السيد عمار الحكيم يلامس بتوضيحاتٍ لافتة، القضايا العقدية التي تعتبرها بعض أوساط الإطار التنسيقي "مقدسات". ومثل هذا الموقف، خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح المنتظر.
وأهم ما يلفت النظر في إضاءات السيد، توقفه لأول مرة حول ما يقال عن الميليشيات وتوصيفها كـ "أذرعٍ ايرانية" منفِّرة شعبياً وسلاحها المنفلت الْمُسْتَفَزّ، وتأكيده على أنها بحاجة إلى معالجة.
لكن السيد استثنى بأسلوب الاستدراك، الحشد الشعبي باعتباره جزءاً من القوات المسلحة النظامية، مع أنه في واقع الحال، كيان "عقائدي" مستقل ومنظومة عسكرية تكاد توازي الجيش النظامي، بل تتفوق عليه في جوانب تسليحية ومالية وتعيينيّة. وتنفرد كلما اقتضى الأمر بقرارات قد لا تنسجم، وتعاكس سياسات الدولة. ويكفي أنها تضم في قوامها ميليشيات تحتفظ لنفسها بكيانٍ مستقل، وتعتمد في رواتب منتسبيها وتسليحهم ومقراتهم والياتها وهوياتها على ميزانية الدولة! وهو الآخر يتطلب التوجه بدمجه بصيغة تجعل منه جزءاً لا يتجزأ بالفعل من الجيش والقوات المسلحة فعلياً، مع إدامة تميزها بكل ما يجعل منها قوة دفاع عن سيادة البلاد واستقلاله الوطني.
كما نفى السيد ما يتردد من استهداف للإطار وزعمائه من قبل جهات دولية، مختزلاً الاستهداف " لنشاطات اقتصادية "لبعض فصائله!
سماحة السيد عمار، ما تناولته في حوارك، دلالة على قلقك واهتمامك بما يهدد المنظومة السياسية القائمة. ومن موقع التفاعل، أتطلع إلى تجذير رؤياك للتأكد على أن النظام السياسي القائم وفقاً للدستور "رغم اختلالاته" جرى اختطافه من جماعة الإطار وتشويهه، واختزاله إلى حكم الأقلية المنفّرة التي لا تمثل سوى أقلية سياسية فضحتها نتائج الانتخابات الأخيرة، وعجز أطرافها عن إكمال العدد المطلوب لما سُمي بالثلث المعطل. ولولا ما قام به السيد مقتدى من "منحة " ملفتة، غير مفهومة ولا مبررة، لما استطاع الإطار بكل أركانه - كما تأكد في الواقع - من عدم إكمال حتى العدد المطلوب لـ " البدعة المفبركة " المستوردة من لبنان!
وهذا وحده يكفي للدلالة على أن المنظومة القائمة، وأن وجدت لها في تصويت البرلمان "الغطاء القانوني " المشكوك بمصداقيته، فأنها فاقدة الشرعية شعبياً.
وعلى من يحرص على تدارك المخاطر المحدِقة بالبلاد وتجنيب العراقيين نتائجها ومصائبها، وافترض أن السيد من بين الأكثر ادراكاً، لما يعنيه ذلك ، بحكم علاقاته ومتابعته، ان يقر بأن العراق على مفترق طرق: اما تعمية المهيمنين على وجهة الإطار ومصائر البلاد بالتشبث والإبقاء على الحال الميؤوس منه كما هو عليه، والتمسك بالأذرع المسلحة والميليشيات المنفلتة، التي جُعل منها قوة لترويع العراقيين، وأداة تكريسٍ لهيمنتها غير المشروعة وقوة حمايةٍ لمصالحها و "ليس لتحرير القدس والدفاع عن المقدسات".. أو انتظار انبعاث الامل بنهوض جماهيري غاضب معزز بتجربة انتفاضة تشرين المعمدة بدماء شهدائها وضحاياها. وهو آتٍ لا ريب فيه، ان لم تتعظ من تمادت في عبثها بإرادة شعبنا.
أن العراق ليس سورية. والنموذج السوري لا يصلح للعراق. لأن شعبنا يريد تغييراً وطنيا ديمقراطياً بنيوياً يستعيد به وطناً طال انتظار غيبته، بإرادته وبوسائله النضالية السلمية، يحرر إرادته المستباحة، لا بدفعه إلى المجهول بأي تدخلٍ خارجي يهدد وجوده، وينتهك حرماته، ويضيع مستقبله في متاهات الفوضى، أياً كانت مسمياتها!
وأي اعتقاد بسوى ذلك، هو مجرد أضغاث أحلام!