في قراءة الكلمات التي كتبها الشيخ محمد بن راشد رئيس وزراء الامارات، وهو يهنئ الفنان العراقي ضياء العزاوي لفوزه بجائزة " نوابغ العرب " ، نعيد اكتشاف تلك المقولة التي كتبها افلاطون قبل اكثر من خمسة وعشرين قرنا : "الحاكم الحق هو الذي يبني دولته على خصلتين، العقل والعدل " ، لا مكان في اجندة محمد بن راشد للخطب والشعارات ، المكان فقط للتنمية والبناء واعلاء شأن الثقافة والفكروالفنون ودعم المتميزين أياً كانت جنسيتهم وهويتهم ، ولعل ما كتبه حاكم دبي وهو يشيد باعمال الفنان ضياء العزاوي من انها " الهمت الاجيال وجعلت من الفن العربي رسالة عالمية مؤثرة " ، هي كلمات محب للعراق والعراقيين .
ولأنني مواطن يحب بلاده ويعتز بثقافتها ، فقد كنت اتصور أن رئيس الجمهورية العراقية ، سينشر تهنئة بحجم منجز الفنان ضياء العزاوي ، واوهمت نفسي بان وزير الثقافة في بلاد الرافدين قد شاهد فيديو وزير شؤون مجلس الوزراء الاماراتي السيد محمد عبد الله القرقاوي، وهو يتصل بالفنان ضياء العزاوي يبارك له الفوز وينقل له تحيات دولة الامارات ويشيد بأعماله الفنية التي يتحدث عنها العالم . لكن يبدو أنه ليس كل ما يتمناه المرء يدركه ، فغاب ضياء العزاوي عن اهتمامات رئيس الجمهورية ، وضاع في زحمة مشاغل وزير الثقافة في توزيع جوائز لافضل شيف وافضل مطعم ، أما لجنة الثقافة في مجلس النواب فلا أعتقد أن احدا منهم سمع يوماً باسم ضياء العزاوي ، لأنّ بوصلته تتوقف عند " إبداعات " نقيب الصحفيين .!
يأخذنا ضياء العزاوي في اعماله الفنية للغوص معه في مرحلة مهمة من تاريخنا الثقافي والفني ، بدأت في واحدة من أجمل محلات بغدادالقديمة " البارودية " عام 1939 ، ومرت بمحطات كان فيها مصرّاً على أن يمنح التشكيل لوحات ذات هوية عربية ، وان لا يفقد صلته القوية بوطنه العراق وبعالمه العربي .
في كل مرة يطلُّ فيها الشيخ محمد بن راشد ليتحدث عن العراق ، تشعر بان هناك من يريد ان يزرع الأمل في نفوس بعض العراقيين ، وان الحاكم برغم مشاغله وكتابعة هموم مواطنية ، يمكنه ان يصبح أستاذأ في الإنسانية والحياة وفي الثقافة .. ويثبت وبجدارة أن المسؤولية خليط من االفكر والعمل .
في كل هذه اللفتات الانسانية نجد ان هناك دوما الحجم المعنوي الذي تتخذه اليوم دولة الامارات بكل جدارة واستحقاق، متجاوزة الحيّز الجغرافي والعدد السكاني، لكي تلعب دور البلاد المحبة لجميع العرب ، والشقيقة التي تشارك الاخرين افراحهم واحزانهم .
نكتب عن احتفاء الامارات ببعبقري التشكيل العراقي ضياء العزاوي ، لأن الأمر يستحق منا أن نثمن هذه المبادرة ، ولأننا سوف نعرف مدى الفرق بين انتباهة مسؤول لاهمية الفن والثقافة ، وبين جهات رسمية تجد صعوبة في تذكر اسم احد ابرز فنانيها .