توطئة: لم يسبق لفيلسوف أن أغتال رجل دين ولكن رجال الدين قتلوا الكثير من الفلاسفة!؟
الموضوع: في اعتقادي: إن مسألة المطب الخانق بين الجبهتين أصحاب ثقافة (العقلنة) وجماعة الغيبيات والتي (ربما) مقدسة أحياناً هي نظرية {الفهم الخاطئ والمغلق للدين} وللحقيقة المرَة إنها أزلية بل متوارثة حتى في عصر العولمة الرقمية وذلك بسبب دعاتها رجال الدين الراديكالي باستثمارهم تلك الفروقات كحجة جاهزة لاستلام كرسي الحكم حسب منطق القوة لا قوة المنطق!؟ وثمة عتمة وضبابية منحرفة لقضاة العدل حين يجعلون لحجب الحرية وسيلة لأنهاء الرأي وتغييب الكلمة الحرة، ونعم لثقافة العقلنة النقية والهادفة لبناء مجتمع سليم من التكلس الفكري، ويصقلها الفيلسوف كانط بقوله: إن المدركات الحسية دون تصورات عقلية عماء، والتصورات العقلية دون معطيات حسية خواء: إذا أين يمكن أدراج الإيمانيات والمعرفة الروحية؟ وسوف أقتبس بعض فقرات من مقالتي البحثية السابقة بخصوص العقلنة موسومة --
" عالم ماجد الغريباوي " بقلم عبدالجبارنوري أبورفاه
للإجابة على تساؤلات الفيلسوف كانط أين يمكن وضع الإيمانيات والمعرفة الروحية؟:
الدكتور ماجد الغريباوي يعد واحدا من أعلام العراق المعاصر فهو أديب وكاتب موسوعي ومفكر عقلاني وسطي وإن شهرتهُ الفقهية العميقة لاقت قبولا واستحسانا واسعا وكثيرا ما يشار أليه كمرجع وسطي هدفه الوصول لمنطقة الديستوبيا بمشروعه ثقافة العقلانية الوسطية في الخطاب الديني المعتدل المفعم بحوار سلمي ، والتماهي مع عظماء الفكر كالدكتور فرج فوده لمعالجة ثقافة الغيبيات اللاعقلانية ، لقد حرص المزج بين الواقعية الرمزية السحرية والواقع السوسيولوجي الجمعي للعالم ي (بثيمة) الحوار الجريء في تحديث الدين حين يقول : نحن بحاجة لوعي يمزق جدار الصمت بفضح الكذب والتزوير والنطق بالحقيقة بصوت مرتفع (منجزه كتاب مدارات عقائدية حوار حول منحنيات الأسطرة واللامعقول الديني ) .
الدكتور فرج فوده من مصر أم الدنيا 1945 -1992 كاتب ومفكر وصحفي وناشط في حقوق الأنسان بأيديولوجية ثابتة شعارهُ ( دولة مدنية ديمقراطية ) اغتيل على يد الجماعات السلفية ( الأخوان ) بسلاح ناري في 8حزيران 1992 في القاهرة : حيث كان على موعد مع الموت بتكفير من الأزهر ، كانت كلمتهُ الأخيرة – وهو يحتضر – يعلم الله أنني ما فعلت شيئا إلا من أجل وطني ، وكان اعتراف القاتل ( عبدالشافي رمضان ) إنهُ هو الذي قتل فرج فوده بسبب (فتوى) الدكتور عمر عبد الرحمن مفتي الجماعات الإسلامية بقتل المرتد فرج فوده ، لما سألهُ القاضي المختص بالجنايات من أي كتابٍ عرفت إنهُ مرتد ؟ أجاب بأنهُ لا يقرأ ولا يكتب !!! وسُئل لماذا أخترتم موعد الاغتيال قبيل عيد الأضحى؟ أجاب لنحرق قلب أمهُ!؟
مؤلفاته:
- كتاب الحقيقة الغائبة – الدكتور فرج فوده 1984 الكتاب رؤية فكرية بصيغة سياسية بل هو جهد بحثي كبير وعميق خطهُ المغدور بمنهجية أكاديمية تراتيبية مصدق بوثائق تحليلية ذات واقعية سحرية دامغة فهو جهد علمي جاد يجابه بالحجة والواقعية الملموسة ، فحوى الكتاب عبارة عن جهد فكري بحثي وتحليلي أستخدمه المؤلف للرد على الذين لا يعترفون بالتوثيق والتأصيل : فهو جهد علمي جاد في الإسهام في تبرئة مما يحاولون استخدامه سياسيا لأجل أهداف سياسية ، بحيث يقر المؤلف بأن يحفز على التقدم بينما المعترضون يدعون للتخلف ، و دين
السماحة وهم دعاة التعصب، ويؤكد على الشورى والحوار بينما هم يريدون فرض آرائهم بالإكراه والعنف.
