في خطاب متلفز القاه السيد محمد شياع السوداني أمام تجمع حاشد في مقر الحكمة /السيد عمار الحكيم، وجه رسائل متعددة للداخل والخارج كانت من أبرز تلك الرسائل قوله حرفياً: "هناك من حاول ربط التغيير في سوريا بأوهام وامنيات في عقول العاجزين وذلك بالحديث عن تغيير النظام السياسي في العراق، وهو امر لا مجال لمناقشته لأننا ولله الحمد نمتلك وبكل ثقه نظام ديمقراطي تعددي يضم الجميع، ويسمح بكل اصلاح وتصحيح لأي خلل او ارتباك ما دام تحت سقف الدستور والقانون الى جانب الاليات الديمقراطية التي تضمن التداول السلمي للسلطة.."
واتساقاً مع الحديث عن إجراء الانتخابات البرلمانية في العراق في تشرين أول القادم فقد نشرت شخصياً قبل يومين مقالة تحت عنوان: "الانتخابات في العراق وسيلة للتغيير أم أداة للتكريس..؟" ، بينت فيها العيوب الرئيسية في نظام الانتخابات في العراق وهي الآتي:
1. عدم الالتزام بالدستور لجهة تطبيق قانون الأحزاب، ولجهة عدم السماح للأطراف التي تمتلك أجنحة مسلحة بالمشاركة فيها، ولجهة استغلال المال العام ومقدرات الدولة في الحملات الانتخابية.
2. مخالفة القانون: حيث ينص قانون المفوضية العليا للانتخابات على كونها هيئة مهنية غير حزبية مستقلة، في حين جرت العادة على تقاسم مناصبها القيادية على اساس المحاصصة بين الأحزاب المهيمنة على السلطة وتبعاً لذلك الوظائف التنفيذية فيها عموديا وأفقياً.
3. التعديلات في قانون الانتخابات التي تسبق كل دورة انتخابية التي تتم مفصلة على مقاس الأحزاب المهيمنة على السلطة فتارة صيغة هير وأخرى سانت ليغو وثالثة سانت ليغو المعدلة.
4. استخدام المال العام ومقدرات الدولة ووظائفها من قبل الأحزاب المهيمنة ووضعها تحت تصرف مرشحيها وعلى نطاق واسع في شراء الأصوات الانتخابية واستغلال فقر وحرمان الناخب وبطرق وضيعة ومخالفة للدستور والقانون.
5. الى جانب عدم وضع حد للتزوير في عملية الانتخابات والتعمية على ذلك بالتنقل بين الأسلوب اليدوي والأتمتة تبعاً لرغبة القائمين على مفوضية الانتخابات وهم وكلاء للأحزاب المهيمنة على السلطة.
6. اشاعة ثقافة منحرفة بين الناخبين تقوم على الرشوة فإلى جانب استخدام المال العام من قبل مرشحي الأحزاب المهيمنة على السلطة هناك الوعود بالتوظيف والحصول على قطع سكنية، الى جانب استخدام آليات ومقدرات دوائر الدولة في تقديم الرشى للناخبين بتبليط الطرق خلافاً للقواعد الهندسية وفرش الأمكنة بمادة السبيس وايصال الخدمات، كل ذلك يتم في فترة الانتخابات ومجيّر للمرشحين وبأسمائهم وصورهم الصريحة والمتلفزة.. وطبعاً لا يملك القدرة على تقديم تلك الرشى والوعود غير مرشحي أحزاب السلطة.
وبغية عدم الإطالة في تفصيل العيوب في الانتخابات العراقية وهي كثيرة لكني قلتها أمس أمام أصدقاء من أحزاب مدنية يهيئون للاستعداد للمشاركة في الانتخابات المقبلة، هذه العيوب أدت الى نتيجتين مدمرتين للوضع السياسي في العراق:
الأولى: عزوف الناخبين من المشاركة في الانتخابات بحيث بات معروفاً إن نسبة المشاركين فيها لا تتعدى في كل الأحوال 20% ممن يحق لهم التصويت في الانتخابات.. وهو ما يؤكد عدم دقة ما يقوله السيد رئيس الحكومة من أننا "نمتلك وبكل ثقه نظام ديمقراطي تعددي يضم الجميع." بل إن واقع الحال يعصف بشرعيته.
الثانية: تسيد لون محدد على النظام السياسي في العراق هو أحزاب الاسلام السياسي والفاسدون والذي تسبب في حالة اخفاق مستدام وفوضى مستدامة وفساد مستدام وانسداد مستدام.. وهو ما يتناقض صراحة مع ما يقوله السيد رئيس الحكومة بعدم وجود حالة للتغيير الجذري للنظام السياسي في العراق.
وتساءلت أمامهم:
- أين قياداتكم السياسية ومسؤولي أحزابكم وتياراتكم من ممارسة دورها في الضغط باتجاه ازالة العيوب في نظام الانتخابات ..؟ نحن لا نريد من تلك القيادات أن تمسك بالسلاح ولا نريد منها المطالبة بغير ما مسطر في الدستور والقانون فقط لا غير .. لكن ليس باللقاءات المتلفزة والندوات الموجهة لانصارها بزيادة الهمة أو عقد التحالفات مع جهات لا توصلها وتوصلهم مركباتهم الى 1% من سباق الانتخابات،
- أين تحشيدهم لأصدقائهم في البرلمان من أجل هذه الغاية..؟
- أين تحشيدهم للشعب من أجل تحقيق هذه الغاية..؟
- أين ممارسة الأضراب والاعتصام من أجل تحقيق هذه الغاية..؟
- أين تحريكهم للمنظمات الدولية المعنية بالديمقراطية والانتخابات من أجل تحقيق هذه الغاية..؟
اننا لا نسعى ولا نريد ولا نعول على التدخل الخارجي في تغيير أو إصلاح النظام لكننا وبكل تأكيد نتمنى ونسعى لإصلاح النظام السياسي ليكون نظاماً صالحاً عقلانياً يضمن وحدة وسيادة العراق والحرص على توظيف ثرواته ومقدارته لصالح شعبه بما يضمن العدالة الاجتماعية للشعب ومشاركة الأغلبية الساحقة فيه بصنع القرار وادارة شؤون الدولة.
وها هو السيد السوداني يعري قيادات الأحزاب المدنية بقوله : "نمتلك وبكل ثقه نظام ديمقراطي يسمح بكل اصلاح وتصحيح لأي خلل او ارتباك ما دام تحت سقف الدستور والقانون.."
- فليرني أي منهم انه قام بدوره بالسعي لتعديل اعوجاج نظام الانتخابات وتصحيح الخلل فيها، وتحت سقف الدستور والقانون فقط ، وليس غير المطالبة بتطبيق الدستور والقانون فقط ..! ولكن كما قلت ليس من خلال اللقاءات في الفضائيات والمقالات والزيارات البينية وعقد تحالفات بين من يصفهم السيد السوداني بالعاجزين.. فالأمر يتطلب أكثر من ذلك بكثير..
وما نيل المطالب بالتمني.. ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
* رئيس هيئة النزاهة في العراق (سابقاً).