الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
8 شباط جرح غائر في جسد العراق

   في الثامن من شباط 1963 قفز أكثر الأحزاب فاشيّة ودمويّة بالعراق وقتها الى سدّة الحكم، لينهي وهو القادم على قطار أمريكي وبتحالف واسع ضمّ في صفوفه اضافة الى حزب البعث الفاشي، الإقطاعيين والأغوات وقوى رجعية مختلفة وأيتام العهد الملكي الذين تضررت مصالحهم من قيام ثورة تموز، وبمباركة الدوائر الغربية وشركات النفط الأحتكارية والمؤسسة الدينية والرجعية العربية، تلك الثورة التي قدّمت للعراق خلال عمرها القصير ما لم تقدّمه حكومات العراق للبلاد وشعبها منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة وليومنا هذا. ولم يكن هدف الأنقلاب هو وأد تجربة تموز 1958 فقط، بل والأهم وقتها كان تصفية الحزب الشيوعي العراقي.

   لقد رفع الأنقلابيون سكاكينهم عاليا وهم ينهلون من فتوى محسن الحكيم المتأثر بسياسات طهران والشاه المكارثية من أنّ (الشيوعية كفر وألحاد)، لذبح آلاف الشيوعيات والشيوعيين والعشرات من الديموقراطيين والوطنيين العراقيين، وظهرت شعاراتهم المخزية المشينة في وسائل أعلامهم وهي تقول (يا أعداء الشيوعية أتّحدوا) و (أبيدوهم حيثما وجدتموهم)، فقادت قطعان الحرس القومي المشبوهة حملتها ضد الشيوعيين بشكل خاص، ليستشهد من جرّاءها خيرة قادة الحزب وعلى رأسهم الرفيق الشهيد سلام عادل سكرتير اللجنة المركزية، بعد أن حوّل الفاشيّون العراق الى سجن ومسلخ بشري كبير.

   لم يطل الوقت على الأنقلابيين ليظهروا طبيعة حزبهم ومن تحالف معهم في معاداتهم لتطلعات شعبنا وتحقيق ما تريده الدوائر الغربية والرجعية في الداخل والخارج، فتمّ تجميد قانون رقم 80 وفتح أبواب العراق مشرعة أمام الأستثمارات الغربية وسلب كل ما حققته الطبقة العاملة العراقية من أنجازات، وإعادة الحياة للعشائرية وقوانينها المتخلّفة وغيرها. لكنّها أجّلت مؤقّتا وقتها معركتها ضد الحركة القومية الكوردية ممثلة بالحزب البارتي وزعيمه الراحل الملا مصطفى البارزاني اللذين كانا من أوائل من أبرق مهنئا الفاشيين بإنقلابهم، لتندلع المعارك ثانية بعد فترة شهرعسل قصيرة.

   على الرغم من دموية الفاشيين البعثيين تجاه الشيوعيين وحزبهم، والتي كانت بحق ظلام لفّ العراق ومأساة حقيقية حلّت بالحزب والعراق وشعبه، الا أنّ الحزب وبأمكانيات بسيطة وقف بوجه قطعان البعث مقاوما إيّاها في مناطق مختلفة من العاصمة بغداد كالكاظمية وعگد الأكراد وغيرها من المناطق، ولاحقا في إنتفاضة معسكر الرشيد وحمل السلاح في ذرى وجبال كوردستان، وهذه النشاطات المسلّحة للحزب كانت في الحقيقة تجربة نضالية غنيّة وشكّلت وقتها تحد كبير لسلطة مجرمة. وقد أظهرت جريمة شباط الأسود وهي تغتال منجزات ثورة تموز وتطارد وتقتل وتغتال الشيوعيين في كل مكان بالعراق، من أنّ بناء نظام ديموقراطي حقيقي لا يتم بمعاداة الشيوعية والحركة الوطنية العراقية مطلقا.

   لقد أعلن الفاشيون البعثيون وقتها من أنّ تصفية الحزب ليست أكثر من نزهة، وأقسموا ثانية وهم يعودون للسلطة من جديد في تموز 1968 من أنّهم سينهون وجود الحزب بالعراق. الا أنّ التاريخ أثبت العكس تماما فحزبهم رحل محمّلا بالعار والجريمة، فيما نرى الحزب الشيوعي العراقي لليوم يخوض نضالا مريرا من أجل مصالح شعبنا ووطننا. والحزب اليوم وعلى الرغم من عدم أخذ مكانه اللائق به على المسرح السياسي الرسمي بالبلاد لظروف ذاتية وموضوعية، فأنّ إستمراره بالعمل السياسي بين الجماهير على صعوبة ودقّة الأوضاع السياسيّة هو دلالة على أنّه ضرورة في الحياة السياسية بالبلاد.

   الشيوعيين اليوم وهم ينظرون الى الأوضاع القاسية التي تعيشها جماهير شعبنا في ظل نظام المحاصصة الطائفية القومية الذي يضم نفس أضلاع تجربة الثامن شباط 1963 تقريبا، مدعوون للتواجد حيث الجماهير والعمل مع جميع القوى المتضررة من نظام المحاصصة الطائفية القومية والذي وصل الى السلطة في التاسع من نيسان 2003 على نفس القطار الأمريكي، من أجل تغيير شكل النظام القائم وبناء العراق الديموقراطي الحقيقي . فنظام التاسع من نيسان 2003 لا يختلف بشيء عن نظام الثامن من شباط 1963 ، من حيث رهنه مستقبل بلادنا عند الدوائر الغربية والدول الرجعية، ولا يختلفان مطلقا في فسادهما ونهبهما للمال العام، ولا يختلفان بالمرّة عن هدفهما في أحتكار السلطة.

   المجد كل المجد لشهيدات وشهداء الحزب على مرّ تأريخه النضالي

   المجد كل المجد للشهداء قادة ثورة 14 تموز

   العار كل العار للقتلة البعثيين الفاشيين

  كتب بتأريخ :  السبت 08-02-2025     عدد القراء :  312       عدد التعليقات : 0