الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
سمو شباب تشرين… مهانة أعدائهم!

   سقطة النائبة البرلمانية عالية نصيف جاسم مدوية، ليس فقط لأنها أساءت لتضحيات عراقيين، مثلوا أسطع ومضة مضيئة في التاريخ الوطني العراقي الحديث وبالخصوص فترة ما بعد سقوط نظام الدكتاتورية البائد، بل لأنها عكست الحقد المكنون لأحزاب سلطة قتلت بوحشية وبدم بارد شباب عزل، من أبناء جلدتهم، طالبوا بحقهم في وطن يحتويهم ودولة مواطنة مدنية، تطمّن مطامحهم وتحفظ حقوقهم.

   بادعاءات السيدة النائبة الافترائية ضد الانتفاضة وشبابها، فضحت حقيقة وجه الطرف الثالث القبيح، وأنه من جنس أحزاب السلطة وأسلوب تفكيرها.

   اعتذارها لاحقاً لا قيمة له، ولا يمكن تصديقه، فهي محامية قبل أن تكون نائبة برلمانية وذي تجربة سياسية في حزب الدعوة ( دولة القانون )، مهنتها تستوجب معرفة عالية باللغة وتعابيرها، تختار الكلمات وتوزن الكلام، لتوظيفها في الإقناع، كما أن تعاطيها السياسة يجعلها ضليعة في التحليل وصياغة الأفكار. أي أن تصريحها لم يكن مجرد هفوة أو سقطة أو زلة لسان، انما هي قناعة راسخة معشعشة في وعيها الباطن، خصوصاً وان هذا الخطاب الحاقد على الانتفاضة وشبابها هو موقف سياسي روتيني معتمد تلوكه أفواه قادة الإطار التنسيقي الشيعي والميليشيات التابعة له، ومن يطبل لهم من معممين و أفندية… لسان حالهم يقول : " عض قلبي ولا تعض سلطتي ". وسبق أن صرح أحد قادتهم : " لن نسلمها للزعاطيط " ! وكأن الشعب أراد القضاء على مدينتهم الفاضلة !

   لذا لا غرابة بأن تجمع النائبة البرلمانية عالية نصيف جاسم، كما هي عادتهم، في سلة واحدة شباب انتفاضة تشرين الشعبية 2019 المجيدة بأفقها المدني التنويري مع نقيضها من مخرجات وإفرازات تقيأتها عصور الظلام وعقد الطوائف - داعش والقاعدة ثم تقوم بوضعهما معاً في خلّاطها المحاصصي البائس.

   خلطة العطار هذه التي أرادتها، مسمومة وذات عطن يزكم الأنوف ! نحتاج غربلة ونخل لهذه الخلطة وفرز تباين قيم وأفكار وآفاق شباب الانتفاضة وأعدائهم من التكفيريين والطائفيين وذيول الأجانب.

   وقبل كل شيْ من مع من ؟ والقواسم المشتركة بينهما.

   الانتفاضة وشبابها أرادوا وطناً حراً بينما أعدائهم من الطرفين لا يعترفون بالأوطان.

   شباب الانتفاضة وطنيون عراقيون قلباً وقالباً بينما أعدائهم، أما من شذاذ الآفاق أو ذيول للأجنبي.

   رفع شباب الانتفاضة اسم العراق عالياً، وسطروا تاريخاً مجيداً للعراقيين جميعاً, بينما اعدائهم جاؤوا له بالهوان والخوّر والتفريط.

   شباب الانتفاضة وحدوا المجتمع في ملحمة شعبية مجيدة، بينما أعدائهم قسموا المجتمعات ومزقوا الأوطان.

   شباب الانتفاضة مدنيون يريدون دولة مواطنة تحتضن الجميع، بينما أعدائهم أسسوا لدولة بلون طائفي و قيمي وسلوكي إرهابي واحد مقيت.

   شباب الانتفاضة تنويريون حداثيون، نهضوا بالوعي والثقافة والسلوك، بينما أعدائهم ماضويون متخلفون، همجيون، أعداء للفكر والتفكير.

   أطلق شباب انتفاضة تشرين مهرجان احتجاج ورفض شعبي عارم مضاد لمناهجهم وسياساتهم في العزل والتهميش، وإرادات تركيع الشعب. لهذا قرروا اغتيالها جسديا ومعنويا.

   شباب انتفاضة تشرين أطاحوا بكل مسلماتهم التكفيرية والطائفية والفئوية، بينما هم أرادوا تكريسها بالذبح والتنكيل والتشويه.

   شباب الانتفاضة سلميون، ولطالما صدحت حناجرهم أمام القوى القمعية : سلمية… سلمية ! بينما يشحذ أعدائهم المدي وتكدس بنادق القنص و دخانيات فلق الرؤوس، والسيارات المفخخة والعصابات المسلحة والميليشيات.

   شباب الانتفاضة لم يهتفوا لأجنبي دخيل بينما أعدائهم كانوا صنيعة الغرباء ورافعي راياتهم ومنفذي أجنداتهم.

   خرجت عن هذه الغربلة، صورة واضحة للحقيقة :

   الكل سيدرك أن فكر وقيم وسلوك شباب الانتفاضة في صراع تناحري مع فكر أعدائهم المأزوم.

   تلتقي القاعدة وداعش وأحزاب الطائفية السياسية الشيعية وكل اسرى غوانتانامو الهوس الديني، في مواضع جمة، تجمعها قواسم مشتركة… فهي تتفق على ايديولوجية الكراهية ومفرداتها بتطابق تام.

   وبمجرد حذف تفصيل طائفي هنا او فقهي هناك… أو رفع طراطيش عقائدية - روافض ونواصب - تتكشف لنا طبعة واحدة بنسختين…

   الظروف السائدة في لحظة معينة وبيئة ما، قد تظهر التباين في التطبيق، ولكن قلوب الغل والحقد الأسود هي ذاتها مع توافق في تكفير من لا يستظل بظلالها القاتمة.

   كما أن من أخطر اتهاماتها، المحملة بسميّة عربيد وحقد عقرب صفراء، لشباب الانتفاضة، العلاقة بمشروع صهيو - أمريكي مزعوم... وهو تخرص باطل وهذيان ادراكي، لأن مطالبهم وطنية داخلية بالتمام !

   انها بهذا التصريح تحرض علناً على القتل والتنكيل…

   وليس أمراً خافياً أن أحزاب السلطة وقادتها، هم من جاؤوا " كجلمودِ صخرٍ… هدّهُ السيلُ من علٍ " على ظهر الدبابات الأمريكية، وليس غيرهم، وسلمهم الامريكان السلطة بطبق من ذهب .. وانجزوا ما لم يحلم أعداء العراق به، بعد أن دمروا البلاد وقدراتها وقسموا كعكتها بينهم واهدوها بأنفسهم كلقمة سائغة للصهاينة، ونالوا مكافأتهم بعدم التعرض لقياداتها الميليشياوية.

   لقد كان رد فعل شباب الانتفاضة وكل العراقيين على الافتراءات الأثيمة للنائبة إياها ومن يذهب مذهبها, في التوجه إلى ساحة القضاء، لردع واخراس كل متجاسر على أبناء الوطن وتضحياتهم من قبل ذيول الأجنبي، سارقي حاضر ومستقبل العراقيين وقاتليهم.

   … مرسومة بجلدنا ذيج الأنياب،

   الجرح لو طاب هم يترك نياشين !   .... الشاعر الكبير كاظم اسماعيل الگاطع

  كتب بتأريخ :  الخميس 22-05-2025     عدد القراء :  414       عدد التعليقات : 0