الاستقطاع 1% الذي قررت الحكومة اعتباره " تبرعاً " خلق حالة من الاستياء العام و لأنه قرار جاء مقابل عجز في ميزانية الدولة حسب آراء واستنتاجات الخبراء والمتابعين للوضع المالي، وتناولنا في مقال سابق( التبرع الوطني الطوعي الحضاري وليس الاستقطاع الفوقي )،
حاثين الحكومة على التراجع عن هكذا اجراء تعسفي وتجاوز على حقوق المواطنين ذو الدخل الضعيف، ولكن الحكومة على ما يبدو مستمرة في عمليات الاستقطاع على الرغم من الاحتجاجات والاعتراضات من قبل آلاف المتقاعدين والموظفين، هذا التصميم على الاستقطاع من الرواتب الضعيفة اصبح شبه حركة جماهيرية رافضة، وفي الوقت نفسه جرت دعوة ملغومة للذين يرفضون الاستقطاع "في اعلان هيئة التقاعد العامة عن رابط على منصة (أور) تقديم طلب في حال عدم الرغبة بالإستقطاع" كي يتم إعفاء اسم من يرفض التبرع" وهي عملية صعبة جداً لأن أكثرية المتقاعدين ليس لديهم دراية او إمكانية باستخدام الحاسوب والانترنيت إضافة لأنها دعوة تعجيزية والاستقطاع مستمر " وتفاجأ المتقاعدون، يوم أمس الأحد 12 / 1 / 2025، باستقطاع مبالغ مالية من رواتبهم التقاعدية بأثر رجعي ويبلغ عدد المتقاعدين حوالي (4) ملايين متقاعد نسبة 1% اذا كان الراتب 300 الف ستكون المبالغ (12) مليار دينار مع العلم ان هناك روانب اعلى من 300الف دينار، وهذا ما أثار موجة من الغضب والاستياء في صفوفهم" وعلى ما يظهر ان هدف الحكومة من هذا الاستقطاع سد العجز من نفقات الدولة وقد ترفد العجز في الميزانية العامة حيث ستبلغ قيمة الاستقطاع حوالي ( 70 مليار دينار) شهريا وهذا ما اشار له الخبير الاقتصادي محمد الحسني، كما أشار الخبير الاقتصادي ايضاً الى إن "هناك رفضاً شعبياً من الموظفين والمتقاعدين اثر قرار استقطاع 1 % من رواتبهم" وعلى الرغم من الرفض الواسع والاعتراضات والمناشدات بعدم الاستقطاع فإن وزير المالية صرح مطالباً الموظفين بالتضحية لكي يساعدوا الحكومة في مواجهة الأزمة المالية التي " نشات من انخفاض سعر النفط " إضافة الى هذا الموضوع وحسب تأكيدات البعض من المتقاعدين انهم بلغوا بعدم دفع رواتبهم لشهر كانون الثاني 2025 بسبب العجز الحكومي المالي وأشارت جريدة طريق الشعب إنّ "الوضع المالي في البلاد شديد الصعوبة؛ فالإيرادات النفطية بالكاد تغطي الرواتب"
ان صيغة التبرع الذي هو في آخر الأمر استقطاع جبري"وجباية اجبارية" وان تغلف بكلمة "تبرع " لهدف معروف حسب تصريحات البعض من المسؤولين تخالف الدستور والمفروض ان تكون خاضعة للسلطة التشريعية وهذا لم يحصل مما يدل ان الغرض مبطن،مع العلم إن أغلبية العراقيين متضامنين مع الفلسطينيين والشعب اللبناني وبالضد من العنجهية الصهيونية الباغية، علماً ان هذا الاستقطاع ىسوف يؤثر سلباً على المستوى المعيشي السيء بالأساس المكبل بغلاء الأسعار وارتفاع أسعار المواد المعيشية والتدهور المستمر في الخدمات العامة وأزمة الكهرباء والماء التي أصبحت بعبع يرعب ملايين المواطنين ، من جانب آخر نجد الانخفاض سوف يصيب مخططات الحكومة بالخلل وبخاصة اعتمادها على النفط كاقتصاد ريعي وحيد الجانب في الاقتصاد العراقي مما قد يجعلها حسب طريق الشعب " اللجوء الى الاقتراض وهو ما يتطلب منها سداد 28 تريليون دينار، أو ترحيل هذا العجز إلى الحكومة المقبلة. وهذا سيضع الأخيرة في مأزق كبير نتيجة الإنفاق الحكومي غير المدروس".
ان الضحية الحقيقية لهذا التبعثر المالي ونقص الواردات هم الطبقات والفئات الكادحة والمستفيد الوحيد هو الفساد والفاسدين السراق ، وتطاول بالذات على ملايين المتقاعدين والموظفين أصحاب الدخل المحدود وبدلاً من العمل على تعديل رواتبهم ودعمهم فإن الحكومة تقوم بزيادة الطين بله ودفعهم الى أوضاع اكثر مأساوية وتزيدهم فقراً على فقر، وعلى ما يبدو فإن الحكومة لا تستمع لاستغاثات المواطنين ومطالبهم بوقف الاستقطاع المجحف، وتحاول اللجنة المالية البرلمانية وهي مرتبطة بالتحالف الحكومي تبرئة نفسها إلا أن الواقع المنظور يقول هي التي " اقرت ووافقت على الموازنة العامة ودعمتها وتدافع عنها باشكال مختلفة، ان استمرار الاستقطاع من رواتب المتقاعدين والموظفين عمليىة قهرية وعلى ما يظهر ان الحكومة لن تأبه بمشاعر ومطالب مئات الآلاف من المتقاعدين والموظفين بتحسين أوضاعهم المعيشية وليس التتفريط بها تحت اي حجة وهذا ماأشار له ياسر السالم عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي " ان "رواتب الموظفين والمتقاعدين هي حقوق مكتسبة نتيجة سنوات من العمل والتضحيات، ولا يجوز المساس بها تحت أي ظرف"
نعم ان هذه الحقوق المكتسبة بتعب وعرق السنين العجاف يجب ان تصان من التلاعب والتجاوز وليس العكس وتحميلها فوق طاقتها، ان التبرع الطوعي لن يبخل المواطنين من المساهمة الواعية فيه لأن الشعب العراقي تضامن دائماً مع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني والشعب اللبناني وكافة الشعوب في العالم .