-كتاب قبل السقوط 1984 للدكتور فرج فوده : أشار( فوده ) في منجزه هذا إلى عيوب السياسي في قصور فكرتهم واعتمادهم على قصور وجهل الناس بالتأريخ ، وماهية مفهوم السياسة بأنها حرفة والوطن رسالة والسياسة فن الخداع والخباثة ، ويبين فصول كتابه هذا فجائعيات حكم الثيوقراط الطفيلي الرثة على واقع الوطن كمطحنة الصراع الطبقي التي أجهزت على الطبقات الفقيرة والمتوسطة كأنها هي المعنية وحدها بدفع فواتير التخلف عن الغرب المتمدن ، ويضيف أي نعم أن نزل على البشر لا الملائكة البشر يصيب ويخطئ ، وللعلم إن هناك فروقات بين إسلام الدين وإسلام الدولة فانتقاد الثاني ليس ( كفر ) بالأول وخروج عليه فهي يمكن صياغة الأحداث بالعقلنة الوسطية بأبعاد الفنتازيا والأساطير .
- كتاب الملعوب 1985للدكتور فرج فوده: يفضح أكذوبة الاقتصاد ي وبيوت توظيف الأموال ويحكي ملعوب إمبراطورية الشركات والكارتلات الأجنبية باستنزاف العملة الصعبة وتهريبها إلى الخارج وهذا الأنفاق العشوائي يزيد من طغيان الثلاثي الموجع والمزمن في الوطن العربي وي (الجهل والمرض والبطالة) وكأنه يقول: سنسرقك باسم الله
سنسطوا على أموالك ومدخراتك باسم الدين
سنمارس غسيل الأموال والكسب الغير مشروع باسم البنوك الإسلامية
وثمة أفكار قتلت أصحابها في مقصلة الفكر الحر وحكايات (أرخنة) أحداث وحيثيات إرهاصات الصراع الطبقي قديمهُ وحديثهُ باستهداف أصحاب الكلمة الحرَة لفوبيا نشرهم نشاطهم الفكري في ثقافة العقلنة المضادة للغيبيات اللاهوتية المكتسبة للقدسية لأجل السيطرة على الجمهور بأسر كيانه وروحهِ وعواطفهِ إلى زمكنة منطقة (الصفر) حيث العزلة التامة واستحالة الخروج منها وذلك بتعطيل ديناميكية العقلنة الماحقة للفنتازيات الغير واقعية في الأحداث الغيبية المقدسة ربما ، وعند افتقاد النص تلجأ جماعة الجهل والتجاهل لفتاوى الظلالة ، مما أستوجب حضور جماعة العقلنة ومثقفو الواقعية الملتزمة بيد إنهم واجهوا الاضطهاد والنفي والتغييب والصعود لمقصلة الفكر الحر لسحق أجسادهم كمادة فانية وخُلدتْ أرواحهم وأفكارهم النبيلة أبد الدهر ، أليس هو الغباء بعينهِ ؟ عند جمهور الجهالة في انتحار فضاءات الأنسنة وحب الحياة ، وإن ظنهم الخائب يقودهم حظهم العاثر إلى أعماق مستنقع الخيبة والخذلان والخواء الفكري والروحي ، وليعلموا أن الطغاة كالأرقام القياسية تتحطم في يومٍ ما !!! ، وثمة عتمة وضبابية لقضاة العدل في عوالم الرأسمالية ذات الأنظمة الشمولية لتشمل جغرافيتها منطقة الشرق أوسطي والشمال الأفريقي وجميع دول النفط الخليجية ، ولا أستثني العراق منذ تأسيسه وبعمره القرن يتعايش الزمن المر ومحطات الخيبة تعمل جاهدة في حجب الحرية كوسيلة لأنهاء ونحر الحرية ، وهم يتناسون إن الأفكار الحرة تبقي مضيئة في فضاءات الأنسنة وجنبات التأريخ البشري ، ولا للفكر الظلامي إنها ثمة وصفة انتحار للأمة .
ولا --لأعداء حرية الرأي لكونهم يبصمون كل يوم تصريحاً للقتل العمد، إن شواهد التأريخ المنصفة (لتوق) الشعوب للحرية سُجلتْ لأبطال مناضلين سحقوا بطرق وحشية وبقيت أرواحهم وأفكارهم مخلدة أبد الدهر تاركين بصماتهم بارزة في أرشيف السفر البشري أمثال - الفيلسوف سقراط واليسوع ولوركا والأمام الحسين بن علي (عليه السلام) والحلاج ومحمود محمد طه والدكتور على شريعتي والمناضل اليساري العراقي كامل شياع.
الخاتمة: ولتعلم مقصلة الكلمة الحرة إن التعبير عن الرأي حقَ مشروع ومكفول ليس امتياز تمنحه الدولة لمواطنيها وإن حق التعبير والاعتقاد يعتبران الرافعة الأساسية للديمقراطية، وكل الحقوق والحريات مكفولة في الوثائق الأممية، تشير بلا للفكر الظلامي لكونه وصفة انتحار للأمة ولا لحرية أعداء الرأي لآنهم يبصمون كل يوم تصريحاً بالقتل العمد ونعم لحرية الفكر والرأي وإن اختلفت مقصلاتهم.
المعطيات السلبية التدميرية لحجب قوانين حرية الرأي:
-انتهاك سافر لقيم الديمقراطية وحقوق الأنسان
- يعتبر إفراغا لمبدأ التعبير من محتواه الإنساني
- تكريس ألغاء حرية الفكر تقوية لسلطة الحكومات الفاشية والراديكالية