تراجعت تجهيزات الطاقة الكهربائية في معظم انحاء البلاد لتفاقم من معاناة المواطنين في موسم موجات البرد , ومثل كل مرة بسبب انقطاع امدادات الغاز الايراني وعدم الايفاء بالاتفاقات الموقعة بين البلدين , وعدم قدرة الحكومات المتعاقبة على تامين بديل لمشتريات الغاز , وخسارة المنظومة الكهربائية كميات كبيرة من طاقة التوليد .
توقف إمدادات الغاز الإيراني أفقد المنظومة أكثر من 6 آلاف ميغاواط علما انه يشترى بأعلى من اسعار السوق الدولية , ويتكرر الانقطاع في الصيف والشتاء وعند اشتداد الحاجة اليه .
وتحاول وزارة الكهرباء تبرير هذا النقص من دون اقناع احدا , فعلى خلاف السياسات العالمية التي تعتبر الطاقة الكهربائية مسالة سيادية من الدرجة الاولى بامتياز للحاجة القصوى لها , الاجتماعية والاقتصادية , نلحظ عدم ايلائها الاهتمام المطلوب , واهمال مطالب المواطنين بشأنها والذين يعبرون بغضب بأشكال مختلفة , الى جانب التأثيرات المدمرة على الانتاج الوطني .
التجاهل والاستخفاف للمشكلة امتد مع السلطات المتعاقبة والامعان في الانحراف عن الطرق والاساليب المعروفة لمعالجة الازمة والافتراق عن اتباع سياسة وطنية سليمة, وليس حلول ترقيعيه وتطمين مصالح ايران على حساب المصالح الوطنية وحماية نفوذ قوى داخلية تستمد بعض قوتها وتأثيرها من هذا الارتباط للطاقة بخارج الحدود والاخلال بالسيادة .
في مسالة الكهرباء لم تكن السياسة المتبعة واضحة ,وان هناك قصدية في الاصرار على ابقائها ملتهبة ومنهكة للبلاد , وتمت محاولات للتحرر من هذا الرهن من الاتجاه نحو الخليج و من الاردن والسعودية وتركيا وكلها محاولات غير مثمرة او انها تعالج المشكلة من جذورها وتصون البلاد , واكثر من ذلك تفتقت عقول البعض ان استيراد الطاقة ارخص واكثر جدوى او انشاء مشاريع للطاقة في بلدان الجوار !
ان اهم الحلول والاكثر نجاعة هو الحل الداخلي المعتمد على الموارد المحلية والمفضي الى الاكتفاء الذاتي , فالغاز متوفر بكميات كبيرة في انحاء العراق , فحقول منحت الى شركات اجنبية , تراخيص ومشاركة في الانتاج , وغابت عنها المشاريع الوطنية الخالصة , ولم يتقدم فيها العمل واخرى لم تطرح للاستغلال والاستثمار , السمة الابرز ان العمل يجري ببطء شديد , بل انه يتوقف لسنين , فيما الازمة تتفاقم ويتحمل تبعاتها المواطن وتستنزف الموارد وتهدر على الاستيراد .. فضلا عن اختفاء الشفافية بشان مشاريع الطاقة النظيفة ولا معلومات عنها , بوشر العمل فيها ام لا ؟ اما المصافي لإنتاج الوقود اللازم لتوليد الطاقة الله يعوضنا عنها , فخلال عشرين عاما لم ينجز سوى مصفى واحد وفيه من المشاكل الكثير .
مرة اخرى نقول انه ينبغي الاعتماد على الذات وليس على بلدان اخرى , وعلى دراسات وخطط وخبرة مجربة وما يلائم ظروفنا وبسرعة بعيدا عن الروتين القاتل والفساد