء البعض ان التشريعات توضع من اجل تنظم حياة الناس وحماية حقوقهم ، وأيضا ردعهم عندما يتركبون الخطأ . هناك طبعا من سخر من الحملة ضد القانون وكتب في صفحته على الفيسبوك : " لماذا انتم خائفون من زواج الفتاة الصغيرة ، الم يحدد التشريع الجديد ان هذا الأمر لايتم الا بموافقة الاب؟ ".
الغوبلزي الشاطر يريد ان يترك سلطة الاب في مواجهة طفلة صغيرة يتحكم بها حسب مصالحه الخاصة احيانا ، واحيانا أخرى يخضع فيها لقوانين العشيرة وتقاليدها .