في بعض الاحيان يرسل لي بعض القراء الأعزاء رسائل يؤنبون فيها "جنابي" لأنني أثير حالة من الكآبة والسواداوية في مقالاتي، وهم يلومونني لأنني أستغل هامش الحرية وأسخر من السياسيين والمسؤولين الذين وضعوا العراق في مصاف الدول الكبرى .
أنا آسف أيها الأعزاء، فربما ما يكتبه "جنابي"، مجرد أوهام أعتاش عليها.. فهل من المعقول أن لا أرى المنجزات التي حققتها حكوماتنا الرشيدة، وكيف تسنى لشخص مثلي فاقد البصيرة أن لا يدرك حجم المشاريع العظمى التي تحققت منذ ان اعلن مشعان الجبوري انه مقاوم حتى النخاع؟
يمكن للقارئ العزيز أن يطلق عليّ صفة "الناكر للجميل" لأنني أتمتع بالديمقراطية، وأشرب الحرية العراقية مثلما أشرب عصير البرتقال، ديمقراطية مفيدة ومنعشة وتساعدك على أن تواجه مصاعب الحياة وتتمتع مع قانون العطل الرسمية الذي لا يزال متوقفا عند احداث القرن الهجري الاول. وربما يقول قارئ عزيز إن ما تكتبه وتقوله يعيشه الناس كل يوم، يشعرون به ويتألمون منه، وربما لو أُتيحت لهم فرصة التعبير لقالوا أكثر مما نقوله ونكتبه.
سيسخر مني البعض حتماً ويقول: يا رجل؛ السياسة في العراق مادة دسمة للكتابة الساخرة، ولكن ياسادة ياكرام، سوف يظل الفارق كبيراً في الحجم بين ما نكتبه، وسخرية بعض النواب الذين دخلوا البرلمان باعتبارهم ممثلين لشباب تشرين، لنكتشف بعد ذلك انهم من ألد الاعداء لكل تحرك جماهيري يطالب بالعدالة الاجتماعية والخدمات.
محزن أن تظاهرات الشباب في بغداد ومدن الجنوب وسعيهم للإصلاح ينتهي أمرها بأحاديث مضحكة عن المؤامرات، لان البعض يؤيد ان يظل رموز الديمقراطية العراقية جاثمون على الصدور!!، السخرية من مطالب الناس هي الحقيقة الوحيدة الثابتة حتى وإن حاول البعض الضحك علينا بتصريحات وشعارات عن الإصلاح ومحاسبة الفاسدين، فيما أثبتت الوقائع أن معظم مسؤولينا يسعون كل يوم إلى أن يقودوا البلاد والعباد إلى هوة سحيقة.. لقد اتضح للجميع أن لهذا الشعب خصمًا واحدًا، يجلس تحت قبة البرلمان الآن، يمارس العبث والصراخ.
هكذا تحولت الديمقراطية في العراق من ممارسة حضارية تستند إلى القانون، ووسيلة لخدمة الناس إلى حروب تضع البلاد في قاع الهمجية والتخلف والعصبية الطائفية، عروض ملت منها الناس، لأنها؛ حولت مجلس النواب الذي أراد له العراقيون أن يكون مكانا يجتمع فيه ذوو الكفاءات والخبرات، إلى مزاد للمناصب وعرض سيّئ للاصوات العالية .
لم نفِق من المؤامرة الإمبريالية التي استكثرت علينا أنّ عالماً "جليلاً" مثل إبراهيم الجعفري وضع أسس الفكر الحديث في العراق، وأن علاّمة مثل صالح المطلك أكمل المسيرة بكلّ حرفيّة، حتى خرجت علينا منظمة "عميلة" أخرى هي منظمة الشفافية العالمية التي وضعتنا في سلّم الدول الأكثر فساداً إدارياً ومالياً.